23 ديسمبر، 2024 7:41 م

ما هو ثمن تسليح العشائر العراقية السنية ؟!‎

ما هو ثمن تسليح العشائر العراقية السنية ؟!‎

في خضم الدوامة العالمية الكبرى التي تدور على الأرض العراقية, حيث تدار الإحداث وبشكل احترافي كبير من قبل دول الاستعمار والاستكبار العالمي الشرقية والغربية, يذهب من العراقيين يوميا المئات ضحية لتلك الصراعات والحروب المفتعلة والمدارة من قبل تلك القوى العالمية, وفي الوقت ذاته يتعرض العراقيين لأبشع وأقبح أنواع الاستغلال, ففي الوقت الذي نشهد فيه وجود خفافيش الظلام, التي تعيش على سفك الدماء, نلاحظ هناك مخطط استكباري عالمي يريد أن يجعل من العراقيين خانعين راكعين ومسيرين لدول الغرب.

فبعد أن أصبحت القوى العالمية الغربية خصوصا أمريكا على علم ويقين بان أغلبية الشيعة في العراق هم منقادين لإيران, سعت تلك إلى أن تجعل لها وجود ونفوذ مشابه للوجود الإيراني, بمعنى مثلما يوجد عراقيين موالين لإيران يجب أن يكون هنالك عراقيين موالين لأمريكا, وبما أن أمريكا تعلم علم اليقين إن العراقيين العرب لا يقبلون بأي شكل من أشكال التبعية والانقياد, فمن أجل ضمان الركون لها على اقل تقدير, جعلت أهل السنة والمناطق الغربية الآن تحت مطرقة التنظيم الإرهابي “داعش ” من جهة وسندان المليشيات الشيعية الموالية لإيران من جهة أخرى, حيث التعرض لأبشع أنواع القتل والتهجير والترويع, مع قلة السلاح وعدم كفايته من حيث النوعية والكفاءة لمجابهة الإرهاب.

وبهذا أصبح موقف العشائر السنية ضعيف جدا ويمكن المراهنة عليه من قبل الأمريكان خصوصا بعد ما وعدوها بتجهيزها بالسلاح, فلا سلاح ولا قوة عسكرية تؤمن لهم الحماية فأين يلتجئون والى من ؟!  ومن هنا بدأت أمريكا تتلاعب بالأوراق في محاولة لكسب الرهان على العشائر السنية, وهي إلى الآن تمارس تماطل ولم تقم بتسليح العشائر من أجل أن تضغط بشكل أكبر كي تحصل على ركون اكبر وأكثر من قبل تلك العشائر لصالحها, وهذا هو احد أهم الأثمان التي تريدها أمريكا مقابل التسليح ” أعطيك سلاح تعطيني ولائك ” ونحن نشك بان أمريكا ستحصل على هذا الولاء لثقتنا ومعرفتنا بمعدن تلك العشائر العربية الأصيلة التي لا يمكن أن تساوم على عروبتها وحريتها بأي ثمن .

الأمر الأخر من مسالة التسليح العشائر السنية يردا منه خلق بديلا لــ ” داعش ” فحينما يتم تسليح تلك العشائر من قبل الأمريكان, فان القوى المضادة ” إيران” وغيرها وكل جهة أخرى موجودة في العراق تقوم بتسليح ودعم أدواتها واذرعها في العراق, وهذا ما يجعل العراق يصبح بلدا ملغوم بالأسلحة ويصبح اكبر حاضنة عالمية للمسلحين وينتج عنه مئات المليشيات والمنظمات الإرهابية وبالتالي سوف يكون هناك عذر لتواجد هذه الجهة وتلك الدولة وهذه الجهة وتلك الدولة بحجة محاربة الإرهاب ودعم الطائفة أو المذهب أو القومية الفلانية.

نحن مع مسألة تسليح العشائر السنية, وحتى غير السنية, لكن بشرط إن يكون هذا التسليح دون أي مقابل, من جهة ومن جهة أخرى يجب أن تسلح العشائر التي لا تدين بالولاء للجهات والحكومات الغربية أو الشرقية أو الإقليمية, لأنها ستكون أداة قتل بيد تلك الحكومات وليس أداة لحماية الأرض والعرض والمقدسات والأرواح.

ولعل رأي المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني الخاص بمسالة تسليح العشائر السنية والذي صرح به خلال الحوار الصحفي الذي أجرته معه صحيفة الشرق السعودية يوم الثلاثاء 17 / 3 / 2015م, ما هو إلا أرجح وأدق وأعمق وأصوب الآراء – إن كانت هناك أراء – بهذا الخصوص, حيث يقول …

{ … إننا ندعو لتسليح كل مستضعف لحماية نفسه وعِرضه وماله من الترويع والتهجير والسلب والنهب والقتل وسفك الدماء, ولابد ايضا من الملاحظة مَنْ الذي يسلّح القبائل؟وما هو ثمن هذا التسليح؟ وأي قبائل التي يُراد تسليحها ؟ هل المقصود القبائل التي تقاتل مع الحكومة الآن أو غيرها ؟ وهل المقصود تسليح القبائل من خلال الشيوخ التي تاجرت بمصير السنة ومصير الشيعة ومصير العراقيين جميعا فباعت كل المبادئ والقيم من أجل المال والواجهة فدمّرت العراق وشعب العراق؟

وإذا سُلِّحت القبائل من هذه الجهة وسلّحت تلك القبائل من تلك الجهة وسُلّحت المليشيات من جهة ثالثة، وقوى التكفير من جهة رابعة وغيرها من جهة خامسة، وكما هو المعلوم فإن الجهات الممولة والداعمة متصارعة، فسيبقى ويبقى ويتعمق أكثر وأكثر القتال والتقتيل وسفك الدماء والتنكيل والتمثيل بالجثث وحرقها والترويع والتهجير وسلب ونهب الأموال والاعتداء على الأعراض.

والسؤال المهم هنا، إن أبناءنا الأعزاء أبناء العشائر ممن يُراد منه أن يحمل السلاح للقتال هل سيرضى بالتسلح وحمل السلاح والقتال؟؟ فإن كلاً منهم سيسأل وأنا أسال نيابة عنهم: سيقاتلون ضدَّ مَنْ؟ وَمَعَ مَنْ؟ ومن أجل مَن؟ ونتيجة القتال والاقتتال ستصبّ في مصلحة مَنْ؟ وإذا حصل النصر على هذا العدو فالبديل مَن؟ …}.