يقول ألله ألعزيز ألحكيم في كتابه ألكريم : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (سورة محمد آيه 24)
لقد إعتادَ ألانسان منذُ بداية ألتاريخ أن يُقدس ألظواهر ألطبيعية ألتي لايجد لها تفسير, و يصنع لها أصناماً, و يجعل لها آلهة يُقدسها, و ينذر له ألنذور و بذلك هو يغلق هذه ألمواضيع ألذي تؤَرقَهُ بأصنام. لقد إحتار بألشمس و غابَ عنه كُنهها فوضع لها صنماً و سَماه إله ألشمس و كذلك ألمطر, لقد خاف من ألريح و جهل سَببها فوضع لها صنماً و سماه إله ألريح, و هكذا تَعَدَدَت آلهته بعدد ألظواهر و ألمواضيع ألتي لا يجد لها تفسير و بالتالي وضع لكل إله يصنعه في ألخارج قفلاً على عقله يمنعه من ألتفكير, ليرتاح و أخذ يعادي كل إنسان يحاول أن يفتح هذه ألاقفال. إنه تصرف طبيعي و مفهوم, لأن هذه ألاصنام و مايقابلها من أقفال صنعها ألانسان ليرتاح من أسئلة تؤرقه و تُنَغص عليه حياته ولا يَجد لها أجوبة و بالتالي من يريد أن يَكسرها, يريد أن يعيد إليه أرقه و بالتالي يَفقده ألراحه و ألأمان.
بمرور ألأيام أصبح لهذه ألأصنام طبقة من ألكهنة و ألخدم و ألسدنة تعتاش على ألنذور ألتي يقدمها ألناس لهذه ألاصنام. لقد أصبحت هذه ألطبقة من ألقوة و ألغنى و ألسلطان من أركان ألدولة ألمؤثرة في سياستها و قد استفاد ألسلاطين من نفوذها و سيطرتها على ألناس وقد امتد نفوذها الى ألسلطان نفسه, فبدأت بتنصيب ألسلاطين و عزلهم, و قد أصبحت إحدى أدوات أستعباد ألناس ألتي بَنَوا هُم أصنامها, و قد أصبحت هذه ألطبقة ألمستفيدة من ألاصنام وألاقفال ألعقلية, عائق آخر امام فتح ألاقفال.
لقد جاء ألنبي محمد عليه ألسلام بألاجوبة ألعقلية و ألمنطقية لهذه ألمواضيع و ألأسئلة, لقد حطم ألاصنام ألخارجية ألظاهره للعيان أما ألداخلية ألمتمثلة بألاقفال ألتي على ألعقول فهذه لا يمكن رؤيتها و تركها لحرية ألانسان فمن شاء حطمها و من شاء أبقاها مقفله, “وقل ألحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر”.
بعد وفاة ألرسول عليه ألسلام و بفترة قصيرة و بعد أن خَفَ بريق ألرسالة ألمحمدية و بوجود من لم تحطم أقفالهم, عاد بعض ألناس إلى مهنتهم و مهنة أبائهم ألقديمة في بناء ألأصنام ولكن بطريقة و لَون جديدان مستغلين ألحديث ألنبوي ألشريف و إمكانية ألاضافة و ألتحريف في ألاحاديث ألمَرويَة على ماقاله و فَعَلَه ألرسول ألكريم مدعوماً بألنوايا ألخبيثة للحكام ألمستبدين, من وضع أحاديث و أفعال عن ألرسول عليه ألسلام لم يقلها و لم يفعلها, و لا أبريء ألذين خارج دائرة ألسلطان من فعل ألشيء نفسه كردود أفعال لما يفعله ألمقابل فيضيفوا ما يَحلوا لهم. بمرور ألزمن أصبح هذا ألمضاف كألصحيح مقدساً و أصبح له حماته و سدنته ألمستفيدين من وجوده و أصبح حكمه حكم ألصنم و أصبح له أقفال في عقول ألمعتقدين به, و ألويل كل ألويل للذي يحاول أن يتعرض له او ينتقده. لقد أبدلوا ألصنم بألمقدس و أصبح له سدنته ألذين يتهمون كل من أن يحاول أن يَكسر ألاقفال بألضال ألمضل شعارهم: إنا وجدنا آبائنا على أمة و إنا على آثارهم مهتدون.
لقد أجمع علماء ألاسلام على إن ألايمان بالله سبحانه و تعالى ألذي هو ألاصل ألأول من اصول ألايمان, لا يتم بتقليد ألاباء و ألاجداد و حتى ألفقهاء و انما يجب على كل انسان أن يتوصل بعقله ألى وجوده سبحانه و لا يوجد مقدس او قفل لا يُفتَح أمام عقل ألانسان لمعرفته حق ألمعرفة.
سئل ألامام علي(ع): هل رأيت ربك يا أمير ألمؤمنين؟ فقال (ع): أفأعبد ما لا أرى؟ فقال: و كيف تراه؟ فقال: لا تراه ألعيون بمشاهدة ألعيان, و لكن تدركه ألقلوب بحقائق ألايمان.
هل يستطيع ألقلب أن يتحرك في فضاء ألمعارف ليصل الى أليقين بدون فتح ألأقفال؟ و هل يمكنه ألابداع كما نلاحظه في المجتمعات ألمتحضره إلا بنبذ كل مقدس مزعوم. لايوجد مقدس إلا بما يقول ألعقل بتقديسه, و لا يُعرَف ألمقدس بسدنته و ألمنتفعين منه.
على كل من يَنشد ألحقيقة عليه أن يفتح أقفال عقله و لا يخضع لمقدس بدون ادراك و وعي, لينطلق بمسؤليته في أن يكون خليفة ألله سبحانه, فالله سبحانه يحب ألمقلدين لصفاته في ألخلق و ألابداع لا يمنعهم ما يصنعه ألبشر من مقدس و أقفال, و بذلك يصدق عليهم ألحديث ألقدسي: عبدي أطعني تكن مَثَلي تقل للشيء كن فيكون.
عبدألرسول ألحلفي