مرت علينا قبل ايام مناسبة عزيزة علينا جميعا ، فجميل ان يحتفل العراقيون بعيد المعلم .. وان يخصص يوم يُحتفل به سنويا ويُحتفى بالمعلمين والمدرسين وأساتذة الجامعات وكل من علم العراقيين وأبناءهم حرفا ، كيف نحتفل بهذا اليوم ؟ .. المعلمون في كل العالم لهم مكانة خاصة .. هذه المكانة أتت من خلال دورهم ورسالتهم النبيلة في تعليم وتربية الأجيال ، إضافة الى انهم يقدمون مدخلات للمجتمع تظهر نتائجها لاحقا ودائما تكون المخرجات محسوبة .. لا تطور في أي بلد في العالم بغير التعليم ، ولا زيادة في القدرات من دون ان تكون هناك دروس وبرامج تطويرية ، لذلك يبقى دور الاسرة التعليمية متميزا ومهما وضروريا..
ماذا نكتب عنهم ..؟، باي الكلمات نستقبل يومهم ..؟ ، وكيف نصف عطاءهم ..؟ هذا كله كتب عنه وتناوله الكُتاب بإفاضة .. الا اننا اليوم بحاجة الى ان نتناول موضوعا اخر طالما ارق هذه الاسرة الكريمة ، واقض مضاجعها ، وجعلها في حيرة من امرها .. كيف نتصرف مع جيل قل لديه احترام معلمه.. وجيل افتقد للاخلاق التي تدعو الى اعتبار المدرس رسولا.. ان العنف الذي يتعرض له العاملون في القطاع التعليمي والتربوي من قبل الطلبة ، وليس العكس ، أي ليس العنف الموجه للطلبة .. بل ذلك العنف الموجه الى المعلم والمدرس من التلاميذ انفسهم. ونقصد هنا بعضهم ..
ففي دراسة اعدها مختصون في المملكة الأردنية الهاشمية ، تناولت دور الادارات التربوية في معالجة سلوك العنف الطلابي الموجه الى المعلمين والاداريين في المدارس .. واقترحت الدراسة أساليب لمعالجة العنف .. اذ اعتمدت عينة من (300) فرد قسموا على أساس (100) اداري و (200) مدرس .. حيث تم جمع البيانات ، ثم استخدام استبانة اشتملت على قسمين ، الأول البيانات الديموغرافية ، والثاني مقياس أساليب المعالجة . وقد اشارت عدة دراسات اردنية بهذا الشأن الى انتشار ظاهرة العنف الطلابي في البيئات التربوية في المؤسسات التعليمية العامة والخاصة.. وتؤكد تلك الدراسات على ان تاريخ التعليم الأردني شهد عنفا طلابيا متعدد المستويات والاشكال والغايات. ويرى الباحثون في هذا المجال ان وتيرة العنف المدرسي سواء في العراق ام الأردن في تزايد مستمر وهي تنذر بالتحول الى ظاهرة ، ما لم تتخذ الإجراءات الضرورية للحد منها .. الدراسة المذكورة سعت الى الإجابة على سؤالين يتمثل الأول في ماهي درجة موافقة الادارات المدرسية
على استخدام الأساليب المقترحة لمعالجة سلوك العنف الطلابي . اما الثاني فحول اختلاف درجة الموافقة على استخدام الأساليب المقترحة لمعالجة سلوك العنف الطلابي باختلاف طبيعة المهنة والموقع الجغرافي . وحددت الدراسة إجراءات الحد من ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات بـ(31) اجراء منها : تفعيل دور الارشاد الاكاديمي والنفسي والاجتماعي ، ومنح المعلم الصلاحية اللازمة لاتخاذ الإجراءات لضبط إدارة الصف ، ووضع تشريعات لحماية المعلمين . ويبدو ان هذه الظاهرة مستشرية في القطاع التربوي الأردني ، او ان السلطات الأردنية وضعتها ضمن اهتماماتها فعمدت الى التوصية باعداد دراسات لايجاد معالجات. وفعلا هناك دراسة اردنية ثانية تناولت أسباب سلوك العنف الطلابي الموجه ضد المعلمين والاداريين في المدراس ، فالعنف من وجهة نظر الدراسة يعد مشكلة اجتماعية إنسانية عرفها الانسان منذ بدء الخليقة .. اذ انه يمارس بصور واشكال مختلفة من مجتمع الى آخر باختلاف العادات والتقاليد والأعراف والازمنة والظروف الاجتماعية والإنسانية .. وتأتي أهمية هذه الدراسة كونها من الدراسات التي تصدت بالتحديد لدراسة الأسباب ووضع المعالجات ، حيث وجدت الدراسة العلمية ان العنف المدرسي يظهر في عدة اشكال منها : العنف النفسي ، والعنف الجسدي ، والاعتداء على الممتلكات. كما شخصت الدراسة عدة أسباب لهذا النوع من العنف منها أسباب وعوامل نفسية ، وأسباب وعوامل اجتماعية ، هذه الدراسات وغيرها وضعت يدها على جرح نازف ظل يؤرق الهيئات التدريسية ، واذهب كرامتهم أدراج الرياح ، كونهم تعرضوا الى تجاوزات ممن هم في سن أبنائهم . لذلك علينا ان نرفع شعار في عيد المعلم ( لا للعنف ضد الاسرة التعليمية ) .. وان يكون هذا الشعار برنامج عمل يعمد المختصون الى إيجاد وسائل تشريعية وتنفيذية للحد من الظاهرة ووضع ضوابط تؤمن سير العملية التدريسية بشكل لا تتعرض فيه شخصية المعلم والمدرس الى الهوان .. اذا اخلصنا فعلا لمن علمنا ، فعلينا ان نسعى الى الوقوف الى جانبهم ونجنبهم اذى ابنائنا.. فهؤلاء اصبحوا ضحية الجيل من الطلبة المشاكسين.