23 نوفمبر، 2024 10:05 ص
Search
Close this search box.

دروس في التعايش

عرف عن العراق بانه بلد المحبة و التسامح ،و هو أهم ما أمرنا به ديننا الحنيف ويحمل في طياته الحضارة ، وموطئ نزول الأنبياء ، والشموخ الانساني الكبير ، يتسامق معانقاً فضاءات الامل ، ابنائه كانوا ومازالوا متوحدين ، يعلمون الدنيا إبجديات التعايش الذي أمتد عشرات القرون دون أن تطرق أبوابه مشاعر النبذ للأخر أو الكراهة لاحد ، المنطقة والعالم الان بحاجة ليقفوا ضد هذا الفكر الضال وليعرف الذين ضلوا انهم لن يجنوا سوى الخيبة والضلالة ولن يجدوا من يقف معهم ولابد من الوقوف كالبنيان والجبل الشامخ ضد تطلعاتهم.
نحتاج الى خطوات حثيثة قابلة للتطبيق باتجاه ترسيخ التطبيع بين ابناء المجتمعات بكل مكوناتها ضد ثقافة كراهية الاخر ونبذ التطرف والتي لم تنشا من فراغ بل كانت نتاجاً للكم الهائل من الصكوك الطائفية التي دفعت وتدفع ولإعادة إنتاج مشاريع جبارة لذلك الهوس العرقي الذي ابتكرته ارادات شريرة وغذته وسائل إعلام موجه تدرج على النيل من الاخر وإقصاءه بطريقة فرق تسد وصولا الى توجيه الرصاص صوبه ، هذه الممارسات لم يكن لها وجود عند المواطن لتفريقه لاسباب تتعلق بالجنس أو الطائفة أو الدين أو العرق قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . 13حجرات، مخبراً للناس أنه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها وهما آدم و حواء وجعلهم شعوباً وهي أعم من القبائل .لكن الوضع الان تبدل وتغير وصرنا نعيش في منطقة تحرقها الحروب وتتناهبها إرادة الإقتتال بين أبناء المجتمع الواحد لغايات وأسباب لم تعد قاصرة على المصالح لدول فقط انما لشخصيات أو جماعات تستتر وراء تلك المشاريع الخبيثة اللحظوية لتعتاش على تجارتها الغبية وموائدها الفضفاضة قياساً بعمر التعايش ومدى الإنسجام واللحمة بين أبناء الشعب الواحد الموحد ليعبق به التاريخ مزهواً والذي يحسدوه الاخرين ومن هنا لابد من ان تتأثر بلداننا بمجريات الاحداث فيها وعليه يمر العراق بمرحلة خطيرة جدا وعلى حافة منزلق قد يؤدي الى نقطة اللاعودة اذ لم يتسلح بسلاح اليقظة والوعي والادراك بالمواطنة التاريخية الاصيلة التي تبتعد عن الانانية وبعكسه لا يمكن ان تكون هناك اي حلول ولا يمكن وضع اي حد لما قد يصيب العراق بسبب هذه الفتنة ،لعن الله من اوقدها ، والحرب الطائفية المستعرة والمحرقة التي تحصل الان لايمكن تجاوزها إلا بتفادي الموقف مع البلدان المجاورة لايقاف تمددها وسيكون الجميع مسؤولاً ومشاركاً في حينها عندما تستعر. المطلوب توحيد الرؤى لكبح ضالة الارهاب و إعطاء القدوة الحسنة عن سماحة الإسلام وطيبة المسلمين وقيمهم الإنسانية ورغبتهم في التعايش مع من أمّن لهم العيش الكريم .
هذ الأمر الذي قد يساعد الكثير من القوى الطامعة في العراق والمنطقة سياسياً واقتصادياً اللجوء الى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعض دول الاقليم التي تحاول اللعب على هذا الوتر من خلال التقرب إلى بعض الجهات السياسية عن طريق تقديم الدعم المالي والسياسي . الخطر يهدد الأمة وتطلعاتها ووجودها الحضاري وثرواتها الطبيعية، وهو خطر سياسي واقتصادي وثقافي وقومي وديني، مما يعني أن ان الكل معني ومطالب بمواجهة هذا الخطر الذي يجسّده العدو في ايجاد الإرهاب وتمويله وتدريبه وإرسال المجموعات الإرهابية والتكفيرية وعقيدتها الوهابية إلى المنطقة لنشر الفتن وهي السبب الرئيسي لعدم استقرارها و هو جوهر الاستراتيجيتين الأمريكية والصهيونية وعملائهما في المنطقة لتغيير وكسر إرادات الدول الوطنية ، وهو استهداف بشكل أساسي ضد محور الممانعة والمقاومة لتغيير توجهاتها ،لقد كشفت احداث السنوات الاخيرة المؤامرة الخارجية والحرب الكونية عن عمق العلاقات بين بعض دولها على عكس المنظومة الخليجية والتي تغيض الكيان إسرائيلي في المجالات السياسية والأمنية والمصالح المشتركة في الحرب الدائرة فيهاة الاوضاع والارضية في دعم الإرهاب التكفيري عدة وعدداً، لتشمر عن ساعدها في محاربة حركات المقاومة، وتمكنت من استبدال العدو الصهيوني بعدو مزعوم هي الجمهورية الاسلامية الايرانية الصديقة والداعمة الحقيقية للفلسطينيين وللعرب في مواجهة المشروع الصهيو- أمريكي في المنطقة . إنَّ النزعة التكفيرية والتطرّف دخيلة على الثقافة العربية الإسلامية الصحيحة والأصيلة،. و استطاع أعداء الأمة استثمار الدين لمصالحهم وإثارة النعرات الطائفية والعرقية لضرب الإسلام الصحيح، وتشويه صورته بوصفه رسالة حضارية للإنسانية جمعاء ، وقد نجح الإرهاب في وقت قصير في تنفيذ ما كلف به ، لتركيع الأمة وإبعادها عن قضاياه المصيرية بما يتيح للكيان الصهيوني المجرم بأن يحيا على ألارض الفلسطينية المحتلة في أمن وأمان، وهو الواقع الذي نحياه الآن بالفعل، ففي الوقت الذي تتساقط فيه دماء المسلمين في كل مكان فليس هناك من يقف في وجههم أو حتى ينتبه لما يفعلونه ضد المواطنيين العزل إلا من الايمان بقضيتهم.
و إنّ النخب الفكرية الدينية والسياسية والثقافية مدعوّة لإعادة بناء الوعي الشعبي في مواجهة الإرهاب والتكفيروتوصيد الابواب بوجه التشتت والتطرّف وتفتيت الدول العربية والاسلامية ومنها الى العالم الحرب على الإرهاب والحشد العالمي لمكافحته لا قيمة له إن لم يُبحَث عن أصل العلة للحسم في معالجتها ودراسة الأسباب والدوافع والخفايا والأبعاد والأسرار لاستئصالها واقتلاعها من جذورها .
إن الحديث المجرد عما يجري في العراق والمنطقة لوحده لايحل معضلة أو يطفيء نيران فتنة بل العمل هو المثابة الاولى التي يمكن الانطلاق منها .
إن الطريق نحو تحقيق السلام وارسائه يبدأ من خنق الاصوات التي تحرض على العنف والكراهية وترفع من مستويات الجريمة بشكل ماعاد مقبولا ونحن في القرن الحادي والعشرين.
إن قنوات الفتنة الطائفية ومواقع التواصل الاجتماعي غير المقننة في بلادنا والعالم صارت منابر لتجييش الجيوش وخلق إجيال تتبنى العنف وكراهية الأخر والنيل منه لهذا نعتقد إن استصدار التشريعات التي تحرم هذه التوجهات وتعاقب عليها سوف يكون له الاثر الايجابي البناء في إعادة خلق ثقافة التعايش والسلم المجتمعي بل والعالمي من جديد

أحدث المقالات

أحدث المقالات