قال الجاحظ :(وكل شيء للعرب، فإنما هو بديهة وإرتجال، وكأنه إلهام)، فقد نبغ منهم العلماء، والبلغاء والأدباء، والحكماء والوزراء، فكانوا ينهلون العلم، والمعرفة روياً رويا، ويطلبون في كل لحظة مرعى جديدًا، ويأتون بالنادر الطريف الشريف، فإنكسرت ألسنتهم عن الرذائل، وإنقطعت أفئدتهم عن كل شيء، الإ الكتابة في كل شيء، وطاشت عقولهم، حول بدء الكون والخليقة، وهم في حركة دائبة، كمدينة البحر التي لا تنام، قناديل مضيئة لا تعرف الكسل.
أيها الداعشي: إنك مهما أتيت من قوارع الطعن، لن تضر أصلنا الشامخ مدى الدهر، وما مثلك الإ كمثل وعل ينطح صخرة، ليضعفها فأستعصت عليه، ولم يضرها ولم يوهنها، إنما ضر قرنه وأوهنه، وهذا ناتج كل من يتجرأ على أمة الإسلام، ورسول الرحمة (عليه الصلاة والسلام وعلى آله الطيبين الأطهار) فنحن جيل لا يشق غباره، ولا ننطق عن هوى أو عصبية، ومن ثم فإن حكمنا قاطع، لا يقبل الطعن أو النقض.
الحركات البهلوانية لساسة ما قبل التغيير، كادت أن تعرض عراقنا، للإبادة والإستباحة، لولا رحمة من ربك، بإعلان الجهاد الكفائي، من مرجعيتنا الرشيدة، لأن الملبون لهذا النداء، أرادوا كتابة أسمائهم، في سجل الخلود، بل حفروها في صخر الوجود، وما نسميه حفاظاً على الحياة، وحقناً للدماء، فقد أبى رجال الحشد الشعبي الأحرار، الإ أن يبيعوا أرواحهم، دفاعاً عن الأرض والعرض، فكانوا كشواظ من نار، وقضاء نازل، على أذناب بني أمية المنحرفين.
داعش أمام رجال المرجعية، فأين الثرى من الثريا؟ أناس يتسابقون من أجل الشهادة، والتحرر من سطوة العيش اليومي، فلكل إمرئ أجل معلوم، لا يتأخر عنه ولا يتقدم، وإن كان بعض الساسة، يقحمون أنفسهم في مزاد الهرج والمرج، لمحاولة النيل ،من إنتصارات الحشد الشعبي (المليشياوي) كما يدعون، فنقول لهم: تحت الرغوة، اللبن الصريح، فذاكرتكم عن الأبطال العرب، لا تتعدى فروسية عنترة بن شداد، وصلاح الدين الأيوبي، في نيل المكانة والسلطة.
حشد مليشاوي صفوي لكنهم أوفياء، حملوا ثمار الهوية ،والإنتماء وزهد العيش، وهم كالشجرة التي ضربت جذورها، في عمق الأرض المقدسة، وإحتضنوا قضية الوطن، بكافة أطيافه ومذاهبه وقومياته، فكان اللون ثورياً إستشهادياً، في الجمال والقداسة، ورسموا لوحة سامية، مضت الى عالم ذو نهاية خالدة، وعلى أيديهم ومن دمائهم، ولدت الحياة من جديد، وسط ظرف عصيب، يحاول إغتيال كل شيء جميل، وإنهالت معان جديدة، وعادت للظهور، بعدما أراد الأعداء، تمزيق العراق، ونسيجه البراق.
سلاح إستثنائي بيدهم، للدفاع عن الوطن، هو العقيدة المتسلحة، بدعوة المرجعية الحكيمة، لنبذ الخطاب الطائفي، ورص الصفوف، وإشاعة روح الوحدة، والتسامح والأخوة والمواطنة، وهذا ما أودعه النداء الكفائي، في قلوب الذين آمنوا، فهم في شوق وإشتياق، لترجمة الدعوة من ولاء للمرجعية، الى إنتصار للهوية، معلنين أن الجهاد، هو المنتصر على الطائفية بلا منازع، وأن الأغصان الكريمة من رجال الحشد، ما هم الإ فروع ذكية أصيلة، كأصالة أجدادهم الأحرار العظماء.