15 نوفمبر، 2024 5:36 م
Search
Close this search box.

عبد الرحمن البزاز/45

عبد الرحمن البزاز/45

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
زرقة إبرة، بأمر من الطاغية المقبور صدام حسين، أدت الى إستشهاد عبد الرحمن البزاز.. رئيس وزراء العراق المدني الوحيد في آفة الإنقلابات الهوجاء، التي إلتهمت أي أمل في بناء دولة تأملية.
ولد عبد الرحمن بن عبد اللطيف البزاز، في بغداد العام 1913، تعلم القرآن في صغره، تخرج في كلية الحقوق، وسافر إلى لندن لإتمام دراسته العليا، وعند إعلان الحرب العالمية الثانية رجع إلى بغداد وقبل أن ينال درجة الدكتوراه.
عين أستاذا في كلية الحقوق بجامعة بغداد، وعميدا لها ولكلية التجارة و الاقتصاد، ملقبا بـ (ذو العمادتين) ودرس في كلية الشريعة في الأعظمية، العام 1952.
بعد ثورة 14 تموز 1958م، عين سفيرا للعراق في القاهرة، وأعتزل الوظيفة، وأقام في مصر، حتى ثورة 8 شباط 1963، عائدا إلى العراق، متقلد مناصب وزارية عدة، ورئيسا للوزراء في أيلول 1965 و1966، شاغلا منصب رئيس الجمهورية.. رمزيا.. لثلاثة أيام من 13 لغاية 16 نيسان 1966، عقب وفاة عبد السلام عارف، في حادثة سقوط طائرة مروحية كان يستقلها، لحين تنصيب شقيقه عبد الرحمن عارف.
فضلا عن تخصصه بالقانون وعمله في السياسة، عمل سكرتيرا عاما للدول المصدرة للنفط (اوبك) 1964 – 1965 في اجتماعها التأسيسي الأول الذي عقد في بغداد، وألّف عشرين كتابا في القانون والسياسة والاجتماع والفكر.
توفي يوم الخميس 28/6/1973، ودفن في مقبرة “الخيزران” قرب مرقد الشيخ محمد القزلجي، في بغداد، أما ما هو سر القلق الذي دفع صدام حسين، حين كان نائبا لرئيس الجمهورية، الى قتل البزاز، فهذا شأن عائد الى ألمعية شخصيته التي تقترب من الكمال سياسيا ونزاهة ووعيا ورفعة، وكلها صفات تستفز من تربى (ملطلط) بين فيافي تكريت وحواري الاحياء المكتظة بالشقاوات ونفذ الى السياسة من بوابة العنف.
إذ ولد لاب يعمل بزازا، ينتسب الى عشيرة المعاضيد، وحصل على شهادة l.l.b من جامعة لندن.. كلية الملك kings college، وله تاريخ نضالي منهجي؛ إذ اعتقل في سجون الفاو والبصرة ونقرة السلمان بسبب مواقفه، وليس كمثل الطاغية الذي يتلخص دوره بتصفية الاعداء الشخصيين لأحمد حسن البكر، حاملا رشاشة “بورسعيد” يتجول بها في “الجعيفر”.
فكريا اخذ عبد الرحمن البزاز، على عاتقه مهمة رفع التناقض الذي شعر به المثقفون عند منتصف القرن العشرين، بين القوميين العرب والمتدينين المسلمين، مسهما في ايجاد تحالف بين الاتجاهين العروبي والاسلامي، ما يجعله مرشحا على الدوام للعب دور قيادي بحكم نظريته الصالحة لفض الاشتباكات في بنية مجتمعنا، في وقت آثر فيه صدام التخلص من البكر، ولا يريد أي من الأرستقراطيين التأمليين، القادرين على إدارة الدولة بهدوء دستوري وليس إنفعالي، يسرق الاضواء والارجحية في الحزب والدولة من صدام.
فبرغم مدنية البزاز، الا انه ذو سطوة على العسكريين،… وهذا ما لم يطقه صدام في مرحلة كان يخطط خلالها، لكل ما عشناه من ثمة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات