إشتهرت الراية(العَلَم) الذي إستخدمتها الدولة العثمانية، وبقاياها من الدولة التركية الحديثة، بلونها الأحمر ذو الهلال الأبيض، والذي تتوسطه نجمة، جاعلةً منه رمزاً ذا بُعداً دينياً، فالهلال يقابل الصليب الغربي، الذي ما زال موجوداً على أغلب رايات دول أوربا حتى يومنا هذا.
الدولة العثمانية التي تبنت مبدأ الخلافة الإسلامية، والتي حكمت المنطقة العربية، وأذاقت شعوبها أنواع الويلات، تحت عنوان الدين والشريعة، وهي في ذلك وجدت لها وعاظاً كُثر، شرعنوا لها مشروعها في ولاية الأمر، ومصادرة االحقوق، على غرار الدولتين(الخلافتين) الأموية والعباسية.
في العام 1916 إنتفضت الشعوب العربية، وقامت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشربف(الحسين بن علي) لعدة أسباب، كان من أهمها سياسة التتريك، التي إتبعتها هذه الدولة، محاولةً إلغاء الهوية العربية للمجتمع العربي، فإستعان الشريف حسين بالقوات البريطانية في القضاء على الدولة العثمانية، ونهاية قرون من البطش والظلم الذي عانت منه الشعوب العربية، تحت وطأة هذا الأحتلال التركي المقيت.
بالرغم من كون الدولة العثمانية تبنت أحكام وفقه المذاهب الأربعة، ومحاربة المذهب الخامس(الجعفري)، بمعنى أنها تبنت مذهب أهل السنة والجماعة مقابل المذهب الشيعي، لكن جميع هذه الأطياف التي جمعها واقع الفقر والظلم، الذي كانت ترزح فيه تحت وطأة حكم هذه الدولة الإستعلائية المتكبرة، الناهبة لخيرات وثروات المجتمع العربي، توحدت تحت راية الشريف حسين لإنهاء سيطرة هذه الدولة، وتم لهم ذلك بمساعدة الأنكَليز، وإنتهت بذلك حقبة هذه الخلافة كسابقاتها، نهاية الذل في الدنيا والخزي بالآخرة.
بمرور الأعوام والسنين، تلاشت جميع الثقافات التركية، الدخيلة على التراث العربي والإسلامي، إلا رمز الهلال والنجمة، لماذا!؟
بقي الهلال والنجمة رمزا لكثير من رايات(أعلام) دول المنطقة العربية، بالرغم من كونه أحد ثقافات الدولة العثمانية، ولا يمت بأي صلة إلى التراث العربي، سواءً في ذلك قبل الإسلام أم بعده، فقد كانت الرايات تمتاز بتعدد ألوانها قبل الإسلام، وعند مجيئ الإسلام أدخل الشعارات الدينية عليها، منها ما نراه في العلم السعودي بإستخدام لفظ التشهد، والعلم العراق الحاوي على لفظ الجلالة أيضاً.
بعد الملاحظة الدقيقة نجد أن دول غرب المنطقة العربية، هي من أبقت الهلال والنجمة رمزاً لراياتها، على عكس دول شرق المنطقة، بالرغم من كون الأولى الأبعد جغرافياً عن بقايا الدولة العثمانية(تركيا)، كما إحتفظت بعض دول الشرق بالنجمة دون الهلال، لماذا!؟
بقي شئ…
إن ما يثير إستغرابي حقاً أن جميع عشائر جنوب العراق(الشيعية)، ما زالت تتخذ من الهلال والنجمة رمزاً لها، بالرغم من كونهم المتضرر الأكبر من الدولة العثمانية سابقاً والتركية حالياً، لماذا!؟
أتمنى أن يجيبني أحد!