18 نوفمبر، 2024 7:26 ص
Search
Close this search box.

حمل ثيابي وأنا أستحم ورماها في المحاليل قيس مجيد المولى

حمل ثيابي وأنا أستحم ورماها في المحاليل قيس مجيد المولى

كلما وضع النادلُ على طاولتي قدحين لا يأتي أحد، لتجدني أكملَ النوبة الأخيرَةَ قبل شروقِ الشمسِ. ومن هذا الممر الفكري تتجهُ حاجاتٌ كثيرةٌ إلى اللامُستَقر لتتقافزَ وتجلسَ وتسير وتمرح وأنا أراها أمامي في إيما اتجاهٍ ألتفتُ إلية ،في الماضي كانت لي قوانينٌ تتفاعل بالسلب مع ذلك الطيش لتلك المخلوقاتِ بدءاً من استمرارها بتقصي أخباري وتشجيعها لي أن أصمدَ وأتقبلَ وأنتظرَ فهي ليست مغامرةً بقدر ما هو موقفٌ تَحَددَ على ضوءِ قناعاتٍ مرت مصنفةً وبدأت بالإنحلال الوراثي للإمبراطوريات وكأني جزءٌ من تاريخ العرباتِ والأقواس والدروع لذلك لا أجد لذةً فيما تُذكرُني بهِ لأن تصنيفها للحوادثِ يقومُ على أساس ما يمكن أن تحققهُ الجيوشُ في الميدان وما تغنمهُ من السبايا وليس

هذا هو الشكلُ المتوقعُ من الإكتشافِ وإنما هو تسويقٌ للشهوانيةِ العدوانيةِ إزاء الكلمات المدورةِ التي وجِدَت على الحيطان وإزاء العجلةِ التي كلما دارت دورةً واحدةً تأتي الشمسُ بشيء جديد وأغتناماً لذلك كله بدأتُ أُعاودَ قراءةَ دالاتهِا التعبُديةِ وأشير لها بشكلٍ رمزي اُمجد به الآلهة التي لم تضع الضرورات وسلسلة الإعتبارات لفَهمِ الآخر. رغم ذلك وعكسُ تلك اللامتناهيات عبرتُ الشارعَ لأرى الدراويشَ يؤدون الرقصاتِ على رائحةِ الشواء وكان الجلاسُ من الجنسين منهمكينَ بتدخين الدخان من الماء وأبعدُ من ذلكَ بقليل كانت طالبات النذور يرفعن قبعاتهن عن رؤوسهن ويُطلنَ النظر ويتمتمنَ أمام العمود الذي يحمل السقف الزجاجي الموسوم بالألوان والجُمل المدجنة من اللغات الثلاث، حاولتُ القراءةَ من خلال ذلك الإرتفاع ولم يظهر مايقنعني بقدسية ذلك المكان ثم إن الكتابَ الذي بينَ يديَ يوضحُ أن هناك من يأتي للشفاعةِ وهناكَ من يأتي لجمعِ المال وكانت التماثيلُ قد صُممت على عظمةِ ماكان قد قدمهُ ذلكَ القائدُ في المعارك وهم كانوا يصغون حين يتحدث قسطنطين عن بهجةِ النور الصافي لذلك كان فطرياً أن تكتشف العلاقةُ الجدليةُ بين أسرار الكلمات وأسرار الطقوس ،كل ذلك وبعدُ لم يُحتف بالشفاه تلامس القدح لأن الرسائلَ الرسميةَ لم تمنح الفرصةَ لإستكمالِ معرفة حاجات ذلكَ الممر الفكري وقد قرأ وأسمعني بأنَ (زو) ومن يمين الأفق حينَ رأى النارَ سرقها من أنليل ونشطَ الهدهدُ من يسار الأفق وحمل ثيابي وأنا أستحم ورماها في المحاليل. قلتُ

وقد مر السربُ الأولُ من الطيور التي لاتلتفت إلى العمود ولاتنظرُ إلى الزجاج الملون قلتُ: هذا هو الوقتُ المناسبُ لقبولِ التحيةَ ومن أمامي حملت الريحُ مسودات المركب وحملت قدحاً وأبقت لي قدحاً بحيث لم يتبق لي من الذي كتبتهُ سوى هامشٍ صغيرٍ ايقنتُ بأنهُ لن يستطع أن يرتب ماظهرَ على البر وتسألتُ كيف يستطيعُ أن يرتبَ ما لايظهر وقد هيأني ذلكَ الجرسُ المتواصلُ الرنين وحسب التشابهات التي تأتي من البابِ ومن الهاتف وتمنيتُ أن يُعادَ الخطأ كي أتمكنَ من بناءِ الجملة الأخيرةِ على قاسمٍ واحدٍ لامُشتَرَكَ فيه ولم أتبين من يقفُ هناك حتى وأنا أسمعُ الصوتَ ،كانَ الباشواتُ يُشيرونَ للدراويشِ أن يستمروا بالرقصِ وأن يذكروا الحريمَ كي لايقترب الرجسُ من العمود الذي يحملُ السقفَ الملونَ. في هذه الأثناء أتت ريحٌ مُغايرةٌ وحملت القدحَ المُتبقي على الطاولةِ ولم ألتفتُ إلى أي إتجاهٍ كنتُ قد تلفّتُ إليه وقد رسمت لي الإتجاهاتُ ذلكَ الممكنُ من العباراتِ حينَ أقف وأوصيتُ نفسيَ أن لا أُصافحَ الجلاسَ والذينَ يسيرونَ والذينَ يمرحون لأنهم حتماً سيُنادونَ عليَ. سمعت منهم من قالَ :

بأن الرحيلَ سيأخذ الأرضَ من عُنُقها

وسمعتُ أخرَ يقول:

أحتاجُ لعمرٍ أخرَ كي أكونُ جديراً بالحب

وغيرُهم يقولون:

نحتاجُ لسني جديدة لتعلم المهارات الجنسية

ولم أصغ لهم ، لم أصغ لهم في هذا التمني المشدود مابين الإفصاح عن اليأس والإفصاحِ عن الرغبةِ بالمزيدِ من تجديد النشوةِ لتجدني أكملت النوبةَ الأخيرةَ قبل طلوعِ الشمس وحين عدتُ كان المكانُ مكتظاً ومساحاتِ الرؤيا التي قرأتها في وجوةِ الجلاس كانت ضيقةً وأدركتُ رغم طولَ غُربتي أن لا أحد سينادي عليَ.

[email protected]

أحدث المقالات