يتصور بعض الناس، أن ما يكون جيداً وناجحاً، في زمان ومكان معينين، فإنه جيد في كل الأوقات والأماكن الأخرى، وهذا خلاف ما قرأتْهُ سيرة الإنسان وتأريخهُ.
في سباق السياسة، الحاصل اليوم على الصعيدين الدولي والمحلي، ثمة تغيرات كبيرة حصلت في جميع الرؤى والنظريات السياسية، فمفهوم الراعي تحول إلى مفهوم وظيفي تخصصي لأدارة شؤون الدولة، ومفهوم الرعية تحول إلى مفهوم المواطنة، التي تكتب الدستور، وتقرر نوع الحكم.
ما شهدته الساحة السياسية العراقية من تغيير كبير في القرن الجديد، ونؤكد على كلمة كبير، لأن الشخصيات التي أُزيلت وتغيرت، كانت تحمل مفاهيم دكتاتورية سلطوية تقوم على قهر الشعب وإستعباده، والتي جاءت بعدها، كادت تُنهي تطلعات الشعب ببناء عراق جديد موحد، يسعى لتحقيق مفاهيم المدنية الحديثة، وهذا التغيير ما زال مستمراً، ولن ينتهي، حتى يصبح العراق دولة مدنية عصرية.
تتجه الأنظار الآن إلى مجالس المحافظات، فبعد أن عرف الشعب، أن تطبيق مبدأ الفدرالية في وقتنا الحاضر، من شأنهِ خلق أزمات كبيرة وكثيرة، قد تؤدي إلى تقسيم البلد، وتشظي العملية السياسية، كان لا بُدَّ من الأتجاه إلى سبيل آخر يوصلنا إلى تحقيق مبدأ الفدرالية في المستقبل، والسبيل إلى ذلك هو تفعيل مجالس المحافظات، وإعطائها كافة الصلاحيات التي كفلها القانون.
لقد تم أقرار (قانون 21)، لكن أصحاب الرؤى الفاسدة من الذين تمكنوا من الوصول إلى عضوية تلك المجالس، ما برحوا يحاربون تطبيق هذا القانون وتفعيله، ولذلك فيجب أن يطالهم التغيير، وذلك عن طريق تحجيمهم، من خلال تغيير في الأئتلافات، التي تم من خلالها تشكيل المجالس، وإن ما شهدناه من تغيير بعض الأئتلافات داخل مجالس المحافظات، مثل محافظة ذي قار، لهو بادرة خير نحو التغيير الحقيقي في المفاهيم، فضلاً عن الأشخاص والرموز.
يجب أن تسعى مجالس المحافظات إلى خدمة مواطنيها، وأن تضع وحدة ومصلحة البلد الواحد أمام أعينها دائماً، وأن يكون عملها وفق نظام داخلي واضح المعالم، وأن تتحمل كافة المسؤوليات، للقيام بواجباتها التي أُنيطت بها، والثقة التي منحها الشعب أياها.
بقي شئ…
إن الوصول إلى الغاية القصوى والهدف الأعلى، قد يحتاج بعض الوقت والتضحيات، ولذلك قيل: الصبرُ مفتاح الفرج.