جملة واحدة خبيثة من الرئيس الأمريكي بوش قالها عبر الإعلام، “إن مشكلة العراق والكويت مشكلة عربية ولا دخل لأمريكا بها” وقد استلمها صدام على إنها ضوء أخضر لاجتياح الكويت، وكانت هذه الجملة كفيلة بتدمير العراق ودول الخليج وخسارة مئات المليارات من الدولارات، وتدمير كل البنى التحتية للعراق والكويت، بعد أن خاضت دول الخليج والعراق حرب مدمرة لثمان سنوات مع إيران، واليوم التاريخ يعيد نفسه مع رئاسة أوباما وبصورة أكثر وضوحاً.
ففي مقابلة للرئيس الأمريكي أوباما مع توماس فريدمان الكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” نشرته يوم الأحد 5/4/2015 ، نقتطع منه فقط ما يخص موضوع مقالنا والذي يخص منطقتنا العربية والإسلامية وما يحاك لها من مؤامرات أمريكية واسرائيلية خبيثة.
فقد تناول الرئيس أوباما الوضع السياسي الداخلي لدول الخليج وقال أن السخط الشعبي داخل هذه الدول أخطر عليها من خطر إيران، وعليها أن تعالج هذا الأمر، وقال أن سبب هذا السخط هو إحساس الشباب بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، وهذا كلام عام ولم يدخل في تفاصيل الانتهاكات المروعة التي ترتكبها هذه الدول بحق شرائح واسعة من شعوبها، ولكنه ناقض نفسه عندما تناول الانتهاكات التي تحصل في سورية فقال عليهم أن يكونوا أكثر فعالية في معالجة الأزمات الإقليمية، وقال: أعتقد أنه عند التفكير بما يحدث في سوريا على سبيل المثال، فهناك رغبة كبيرة لدى دول الخليج لدخول الولايات المتحدة هناك والقيام بشيء ما، لكن السؤال هو : لماذا لا نرى عربا يحاربون الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب ضد حقوق الإنسان أو أن يقاتلوا ضد ما يفعله الرئيس السوري بشار الأسد؟!!.
وهذا يعني أن أوباما ومن خلال هذا اللقاء يعطي الضوء الأخضر لدول التحالف العربي الجديد لخوض حرب في سورية كما يحصل الآن في اليمن والذي كان بموافقة أمريكية 100%، ومن المؤكد عندما تصل الأمور إلى هذا المستوى من التحدي، فان محور إيران العراق وسورية سيدخل الحرب بصورة مباشرة ضد هذا الحلف العربي الجديد.
وهكذا تستمر أمريكا في مشروعها الجهنمي في إغراق المنطقة بالحروب والصراعات الطائفية لإنهاك كل الدول المحيطة بإسرائيل ومن ثم تقسيمها على أساس طائفي وقومي، ومن دون أن تخسر ولو جندي أمريكي، ومن دون أن تخسر ولو دولار واحد، بل بالعكس سينتعش اقتصادها من خلال استمرار انهيار أسعار النفط، وتنتعش المصانع الأمريكية التي تنتج الأسلحة! فهل يعي العرب والمسلمون هذا الخطر الذي يتهددهم جميعاً ومن دون استثناء؟ نشك في ذلك وتجربة صدام والقذافي وزين العابدين ومبارك خير برهان، فكلهم كانوا يحسون بالخطر ولكن جهلهم في تقدير الأمور، وخيبتهم في السياسة جعلت مصيرهم ما آل إليه، ولكننا نتحدث هذه المرة عن مصير دول وشعوب وليس مصير رؤساء في الحرب القادمة ومكانها كل منطقة الشرق الأوسط، ولن تقتصر في أرض وأجواء سورية فقط.