ربما الجميع تابع التطورات الامنية في صلاح الدين ، وربما طرحت الكثير من التساؤلات عن التوقف المفاجئ في العمليات العسكرية في تكريت ، والذي يبدو من خلال بعض التصريحات للقادة الميدانيين في تكريت أن هناك زخماً جديداً يضاف الى الخطط العسكرية يختلف عن السابق ، كما ان هناك آليات تختلف عما سبق ، خصوصاً مع تواجد اكثر من ١٠٠٠ ارهابي وأغلبهم من جنسيات مختلفة اغلبها من مصر والسودان .
بالمقابل تحاول القوات الامنية والحشد الشعبي الدخول الى قلب تكريت دون الأضرار بالبنى التحتية والممتلكات في تكريت ان تجربة الحشد الشعبي من التجارب المهمة والتي تُمارس في الدول التي تتعرض لخطر ارهابي وتحاول ان تحمي وجودها ومواطنيها بشتى الطرق ، واحدى هذي الطرق هو التشكيلات الشعبية التي تساند القوات الامنية في حربها ضد الارهاب ، لان هذا الحشد له غطاء ديني وسياسي رسمي ، كما ان هذا الحشد قد عبر عن نفسه قبل ان يتحدث الآخرون عنه في المواقف الوطنية والاسلامية المشرفة .
سابقاً تم تشخيص ان الحشد سوف يستهدف ، وفعلاً تم استهدافه بالكثير من التشوش والتشويه ، وربما هناك من يحاول الاساءة للحشد الشعبي من خلال بعض التصرفات غير المسؤولة والتي تأتي بقصد أو ربما من غير قصد ، وهي بذلك تسيء لتضحيات وشجاعة الحشد الشعبي الذي سخّر نفسه من اجل تطهير بلده من رجس الدواعش .
اليوم وبعد تحرير اغلب مناطق صلاح الدين سوى بيجي والشرقاط ، ربما سيصار الى الاتجاه نحو الموصل ، وهذا ما يحتاج الى وقفة جادة في الروية لهذه البوصلة ، خصوصاً والبلاد تعيش حالة الاحتقان مع وجود محافظات سنية محتلة من داعش ، انام حشدً شعبي شيعي ، مما يجعل الارضيّة خصبة لاثارة الشبهات والتشكيك واثارة الخلافات الطائفية ووضع العراقيل امام هذا التقدم ، مع وجود التحديات والتعقيدات على الأرض التي واجهت القوات العراقية وستواجهها في المستقبل القريب ما بعد تحرير تكريت، والتي ستكون مهمة للغاية لوضع خطط عسكرية فعالة لتحرير الموصل وتفادي بعض المفاجآت التي حدثت في تكريت أو لوضع خطط جديدة لإجهاض ما يفكر به تنظيم “داعش” من خطط لعرقلة تقدم الجيش وتأخير حسم معاركه ضد الارهابيين في محافظة نينوى لأن الجيش بالطبع أصبح أكثر دراية بطريقة تفكير الارهابيين وطريقة تصرفهم خلال الهجوم البري المرتقب ضدهم .
ما يهم في معركة الموصل، هو أن تكون القوات الامنية المشاركة في التحرير يجب ان يكون حرصها اكير وابعد بكثير مما حصل في تكريت لسبب وجيه وهو اننا نريد كعراقيين نتائج باهرة للقضاء على الارهابيين ونريد مرحلة مختلفة لعراق ما بعد تكريت والموصل والأنبار، بمعنى انه يجب أن يكون الهدف الحيوي للحكومة العراقية هو اعادة تأهيل العراق والعملية السياسية فيه الى مستوى استثنائي من المصالحة والاندماج والتعاون والتكامل والتنمية بعد خوض كـل هذه المعارك العسكرية ، والبدء بالمصالحة الوطنية والتي يجب ان تتسق مع هذه العمليات من عنصر قوة وليس ضعف ، حماية للمشروع الوطني والعملية السياسية الجديدة .