مازالت ظاهرة ضرب واهانة التلاميذ في المدارس منتشرة حتى اليوم في بغداد، ويمكن ربط هذه المشكلة بثقافة مكتسبة قديماً بقيت راسخة في الأذهان رغم التطور والإرشاد التربوي الموجود في المؤسسات التعليمية .وقد تم تركيز وسائل الاعلام على هذه الظاهرة ولكن دون جدوى .
وتتواصل الانتهاكات الخطيرة التي يقوم بها الكثير من ضعاف النفوس المريضة، واصحاب الضمائر الميتة في العديد من المدارس التابعة لوزارة التربية وخاصة الابتدائية ورياض الاطفال وربما تصل الى المدارس المتوسطة.
ما لفت انتباهي هو تلك الممارسات اللاانسانية واللاتربوية التي قام بها مدير (مدرسة الهداية) الابتدائية في منطقة الفضل، التابعة لتربية الرصافة الاولى حيث يقوم بضرب الطلاب وشتمهم ويتصور نفسه انه احد أشقياء منطقة الفضل، ولا يخشى الإشراف التربوي ومدير التربية ولا يعير اهمية الى توجيهات السيد وزير التربية حول التعامل الصحيح واللائق مع التلاميذ واولياء امورهم والمراجعين بطريقة تعكس اداء الوزارة وتوصياتها باحترام المراجعين الى تلك الدوائر التي تعنى بالتربية والتعليم.
ولا نعلم اي تربية وتعليم يمتلكها مثل هذا المدير (الشقي) الذي يمثل احد صروح التربية والتعليم وهو مكلف بواجب رسمي ومن المفترض ان يعطي دروسا في الأخلاق والعلم والتربية ولكن يبدو انه يسير على خطى كل فاشل وعاجز ويستخدم تلك الاساليب القذرة.
هل يعلم الاشراف التربوي والاداري بما يجرى داخل مدرسة الهدية؟ لا نستطيع ذكر المزيد من الاحداث المؤسفة، والى متى يبقى هذا المدير يشتم الناس بلا خجل وبلا حياء؟ وكيف يؤتمن على الامتحانات والمسؤولية عن حياة 300 تلميذ؟ الجواب عند معالي الوزير.
ويبدو ان غياب المتابعة وضعف إجراءات الإشراف التربوي والإداري في تربية الرصافة الاولى جعل من هذا المدير يقوم بممارسة تلك الافعال المشينة التي تعكس تربيته وخلقه وسلوكه، وهناك بعض المدراء يقومون بضرب واهانة التلاميذ وخاصة الأيتام ويستغلون غياب المتابعة لذويهم ويتم توبيخهم واهانتهم واحتقارهم باستمرار ومن دون انقطاع خصوصاً أنّنا نعاني كثيراً من عدم المتابعة لهولاء ، لا سيّما وأنّ أغلب أبناء العوائل المعدمة في المدارس الحكومية من الفقراء وبالتالي أكثرهم يعاني إمّأ من الفقر أو التفكّك، أو الجهل” ان موت الضمير وعدم الأهلية وغياب الرقابة تقف في طليعة تفشي ظاهرة ضرب الطلاب في مدارسنا العراقية ، و كأنهم لا يفهمون الا القوة والتهديد والوعيد لغة دارجة تستخدم في تلك المدارس، ويشعرونهم بانهم (حمير) وليس بشرا وماسكين العصي الغليظة ويلوحون بها وهناك من يمارس الجلد على طريقة (داعش)، وهذه التصرفات تعد خيانة كبرى بحق التلاميذ والوظيفة التي أنطيت بهؤلاء المدراء الذين تنصلوا عن شرف الوظيفة والمحافظة على سلامة التلاميذ الذين يعدون اجيال المستقبل.
وتؤدي تلك الممارسات الى حالة نفسية سيئة للغاية حيث ان هناك كثيرا من الطلبة تركوا مقاعد الدراسة بسبب تلك الممارسات ضد التلاميذ وبعض من هذه الحوادث حصلت في مدرسة (كرادة مريم الابتدائية) التابعة إلى تربية الكرخ الاولى، والمدارس الاخرى في منطقة الصدرية التابعة الى تربية الرصافة الثانية ومن الأسباب التي تدفع المعلمين والمدرسين إلى ضرب التلاميذ هي اعتقاد البعض منهم بأن الضرب وسيلة لفرض الهيبة. وهذه القساوه تذكرنا بحادثة واقعة مماثلة، عام 2012، قضي على أثرها التلميذ بعدما حبسته المعلمة في المدرسة حتى منتصف الليل، وهو الأمر الذي راح ضحيته 3 عراقيين بعدما أصر أهل الطفل على الأخذ بثأرهم من أهل المعلمة. والغريب انهم احيانا يلجأون الى هذا التصرّف بسبب المزاجية، أو جراء ضغوط الحياة الاجتماعية والاقتصادية ما يتسبب بمشاكل نفسية للطلاب تقودهم لترك الدراسة وهو تصرف يعلّم على العنف.
ويقول المسؤولون في وزارة التربية أن ضرب التلميذ يُمنع قانونيًّا، وهو أمر مرفوض في أي حال من الاحوال ويؤكدون أن التعامل مع الطالب يجب أن يكون إنسانيًّا بعيدًا عن الضرب أو القسوة رافضين النظرية التي تفيد بأن ضرب الاستاذ للتلميذ يأتي من باب التعليم أو التأديب.
وهنا تجب الإشارة الى أن الضرب يخلق كراهية عند التلميذ تجاه أستاذه او مديره ويدفعه لترك المدرسة، مما يؤدي الى خسارة المجتمع لأفراد فعالين له كما يسبب انتكاسه وانكسار للتلميذ. ارتأينا في هذا المقال تسليط الضوء على العنف في مدارس بغداد كافّةً سواء كان لفظيّاً أو جسديّاً، وعلى آثاره النفسيّة على أطفالنا ومجتمعنا، ولفت نظر المدرّسين والأهالي على السواء أنّ طرق العقاب الحضاريّة والسليمة والتربويّة متنوّعة وفعّالة. وأن الدائرة التربوية تتكوّن من البيت والمدرسة ومن ثمّ المجتمع ككلّ. وكانت مراجع دينية قد أصدرت فتوى قالت : فيها إن الضرب المبرح للتلاميذ في المدارس من قبل المعلمين والذي قد يؤدي إلى ضرر جسدي أو نفسي للطالب محرم بلا خلاف، وفاعله آثم شرعا.
نحن على يقين ان تلك التصرفات يرفضها معالي وزير التربية الإنسان والمربي الطيب والكريم وينبغي على السيد مدير تربية الرصافة الاولى ردع هؤلاء من الذين يحسبون على قطاع التربية والتعليم وعلى المكتب الإعلامي للسيد الوزير إيصال هذه الرسالة الى معالي الوزير ومن يهمه الأمر.