18 ديسمبر، 2024 11:09 م

الوطنية المؤمنة.. ووصف ما لا يوصف

الوطنية المؤمنة.. ووصف ما لا يوصف

يسهل لمن يملك براعة في فن التصوير, أو صناعة السينما, أو أي صنف من فنون الكتابة, أن يصف كثيرا من المواقف أو الأفعال.. لكن ليس دائما.

بعض المواقف أو الأحداث, لا يمكن وصفها, ليفهمها الأخرون, فهي مواقف لتُفهم يجب أن تُعاش أو تٌشاهد رأي العين, ويحصل التفاعل معها أنيا, تحمل خليطا من المشاعر والإنفعالات الإنسانية التي تُحس وجدانيا.. مواقف ليست كالمواقف المعتادة في حياتنا.

مثلت صدمة سقوط الموصل, وشعور الإرباك والحيرة التي سادت المجتمع العراقي, نتيجة للفشل الذريع للمنظومة الحكومية, في الإستجابة للحدث, وإنكشاف سيل الأكاذيب والأوهام, التي كنا نعيشها, فجأة وبدفعة واحدة.. كل ذلك مثل نقطة مفصلية, في حياة العراق كبلد.

مواجهة تلك الصدمة, تطلبت موقفا, ورد فعل بنفس قوة الحدث, فكان التسديد الإلهي, بفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي, والتي كانت غير متوقعة وصادمة, وخصوصا للاعبين كبار, إقليميا أو دوليا…. لمن لم يفهم منهم, حقا دور المرجعية, لدى أتباع أهل البيت, وطبيعة المسؤوليات, الملقاة على عاتقها, كراعي أبوي للامة, بفلسفة وسطية, لا إجبار فيها.

ما يصعب وصفه, هو نماذج من الإستجابة الشعبية لهذه الفتوى العظيمة.. فبين أبطال تركوا عوائلهم, وهي بالكاد تجد ما تأكله, وذهبوا للجهاد, وأم دفعت بزوجها أو إبنها الأخر, ولم تمضي إلا بضعة أيام, على انتهاء عزاء شهيدها الأول.. أو أب وأولاده يقاتلون معا.. فهل يفهم هؤلاء المنحرفون, ومن خلفهم.. أي أناس يقاتلون؟!

أي مواقف هذه؟! وكيف توصف؟! بل ومن يمتلك الجرأة لمحاولة وصفها؟! وهل يمكن ذلك؟!

هذا فيض من غيض, من نماذج تفيض تضحية وفداء, ومشاعر وطنية بالفطرة.. بعظهم بالكاد يقرأ أو يكتب, وبعظهم الأخر يحمل شهادة عليا, ويقيم في بلد أوربي, حيث الحياة المرفهة.. فهل فعلا تظنون حقا, أن ما يجمعهم هو فقط عصبية مذهبية؟! ساذج من يظن ذلك.

إن لم تكن هذه المواقف, وطنية حقيقية, نابعة من إيمان نقي.. فما هي إذن؟ وما هي الوطنية؟ وما هو الإيمان؟.