منذ عهد النبوة وحكم الأمة الاسلامية مارس النبي الاكرم محمد (ص) دورا سياسياً وقيادياً في اهل المدينة ومكة والامة الاسلامية عموما ، فقط كان الرئيس والقائد والحاكم الشرعي الى جانب سلطته الإلهية كونه خاتم الانبياء والرسل ، وجعل من المسجد قصرا رئاسياً لقيادة الدولة وبناء أسس الحكومة وتقديم الخدمات الى المجتمع المسلم ، وسعيه (ص) الى بناء مجتمعاً مدني متساوي في الحقوق والواجبات سواسية اما القانون ، فسخّر السياسة لاجل الدين وتكون الأدوات التي تسير باطار ديني من اجل تثبيت دعائم الحكم المدني ، فنجح نبينا الاكرم (ص) في التاسيس لبناء الدولة وكانت التجربة النبوية من احدث وانظم التجارب في الحكم .
اليوم وبعد اكثر من ١٤٠٠ يستمد علماءنا الاعلام ومراجعنا العظام من هذه السيرة العطرة عبق لينطلقوا منها في بناء الدولة الحديثة المتحضرة على اساس العدل والمساواة ، والوقوف بوجه الظلم والتسلط ، فنرى كبار مراجع التشيع كان لهم موقفاً بطولياً من مجمل الأحداث الداخلية للبلاد او الخارجية منها ، فانبرى منهم علماء ومراجع كانوا قادة ومراجع في نفس الوقت ومنهم الامام السيد محسن الحكيم (قدس) والذي وقف بوجه الاحتلال الإنكليزي وكان له مواقفه المشرفة في الوقوف بوجه الأفكار المنحرفة وموقفه من مجمل الأحداث السياسية في العراق ، كما كان للسيد الامام الخوئي (رض) ذات الموقف في الوقوف بوجه الطغيان والحبروت البعثي. وكيف كان مرجعاً عالمياً وقائدا جمع كل مقومات السياسي الناجح في توحيد جهود الانتفاضة في التسعينات من القرن المنصرم .
السيد السيستاني حذا حذو أستاذه في السير على خط السياسة دون الولوج في خفاياها وان كان يعلم بخفاياها ولكن يا يهم في هو وضع الخطوط الرئيسية للسياسة في البلاد ، ومنذ سقوط النظام البعثي وحتى ما سبقه كان السيد السيستاني بعيدا عن الدخول في الوضع السياسي ولكن ان سال. فانه يجيب جواباً فقهياً صريحاً لا لبس فيه وكثيرة هي الفتاوى التي كانت بالضد من النظام البائد .
السيد السيستاني وبعد سقوط النظام البائد كان رائداً في الحياة السياسية ، ورسم الوضع السياسي للعراق الجديد ، ولولا عدم التزام ساسة العراق الجدد بتوجيهاته عبر منبر الجمعة من كربلاء لكان البلد انتقل الى مرحلة البناء والإعمار وبخطوات سريعة ، فكان له الدور الرئيسي في وضع دستور للعراق التاسيس للجمعية الوطنية وما تلاها من احداث كانت له المواقف التاريخية في البلاد .
فتواه الاخيرة ” فتوى الجهاد الكفائي ” قلبت الموازين على كل المستويات ، كما انها أحرجت الكثير من القوى السياسية الداخلية ، والدول الإقليمية والدولية ، ليكون لهم موقف من الوقوف بوجه الارهاب الداعشي وطرده خارج البلاد .
واكب السيد السيستاني كل خطوات ومراحل انتقال القتال في مختلف الجبهات ، وكان يواكب كل المواقف والاحداث على جبهات التماس مع الدواعش ، وارسل الكثير من الوفود الداعمة لرجال الحشد الشعبي في الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ، وتقديم الدعم المعنوي والمادي للمقاتلين .
اصدر الكثير من التعليمات والفتاوى التي كانت مكملة للفتوى الشهيرة والتي هي الاخرى واكبت الاحداث في جبهات القتال .
بيان المرجعية الدينية الاخير ذات الواحد والعشرون بنداً يعتبر وثيقة تاريخية اكثر من كونها ارشادات وتعليمات وهي بوصلة المومنين وصمام امان حقيقي للوطن والمواطن ، كما ان هذا البيان يوثق دور رجال الحشد الشعبي وحماية المجاهدين من اي تشويه او تحريف لدورهم البطولي في حماية ارض العراق والوقوف بوجه الارهاب الداعشي الذي كان يحارب باسم الجهاد وباسم الاسلام ، فهذا هو جهادهم قتل وذبح وحرق واغتصاب وهتك للحرمات ، امام جهاد حماية أموال واعراض المسلمين كافة دون تمييز ، لان فتوى الجهاد الكفائي حمت ودافعت عن السني قبل الشيعي ، لان جهادهم اعتداء وجهادنا دفاع .
هذه الوثيقة الدولية والتي ينبغي ان تترجم الى جميع لغات الانسانية لانهاوضعت ضوابط العمل السياسي والعسكري امام العدو الإرهابي والذي لا يملك الدين ولا الضمير ، وليكون خارطة الطريق في الجهاد ضد الارهاب الاسود .
لهذا يجب ان يعلم الجميع ان داعش ستقتل السني والشيعي على حد سواء دون تمييز بين مكون وآخر ، لانهم هدفهم تمزيق الروابط الاجتماعية بين ابناء البلد الواحد وصهر اي روابط بين الشعب الواحد ، فأين الفكر الاسلامي من الفكر المنحرف ذات التفكير المتشدد امام الفكر الاسلامي المعتدل .
لهذا ستسقط كل المراهنات الداخلية والإقليمية والدولية في تمزيق البلاد وجره الى أتون الحرب الأهلية والطائفية لتعاد مسلسل الاقتتال الطائفي في ٢٠٠٥ ، وسيكون السيد السيستاني ذلك المصد والصمام الذي تسقط أمامه كل المؤمرات التي تريد الشر ببلدنا الجريح .