-1-
شتان بين رجلين :
أحدهما يثق بنفسه ، فيتخذ القرارات الشجاعة ولا تخونه نفسه في الإقدام على انجاز المهمات الكبرى ، فيشق طريقه نحو الوصول الى غاياته بقوة …
والثاني : لايثق بنفسه ، وهو كثير التردد والاحجام والتخوف من الفشل ، فيبقى بعيداً عن الفوز في الميادين العملية كلها …
-2-
إنّ الثقة بالنفس هي مفتاح التقدم والنجاح …
والثقة بالنفس لا تعني الغرور ، ولا المبالغات الممجوجة في ما تملكه من قدرات وطاقات ، وانما تعني الادارة الصلبة ورباطة الجأش والتصميم على المضي قُدما في ميادين الحياة ، من دون تذبذب وارتخاء وبعيداً عن الاهتزاز …
-3-
أذكر ان شابا لبنانياً من عائلة كريمة معروفة جاءني – يَومَ كنتُ مقيما في لندن – وطلب مني إجراء العقد الشرعي اللازم لزواجه من احدى الفتيات اللبنانيات وقال لي :
إنّ العادة التي جرينا عليها – في أسرتنا – هي أن نجعل العصمة بيد الزوجة ، وانا ارجوك أنْ تجري العقد الشرعي وتجعل العصمة بيدها ..!!
أتدرون ما معنى جعل العصمة بيدها ؟
انه يعني توكيل ” الزوجة ” بايقاع صيغة الطلاق من زوجها ساعة تشاء..
وهذا مالا يقبل به معظم الرجال اذا اشتُرط عليهم ذلك ..!!
إنّ الخشية من إقدام الزوج على الطلاق هي الصورة المنطبعة في الاذهان .
أما تخويل الزوج لزوجته بايقاع الطلاق، وبرضا كامل بل باشتراط منه ، انما يعكس أعلى صيغ الثقة بالنفس في مضمار التعامل الزوجي ..
وهكذا كان وقد أجرينا العقد على هذا الشرط …
-4-
ولابُدَّ أنْ تستند الثقة بالنفس الى مقوّمات حقيقية لكي لا تكون مجرد مكابرة باردة .
وفي تاريخ القادة البارزين في كل الامم والشعوب ما يُثبت أنهم توفروا على امتلاك المزايا والسجايا التي أهلّتهم لأنجازاتهم ومواقفهم التاريخية.
-5-
لن يستطيع ” الطالب ” أن يجتاز الامتحانات بنجاح ما لم يكن واثقا من نفسه …
ولن يستطيع ” الاستاذ ” ان يكسب احترام تلاميذه، ما لم يكن واثقا من نفسه ، وانه جدير باثرائهم بما يقدمّه لهم من علم ..
ولن يستطيع ” المؤلف ” أنْ يطبع كتاباً ما لم يكن واثقا من نفسه، وانه يقدّم للقرّاء شيئاً يستحق القراءة .
وهكذا …
-6-
وفي العراق الجديد برزت ظاهرة ” الثقة بالمال ” عند سياسيّ الصدفة..،
” المال السياسي ” هو احدى المصائب التي ابتلي بها شعبنا المرهق بالأعباء فقد تم التوصل عبر المال السياسي الى العديد من المواقع والمناصب الحساسة …!!
-7-
ولا نغالي اذا قلنا :
إنّ الكثير من المشكلات الراهنة، لم تكن لتظهر لولا وجود تلك العناصر الفاقدة للأهلية ، هنا وهناك، وفي شتى المرافق العامة .
-8-
وكما انّ (الحدّاد) لا يصح له ان يتعاطى (الطبابة) مثلاً ، ولا يصح (للخبازّ) ان يتولى ادارة المدرسة، كذلك لايصح لاولئك الذين لا يملكون المهارات المطلوبة التصدي لما تصدوا له …
فإلى متى تستمر المفارقات المحزنة ؟