فيما يبدو أنه غياب للشرعية في مصر، ونقصد هنا تعطيل للدستور والبرلمان، يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي بتجربة الدخول في المستنقع اليمني الذي وقع فيه سلفه جمال عبد الناصر، بعد تدخله السافر ما بين عامي 1962 و1970، الذي راح ضحيته آلاف الجنود المصريين بدون طائل، إلا إرضاء لرغبة المملكة العربية السعودية، خوفا من وجود دولة شيعية على حدودها الشرقية؛ والتي تمثل أهمية إستراتيجية لما يمر من مضيق باب المندب، الذي تطل عليه اليمن من إمدادات النفط للعالم، والتي تمثل ما نسبته 4% من الطلب العالمي يوميا.
صحيح أن الإقتصاد المصري متهالك ومنهار، لكن هذا لا يعني رمي الجنود المصريين في أتون حرب لقاء مليارات من الدولارات تدفعها دول الخليج، لقاء وقوف مصر الى جانب هذا الدول لوقف المد الشيعي الذي إقترب كثيرا من حدود المملكة العجوز.
تبدو الحرب على أنصار الحوثي الدائرة منذ أكثر من يومين، حرب تحمل بين ثناياها طابع طائفي، أكثر منه دفاعا عن الشرعية التي يتشدق بها أنصار هذا المنحى، ذلك لأن السعودية وهي الراعي الرسمي لهذه الحرب؛ كونها دخلت الى الحرب بقوة تقدر بمائة طائرة مقاتلة وأكثر من 150 ألف جندي أحست بالخطر يدق على حدودها الشرقية، مع ظهور أتباع عبد الملك الحوثي كلاعب مؤثر في الشارع اليمني، وما يمثلونه من إمتداد للمد الشيعي في العراق، ومن قبله في لبنان وإيران، هذه كلها أسباب تدعو السعودية لأن ترمي بثقلها وتدخل بدون مواربة الى قلب الصراع الدائر حاليا، لأنه تعرف بأن إنتصار الحوثيين ومن قبلها إنتصار الشيعة في العراق، يعني بمقتضى الحال قيام حركة في المناطق الشرقية من المملكة العجوز.
إذا ما علمنا بالمشاكل الحدودية بينها وبين اليمن فيما يخص مناطق نجران وجيزان وعسير الغنية بالنفط، والتي تخضع حاليا الى السلطات السعودية، والمشاكل التي يسببها الشيعة للوضع الداخلي السعودي خاصة ولدول الخليج عامة، نعرف هذا التكالب على حرب الحوثيين وبذخ الأموال الطائلة لإسقاطهم، لكنهم نسوا أو تناسوا أنهم كمن يدوس على عش الدبابير، أما الحرب الدائرة الأن بأموال خليجية وبجنود مرتزقة من مصر والباكستان، فهي لا تعدو أكثر من بالون إختبار، يراد منه معرفة قدرة الحوثيين على المطاولة والإستمرار في الحرب، عندها فقط سيتراجع العدوانيون عن فعلهم المشين، ويعلمون أنهم أمام رجال يعلمون أن الحقوق لن توهب؛ بل تؤخذ بالقوة مهما طال الزمن.