بعد أن بدأت العمليات العسكرية (لتحرير) المناطق السنية من داعش: ظهر واضحا أمام الرأي العام عدم مهنية القوات العسكرية من جهة والحشد الشعبي من جهة أخرى، ويتمثّل هذا التخبط في عاملين رئيسين: البطء الشديد في التقدّم، وإيذاء الأهالي الذين كانوا تحت وطأة الإرهاب؛ ليجدوا أنفسهم بعد دخول القوات العسكرية في مصاف الإرهاب.
أمّا عن البطء الشديد فله مسوّغه عند القوات الحكومية، فقد جعلوا تفخيخ المباني وزرع العبوات السبب الأهم في هذا البطء. وهذا السبب غير معقول، فهل كانت القطعات العسكرية تتوقع أن يفرش لهم داعش الأرض بالورود؟
ولكنّ السبب هو عدم قدرة هذه القوات فعليا على المواجهة؛ لأننا قلنا مرارا وتكرارا أنّ على الحكومة القيام بتسليح العشائر السنيّة ليكون القتال على محورين داخلي وخارجي، وبذلك تكون المعارك أسهل، والتقدم أسرع، وتزداد اللحمة الوطنية، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإنّ الفساد المالي والإداري قد بلغ ذروته في ملف الحشد الشعبي بسبب عدم وضوح معالم الأعداد الحقيقية لمقاتلي الحشد. والتقدم ببطء على أرض المعركة يسهم كثيراً في استنزاف أموال هذا الملف، وبالتالي فإنّ هناك نفعيين يرومون بقاء المعركة طويلا.
إننا حين نتحدّث عن البطء فلخطورته الشديدة على المناطق، فكل يوم يمضي تزداد معاناة الأهالي الخدمية والاقتصادية، وتزداد قوة داعش، وتهتز مكانة البلد دوليا، ويفقد الجندي ثقته بنفسه وقيادته مما يجعل استعادة تلك المناطق أمرا صعبا، وقد أشار إلى بعض هذه النقطة (حسن العلاف) نائب محافظ نينوى في عدة لقاءات.
وأمّا عن معاناة الأهالي فلا شيء أدلّ عليها مما حصل مع منطقة (ألبو عجيل) فبمجرد دخولها من القوات العسكرية بدت مظاهر تحريق المساجد والبيوت والمحلات والأراضي الزراعية وغير ذلك، والأدهى من ذلك أن تجد من الساسة من يبرر هذه الأفعال الشنيعة بذريعة أنّ هؤلاء حديثو عهد بالثقافة العسكرية.
وقبل ذلك كلّه كانت التهديدات المتكررة، فتارة من هادي العامري، وأخرى من عصائب أهل الحق، وثالثة من جهات مجهولة بإلقاء منشورات على الأهالي تتوعدهم بالثأر لسبايكر، وأنّ كل من يجدونه في تلك المناطق فهو داعشي.
إنّ معاناة الأهالي لا يمكن أن تختزل بأسطر قليلة، فآلاف العوائل المهجرة لا تجد مأوى يليق بعيشة كريمة، وآلاف الموظفين بلا رواتب منذ أشهر، وبين هذا وذاك آلاف القذائف تتساقط فوق رؤوس الأبرياء