18 ديسمبر، 2024 12:53 م

نستغيث بك فالنتاين في يومك

نستغيث بك فالنتاين في يومك

مالذي فكر به لحظة مقتله؟ هل يستحق الأمر؟ لو لم يكن يستحق من وجهة نظره لما سار بقدميه الى المقصلة..
(قالوا أحب القس سلامة وهو التقي الورع الطاهر).. هل أجابهم: ياقوم اني بشر مثلكم.. لي كبد تهوى كأكبادكم؟ لاأعلم، ولاأحد يعلم مالذي فكر به او قاله القديس فالنتاين لحظة قدم دمه ليكون أول شهيدا للحب في التاريخ.
لااعلم فيما اذا كانت قد اجريت بحوث او دراسات حول قديس الحب هذا كما حصل مع عشرات الاسماء التي دخلت التاريخ.. فقد طوت السماء صرخة كبده لحظة غسل ذنبه بدمه.
هل ندم فالنتاين على مافعل؟ لو كان قد ندم لما عشق ابنة سجانه..
عندما فتحت صفحة على الانترنت لابحث عن أية معلومات عن الرجل.. كتبت: من هو.. وقبل ان اكمل كتابة اسم فالنتاين.. اجابني محرك كوكل بعدد من الاسماء (جيفارا.. هتلر.. الله.. المختار الثقفي.. ستالين الخ من الاسماء الكثيرة التي تركت بصمة على صفحات التاريخ سواءا في الخير او الشر.. وربما لو انتظرت قليلا لظهر اسم نيرون.. وخالد بن الوليد وابن سينا ونابليون وغيرهم.. لكن لم يظهر اسم فالنتاين الا بعد ان طبعته على محرك البحث!!
كل هؤلاء وغيرهم كانت لهم حروبهم.. العسكرية منها والسياسية والثقافية والدينية.. وكل حرب تبدأ وتنتهي بسقوط ضحايا.. أرواح بشر تزهق ليعلو اسم فلان.. الا فالنتاين، فقد كان شهيد حربه الوحيد. جابه القديس فالنتاين الامبراطور كلاوديوس، فكان يسعى لتزويج العشاق سرا بعد ان منع الامبراطور زواج الجنود لأنه يعيقهم عن الحرب. أكان الها أم نبيا ذاك الذي يسعى لنصرة الحب؟
لو كان فالنتاين فكر بتشكيل جيش من العشاق فهل كان سيكسب الحرب؟ فكرة جنونية أم انها ستكون محط سخرية العالم!! تخيلوا لو ان الامير علّم الانتحاري الحب فهل سيكون هنالك شهداء وجرحى وآلام لاتنتهي؟ بالتأكيد سيكون العالم ورديا يشبه جمهورية افلاطون بطوباويتها.. لكن سيفلس الكثير من صناع الثورات والحروب فهؤلاء أبعد مايكونوا عن تعلم لغة الحب.. فالحب لديهم رغبة والمرأة متعة والحياة صراع أبدي للوصول الى الموت..
بعد رحيله.. ترك فالنتاين وردة حمراء تحيي ذكراه يتبادلها العشاق ليجددوا عهود الحب، وبعد رحيل قادة التاريخ (العظام) والساسة الذين سيرحلون عاجلا أم آجلا فانهم تركوا وسيتركون دماءا وأرامل وأيتام وقلوب لاتندمل جراحها بوردة حمراء..
أستغيث بك فالنتاين في يومك هذا.. فقد غادرنا الحب وان كثرت ورودك الحمراء في واجهات محال اسواقنا.. ألم يكن موتك غيبة صغرى لتبعث من جديد فتخبر اولادنا وبناتنا وشيوخنا وعجائزنا ان الوردة اكتسبت لونها من دمك وان (للعشق ركعتان لا يصح وضوءهما الا بالدم)؟ .. اخبر الحلاج بطريق عودتك ان هناك من يصلي بيد ملطخة بالدماء.. فكلاكما صغتما فلسفة الحب في زنزانة.. فويل لنا ان تدفقت الدموع في عينيكما وانتما تشهدان خواء الروح.. من سيحتمل قسوة عتابكما؟
سيلقي الجميع اللوم على السياسيين والدستور والفقر والجوع.. لكن لا أحد سيعترف بأنه يخجل حتى من الاعتراف بأنه عاشق.. وان اعترف فلكي يصطاد انثى ظنت للحظة ما انها ورثت  حواء.. لتدرك انها لم ترث منها سوى (لعنة) الاغواء لآدم الذي حملها ضعفه وهزيمته.
أينك فالنتاين.. قل لهم ان الحب هو حرفين اجتمعا من نهاية (روح) و (قلب) وان النبض في كليهما يشعل الجنون في العقل.. وان الحب كالحرب.. والعاشق يحتاج الى قلب محارب.. فهل من محارب، أم ان زمن المحاربين ولى؟؟

[email protected]