يعد الإعلام ركيزة مهمة من ركائز أي مجتمع؛ فمنه يتشكل رأي عام تجاه قضايا المجتمع الكثيرة والمتعددة ؛ وهو ايضا يسهم في رسم أو تحسين، أو تشويه الصورة الذهنية للمجتمع في الداخل والخارج.
وقد يصبح الاعلام عاملاً مساعدًا ومؤثرًا في إقرار الأمن والاستقرار، والوئام وفي دفْع عجلة التقدم والازدهاراذا كان يسير بخطى ثابتة وواثقة وصحيحة ، أما إذا كان الإعلام منحازًا لمصالح فئة على حساب أخرى، وغابت عنه الشفافية والمهنية،كما هو الحال الان في سياسات بعض القنوات الفضائية فإنه يصبح عبئًا ثقيلاً على المجتمع،
ونظرا لاهمية الاعلام الكبرى والقوية والمؤثرة في حياة الشعوب فأن بعض السياسيين في أي بلد يحاولون السيطرة عليه بطرق شتى ومتعددة عن طريق التملك او عن طريق التمويل او فرض السيطرة احيانا بالقوة او بشراء الذمم احيانا اخرى وهذا ما تفعلة بعض الدول في اختراق دول اخرى عن طريق وسائل اعلام موجهة الى تلك الدول للترويج لافكار معادية لها او لخدمة مصالح دولة اخرى ثالثة
وفي هذا الصدد اود ان اقول ان هنالك انواعا متعددة من وسائل الاعلام من حيث التملك والتمويل منها وسائل اعلام مملوكة للحكومة تديرها وتمولها وتروج لسياساتها وافكارها وهذا موجود في بعض الدول منها كوبا والصين وكوريا الشمالية ودول اخرى في العالم الثالث وفي هذا ايضا انواع لامجال لذكرها .
وهناك اعلام خاضع لسلطة الدولة غير مملوك للحكومة مباشرة مثل اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري
وهناك اعلام خاص تابع لحزب او شخص او مؤسسة او مجموعة اشخاص كقناة الشرقية او البغدادية او الفرات او السلام او المسار وغيرها تهدف الى الترويج عن سياسات الاحزاب او الاشخاص او قد تكون هنالك عامة يبغون من ورائها الربح السريع .
وهناك بعض دول العالم حاليًّا تنتهج نظامًا يشبه النظام المختلط؛ حيث تجمع فيه ما بين الملكية الحكومية، أو ملكية الدولة لوسائل الإعلام، والملكية الخاصة لوسائل الإعلام، فنجد أن الصين تسلك نهجًا تتملك الحكومة فيه معظم وسائل الإعلام وتديرها، ولكنها تسمح حاليًّا بتملُّك أفراد لبعض وسائل إعلام خاصة ولكن بضوابط محددة وهنالك انظمة كثيرة في دول العالم الاخرى .
وهنا اود ان اقول بانه لا يوجد اعلام حر تماما لان أي اعلام لابد انه سينحاز بالتاكيد الى جانب الممول او السلطة لذلك فان الاعلام غالبا ما يكون متاثرا بمصادر التمويل والظروف السياسية والاجتماعية الموجودة .
الحقبقة اننا الان نعيش حالة من الدربكة والفوضى الاعلامية خاصة بعد عام 2003 حيث يروج للشائعات من خلال بعض وسائل الاعلام على انها حقائق . وباتت اللغة العربية تذبح بايدي المتطفلين على الاعلام من مذيعين ومقدمي برامج لا يجيدون استخدام اللغة العربية ولا عملية نطقها ولا يدركون نحوها وصرفها . ومنهم من يستخدم اساليب غير مهنية في ادارة او تقديم البرامج . لذلك ارى من الضروري جدا ان :
1- تكون شبكة الاعلام العراقي كونها المؤسسة الاعلامية الكبرى في البلد التي تمثل الدولة هي المسؤولة عن المؤسسات الاعلامية العراقية الاخرى في وضع ضوابط لتحديد كفاءة المذيعين ومعدي ومقدمي البرامج لا من اجل الهيمنة الاعلامية بل من اجل ان نخلق ذائقة جميلة للمشاهد العراقي وهذا ما سينعكس ايجابا على المشاهد العربي و سيرفع من شان الاعلام العراقي بين مؤسسات الاعلام العربية والعالمية .
2- وضع قانون او نظام خاص لحماية المشاهد وضمان عدم تعرُّضه لما يسيء له، أولما يهدد سلامه الاجتماعي أو ينتهك خصوصياته، وذلك عن طريق مراقبة ما يذاع وينشر في وسائل الإعلام المختلفة، ومحاسبة من يمارس الاساءة او ينتهك الخصوصيات .
3- ان تقوم كل وسيلة اعلامية باصدار توجيهات وارشادات تحريرية الى العاملين لديها تتماشى والانظمة والقوانين التي ستشرع لذلك العمل وعلى الجميع الالتزام بها خدمة لمصلحة الاعلام العراقي .
4- يجب تشكيل لجان دائمة لمتابعة وتقييم اداء الاعلاميين العاملين في المؤسسات الاعلامية تلك تتكون من اساتذة في الاعلام والتحرير والادارة واللغة وممثلين من منظمات المجتمع المدني تكون قراراتها ملزمة للجميع ولها حق المساءلة في حل حصول خروقات او تجاوزات ولهذه اللجان حق اقامة دورات في مجالات الاعلام كافة لمن هم بحاجة الى مثل تلك الدورات بعد ان يتم تحديدهم من قبل تلك اللجان .
5- تشكيل هيئة امناء جديدة في شبكة الاعلام العراقي يعتمد اعضاؤها على الكفاءة الاعلامية والمهنية والانتماء الوطني بعيدا جدا عن المحاصصة الطائفية وحبذا لو كانوا من غير المنتمين لاحزاب او جهات فئوية اوقومية او طائفية وان يكون المعيار الاهم والرئيسي هو الخبرة والمهنية .
اخيرا اتمنى لاعلامنا العراقي ان يرتقي الى مستوى الاعلام الحقيقي الحر والنزيه في نقل الحقائق ورسم طريق جديد له ويكون الشعب هو الهدف الاسمى من اجل الارتقاء به وبذائقتة الفنية والسياسية والوطنيه.