23 نوفمبر، 2024 6:58 ص
Search
Close this search box.

الرقصة الغجرية في حرب نجم والي

الرقصة الغجرية في حرب نجم والي

في نشوة الانغماس في شهية الكتابة عن تجربة روائية رائعة لصديق يشاركني بهجة السفر بالمشاحيف ، وأقصد صديقي العالمي ( نجم والي ) الذي عشت معه متعة سفره السريالي في عالمنا المشترك حيث ملائكة الجنوب وهم يتوارثون معنا نواح الحلم والحرب وتذكر اطلال ما تركناه هناك. وحيث يؤسس مع خواطر ( نعيم المندائي ) أطياف متعة تناول سيجارة المارلبورو في مساء بغداد يحذرنا مثل عراف بأن المارينز يقتربون من بوابة عشتار أمام المتحف العراقي في علاوي الحلة.
كتابي عن نجم والي والموسوم ( نجم والي ..حرب المعدان والألمان ) يؤسس لاكتشاف عطرا جديدا لذكرى صباحات السنونو وطيور الحِذاف والخضيري وعصافير حدائق البلدية والمكتبات العامة ، لهذا عليَّ أن أشرك معي رؤية تلك المساءات التي كان شغاتي ينتظر فيها مجيء الغجر السنوي الى القرية ليصلحوا له سنهُ المكسور أثر ارتطام وجهه بمقدمة المشحوف عندما قفزَ هلعا من دوي المدافع النمساوية التي استقرت غير بعيد عن أم شعثه لتعالج اهدافا لمعدان متمردين رفضوا الالتحاق بالخدمة العسكرية والذهاب ليكونوا جنود استمكان كما ابطال رواية نجم والي ( الحرب في حي الطرب )
الأن ونحن ننتظر الغجر الآتين بمشحوف ركابهُ (سلامه الغجرية وزوجها مبخوت ، وأبنتهما نعسه ، واخيها لوركا ) وهو ما اطلقته عليه انا لأنه يشبه لوركا تماما بالرغم من أنه يضحك ويستغرب حين نناديه بهذا الاسم وأسمه الحقيقي ( ريسان ) ، وهو لا يعرف من هو لوركا ، ولو عرفه لأفتخر وهو يدركُ أن ملامحهُ تمت بصلة الشبه لوجه شاعر الغجر الاسباني غارسيا لوركا.
وحين يصل مشحوف سلامه ، تختار لها مكانا في باحة القرية ، فالمعدان لا يدخلون الغجر الى بيوتهم لاعتقاد يقول :انهم اطباء ولصوص وصانعي متعة محرمة للرجال ، لهذا تكتئب النساء حين يجيء الغجر الى أم شعثه ،ليس لإصلاح سن شغاتي المكسور بل لعمل التمائم التي يطلبها منهم الرجال دون علم نساؤهم ، وأيضا لسماع صوت ربابة ( لوركا ) في محاولة منه لدفع المعدان للطلب من اخته نعسه لترقص ، لكن لا احد يطلب منها ذلك.
اجلس الان على ضفاف الرين ، يصلني بعضا من عطر التتن الذي يضعه غونتر غراس في غليونه الجالس ربما في مقهى قريبة من هنا .
أتخيل لحظة قرار أعلان جنود ( نجم والي ) خوض حربهم في مدينة الغجر المسماة ( حي الطرب ) ، حيث تسكنني رغبة بأرسال الرواية الى صديقي الطيب شغاتي عامل الخدمة في مدرستنا ، ليس ليصلح سنهُ المكسور بعد أن حزن كثيرا لأن سلامة لم تعد تزور القرية بعد طعن بطنها خنجر عشيق رفضت أن تعود الى فراشه لعلمها أنه يجامع اخت زوجها ( فهيمه ) ، وحتما سيكتشف في رواية نجم ما اكتشفه في ايثاكا ، ليعرف أن من بعض الوصول الى المدينة الحلم قد يكون رقصة غجرية . وحتما سيصل معي الى قناعة اول قراءتي للرواية عندما تمنحكَ الإحساس الغامض والشهية الممنوعة واقتراب الفجر وتلك الوجوه التي تمسك قناعتها بأن الحرب لم تكن في يوم ما سوى قدر سيء ابتدأه أحد اولاد آدم حين شج رأس أخيه بحجر.
أتخيل واحدا من أبطال الرواية في فصلها الختامي وهو يكاد أن يتقيأ ، الخمر في جوفه ونهدي الغجرية بين شفتيه.
الان المنفى يشج رؤوسنا بحجر الحنين ، ولم يعد الغجر يزورون خيال الذكرى بصوت الربابة ، وشغاتي يسكن القبر الآن ولا ادري أن صار يذهب الى طبيب أسنان بدلا من انتظار الطبيبة الغجرية ( سلامة ) .
الذي افعله واناي في مهجري من أجل استعادة تلك البيئات التي حملت وجه لوركا وموسيقى خصر ( نعسه ) هو أن اعيد قراءة رواية ( الحرب في حي الطرب ) لصديقي ( نجم والي ).القادم من اهوار عماريا.!

أحدث المقالات

أحدث المقالات