حول العراق منزل الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب الى متحف وذلك في اطار جعله من المعالم السياحية والثقافية التي تقف شامخة في مواجهة التطرف الديني والفكري. والراحل بدر شاكر السياب ولد في محافظة البصرة في جنوب العراق ويعد واحداً من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، كما يعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي.
وافتتحت وزارة السياحة والآثار دار الشاعر الكبير في قضاء أبوالخصيب بمحافظة البصرة بعد إعادة تأهيلها.
وقال وزير السياحة والآثار، عادل شرشاب، خلال الحفل الذي اقيم بالمناسبة في قرية جيكور جنوبي البصرة أن “افتتاح دار السياب بعد تأهيلها هو تخليد للشاعر الكبير وجاء للحفاظ على الموروث الثقافي والأدبي والتاريخي”.
ودار السياب تبلغ مساحتها 838 مترا مربعا وتعد من المواقع الأثرية بحسب قانون الآثار العراقي لأن تأريخها يعود إلى 200 عام.
والمشروع نفذته وزارةِ السياحة والآثار العراقية ضمن خطة لها بتحويل بعض الدور التي تعودُ لشخصيات أدبية ورموزٍ وطنية الى متاحف ومعالم ثقافية، بكلفةِ 360 مليون دينار عراقي أي ما يقارب ربعَ مليونِ دولار أميركي.
وأعلن محافظُ البصرة عن نية المحافظة تنفيذ مشروعين إضافيين الأول صيانة وترميم تمثالِ الشاعر في كورنيشِ العشار والثاني إعمار مقبرة الحسن البصري في الزبير حيث يرقد الشاعر ذائع الصيت.
وتتكون دار السياب من طابقين، وتبلغُ مساحتُه 838 متراً مربعاً، ومبنية من الطين والآجر، ويضم طابقُها الأرضي ثماني غرف متجاورةٍ يتوسطها فناءٌ كبيرٌ (باحة وسطية)، قضى فيها السياب طفولتَه، واستوحى من فنائها وملحقاتها وبساتين النخيل المحيطة بها معظم قصائده، مثل “دار جدي” و”منزل الأقنان”.
وللسياب آثار مطبوعة من اشهرها: “ازهار ذابلة” (شعر)، “اساطير” (شعر)، “المومس العمياء” (ملحمة شعرية)، “حفار القبور” (قصيدة طويلة)، “الاسلحة والاطفال” (قصيدة طويلة)، مختارات من الشعر العالمي الحديث (قصائد مترجمة)، “انشودة المطر” (شعر)، “المعبد الغريق” (شعر)، “منزل الاقنان” (شعر)، “شناشيل ابنة الجلبي” (شعر)، وديوان بجزئين (اصدار دار العودة).
أما اثاره المخطوطة فهي: “زئير العاصفة” (شعر)، “قلب اسيا” (ملحمة شعرية)، “القيامة الصغرى” (ملحمة شعرية)، من شعر ناظم حكمت (تراجم)، قصص قصيدة ونماذج بشرية، مقالات وبحوث مترجمة عن الانكليزية منها السياسية والادبية.. مقالات وردود نشرها في مجلة الاداب… وشعره الاخير بعد سفره إلى الكويت ولم يطبع في ديوانه الاخير “شناشيل ابنة الجلبي”.
وتتعرض اثار العراق الى حملة منظمة ومدبرة لتدميرها من قبل الجماعات المتطرفة، كما انها تعاني من مافيات السرقة والتهريب والاتجار غير الشرعي. ولم تشهد آثار العراق تدميراً ونهباً على هذا المستوى منذ غزو التتار لعاصمة الخلافة بقيادة هولاكو حيث خلف مسلحو تنظيم “الدولة الاسلامية” المتطرف خسائر لا يمكن تعويضها في الآثار العراقية ولم تسلم من حملتهم حتى الآثار الإسلامية فدمروا مساجد ومراقد على غرار مقام النبي يونس والعديد من التماثيل في الموصل، إضافة إلى قصور أشورية في مناطق سيطرة التنظيم المتطرف نسفت بالديناميت أو تم تدميرها.
وحملت اعادة المتحف الوطني العراقي بعد 12 عاما من تعرضه للنهب ابان الاجتياح الأميركي، فخرا وفرحا للعراقيين الذين شاهدوا بأسى، قبل أيام، شريطا لتنظيم الدولة الإسلامية يدمر آثار لا تقدر بثمن في مدينة الموصل.
وتسبب المشاهد التي بثها تنظيم الدولة الاسلامية الخميس، وتظهر قيام عناصره بتحطيم تماثيل اثرية في متحف الموصل واستخدام آلات كهربائية لتشويه تمثال ضخم لثور مجنح عند بوابة نركال في المدينة، صدمة لدى العراقيين واستنكارا عالميا واسعا.
وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية ان “عصابات” التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد، قامت “بالاعتداء على مدينة نمرود الاثرية وتجريفها بالآليات الثقيلة مستبيحة بذلك المعالم الاثرية التي تعود الى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده”.
ودانت منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) الجمعة تدمير آثار نمرود الآشورية في العراق من قبل جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية، معتبرة انها “جريمة حرب” واكدت انه تم رفع المسالة الى الامم المتحدة.
وحفزت هذه المشاهد العراقيين على الاقبال على متاحف بلادهم واعادة اكتشاف تاريخهم المشترك الذي قد ينسيهم اعمال العنف اليومية والتوتر المذهبي والانتماءات القومية التي تسببت بتباينات واسعة بينهم خلال الاعوام الماضية.