بالنسبة الى الجزء الاعظم من تاريخ البشرية ، كان البشر ينظرون الى السماء ، ويرون الشمس والقمر والنجوم والكواكب تدور حول الارض ، ان هذه الفرضية الاساسية المستندة الى الملاحظة اليومية ، شكلت مفهومنا الشخصي كصنف من اجناس البشر ، وكذلك تفسيرنا لكل شيء من حولنا .
للاسف كانت تلك الفرضية خاطئة بشكل كلي .
لقد سمح التقدم في كل من تكنلوجيا المراقبة والفهم العلمي ان يرى الناس اولا ، وفيما بعد بكثير ان يتقبلوا الحقيقة ، وهي ان الارض لم تكن مركز الكون ، بل كانت بقعة في كون آخذ في التوسع والاتساع ، كوكب معقد وآخذ في التقهقر .إننا لسنا مركز الكون .
يجدر بنا التفكير للحظة بحقيقة ان الدليل على هذه الحقيقة العلمية كان موجودا ، لكن الناس لم يدركوا ذلك الدليل الا حينما سمحت لنا مفهومات مثل الجاذبية ان نتخيل امكانية المدارات . يحول الفهم الجديد الملاحظة الى ادراك ذي معنى . من دون هذا الفهم ، فان ما يلاحظه المرء يمكن ان يتم تفسيره بشكل خاطىء وجذري . يمكن للفهم الجديد ان يغير تغيرا جذريا وكليا الطريقة التي نرى فيها الحالة . وكيف نرى فيها مصلحتنا الشخصية طبقا لذلك ، فالمفهومات تحدد التعاليم والمبادىء ، وغالبا ما تشوهها .
اكتب هذه المقدمة وانا اشاهد مقطع الفيديو الابرز في هذا الاسبوع في مواقع التواصل الاجتماعي ..الفيديو الخاص بحوار وزير الخارجية العراقي السيد الجعفري على قناة دريم 2 المصرية والذي فند فيه الفرضية الطائفية الخاطئة في ذهن الكثير من العرب والمستندة على الحكم المسبق والملاحظة السطحية غير الموضوعية ،الجعفري وبجدارة عقلانية ألقم ليس فم مقدم البرنامج فحسب ، بل ألقم فم كل من يتحدث بهذه الفرضية حجرا عندما قال له ( لا تحملني اسقاطاتك الذهنية ، اتشرف ان اكون غير طائفيا ولكن اتشرف ان اكون شيعيا كما اتشرف بك سنيا اذا كنت سنيا ) وافاض قائلا بسؤال غاية في العقلانية والواقعية : نعتبر مصر شقيقتنا ونحن في قارتين ، فلماذا لا تكون لدينا علاقة بايران وبيننا ١٤٠٠ كيلومتر على الحدود ؟ الجعفري تحدث عن استحقاق الجوار بوعي برغماتي وقال نتعامل مع كل دول الجوار على اساس المصالح المشتركة بيننا وبينهم .
العراق ليس فارسيا ولا عثمانيا لا وهابيا ولا شافعيا لا هاشميا ولا امويا ، العراق مركز المنطقة تدور حوله دول الجوار ، كفو عن اسقاطاتكم الذهنية الضيقة وتقبلوا هذه الحقيقة ان العراق عاصمته بغداد لا شيراز ولا اصفهان .