كانت العيون تراقبه, ومن في قلبه غل يحسب أنها دعاية انتخابية, لكنني كنت أراقبه عن كثب, وبعقل بعيد جدا عن الهوى, فوجدت أنه ما زال معهم.
هل هي مجرد فكرة دون هدف؟ سؤال تطرحه عقول أصحاب الرؤيا الواسعة.
إن أشد أنواع القتل هو القتل مدى الحياة, وهنا يتجزأ إلى عدة أجزاء, من ضمنها الإعاقة الخلقية دون اهتمام, والإعاقة الطارئة لأسباب مدنية وعسكرية, وفي كلتي الحالتين هناك نسمة موجودة في الحياة, ولكن بغير اهتمام تعاني من القتل المزدوج, في مجتمع ذو غالبية صحيحة جسمانيا.
عجبا لهذا المعمم الذي يقف مع تلك الشريحة من المجتمع, أعتدنا على توجه الأنظار صوب الغرب في هذه القضايا, لكن نحو مسلم ومعمم وفي العراق بالذات!
حقيقة كنت مع الرأي القائل, بأن عمار الحكيم عقد مؤتمر ذوي الاحتياجات الخاصة للدعاية الانتخابية, شيء منطقي جدا من عراقي مسلم معمم سياسي, ومتى كان لذوي الإعاقة شان في العراق, وأغلبية المعاقين نتيجة مخلفات حربية, أو من سجون القمع البعثية, ولم يوفر لهم في هذا البلد البترولي, أبسط أنواع الاحتياج وهي العربة أو الأطراف أو كتب القراءة الخاصة بفاقدي البصر.
عندما تدخل العراق تجد أغلب المعاقين, يستجدون ما يسد رمق العيش من المارة, وتكاد السيارات المظللة تسحقهم, من شدة سرعتها في الشوارع, نافضة كل غبار إطاراتها القذرة عليهم, دون التفكير إن هؤلاء المساكين هم من يجب أن يكونوا تحت ظلال تلك السيارات الحديثة وليس العكس, فما بال عمار الحكيم يجالسهم و يعقد لهم مؤتمرا خاصا بهم؟! ألا يخاف أن يعدا من إعاقتهم؟!
أدركت إن صاحب هذا المشروع, لم يكن يدعي ما يفعل, إذ انه يستطيع أن يكتفي بمؤتمر واحد أو أثنين للترويج عن كتلته انتخابيا, ولكن عندما يكون هناك مؤتمرا ثالث! وفي وقت يسبق الانتخابات بفترة زمنية كبيرة! هنا لاشك بأن ما يقوم به لأجل هؤلاء, إنما ينبع عن مصداقية سريريه, وفعل نبيل هو في غنى عنه, إذا ما قورن بأقرانه السياسيين.
أوشكت على تصديق روايات المسلمين, وخاصة الشيعة منهم, إذ ليس بعيدا عن القارئ لكتبهم, ما تناقلوه من مناقب علي ذلك القائد الذي تحدث جميع الرواة عن إنسانيته, فقد قرأت أنه في فترة حكمه, كان مارا بقرب رجل فقد ساقيه في أحد معارك المسلمين, وهو يستجدي, قائلا ما بال هذا الشيخ, قالوا له أنه لا يقوى على كسب عيشه لإعاقته, قال لهم خذوه وأعطوه من بيت المال, استعملتموه ولما عجز تركتموه!
انه يقود ثورة النصر للإسلام الحقيقي, فقد أشتق هذا الاسم من السلام و المحبة و الإنسانية, لعل ما يريده عمار الحكيم من أفعاله هذه هو هذا الهدف.