23 ديسمبر، 2024 9:18 م

المتاهة الأمريكية في العراق واليمن والفأر الحوثي‎

المتاهة الأمريكية في العراق واليمن والفأر الحوثي‎

أصبح الوطن العربي الآن على صفيح ساخن جدا, وخصوصا تلك البلدان التي فيها صراع استخباراتي ( شرقي – غربي ) كسوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين, لكن من تصدر المشهد الآن هو العراق واليمن, إذ أوجدت أمريكا متاهة لخصمائها في البلدين, ففي العراق الآن بدأت أمريكا تكثف جهودها وتحركاتها المباشرة من خلال طلعاتها الجوية والخبراء العسكريين, وغير المباشرة, من خلال الدفع والزج بدول عربية مثل الأردن, للدخول بشكل مباشر لحلبة الصراع والقتال مع تنظيم داعش, وبهذا تكون أمريكا قد ضمنت قلة الخسائر في العدة والعدد والأموال, وفي الوقت ذاته تضمن تقهقر التواجد الإيراني في العراق وذلك من خلال رسم متاهة أخرى في اليمن حيث أوقعت فيها إيران وفأرها المدلل الحوثيين.

فمن أجل أن تضمن تقليل التواجد الإيراني في العراق فقد قامت بسحب قواتها من اليمن وبالتنسيق مع الدول الأخرى وكان أخرها السعودية, الأمر الذي دفع بالحوثيين إلى أن يغتروا بأنفسهم ويتصورا إنهم قد حققوا نصرا لهم ومكسبا لإيران, وإيران الآن قد كثفت دعمها العسكري والمالي واللوجستي للحوثيين بحيث أصبح المشهد اليمني الآن مشهدا حوثيا إيرانيا, لكن لا يعلمون  وخصوصا الحوثيين إنهم قد وقعوا في متاهة أمريكية سوف تكون نهايتها هي النهاية الحتمية للحوثيين.

نعم أمريكا انسحبت من اليمن وأغلقت سفارتها وكذا الحال لبعض الدول الأوربية والعربية, لكن لم ينتبه الحوثثين إن بديل التواجد الأمريكي هو تنظيم القاعدة !!  فهم الآن يمثلون دور الجنود والعسكر الأمريكي في اليمن, وسوف يدخلون في معارك وحروب طاحنة ستكون نتيجتها هي الخسران المبين للفأر الحوثي الذي أحكمت تلك المتاهة عليه ولن يجد جحرا يأويه بعد ذلك.

وبشكل ملخص إن أمريكا قامت بإفراغ اليمن من تواجدها العسكري ووضعت بديلا عنها وهو تنظيم القاعدة الذي نشط الآن في اليمن, وتفرغت هي للعمل في العراق, وبهذا استطاعت أمريكا أن تحكم السيطرة على مجريات الأحداث في العالم العربي, وتحركها كيفما شاءت وأين ما أرادت, مع ضمان عدم تقديم أي خسائر أمريكية, فالعرب هم الخاسرون والمتصارعون والمتقاتلون وأمريكا هي صاحبت المكسب بكل الأحوال.

وهذا يذكرنا بما قاله المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في الحوار الصحفي الذي أجرته معه وكالة أخبار العرب بتاريخ 13 / 1 / 2015م … إذ قال…

{…  2ـ اميركا وايران عدوان تقليديان متصارعان متنافسان على استعمارِ الدول والشعوب وسَلْبِ ارادتِها ، وقد ابتلى الله تعالى العديدَ من دولِ المنطقةِ وخاصّةً لبنان فسوريا ثم العراق واليمن باَن تكونَ ساحةَ التنافسِ والنزاعِ والصراع وتقاطعِ المصالحِ بين إيران وأميركا ، ولان العراقَ بلد البترول والطاقات البشرية الفكرية الخلاقة فقد تصاعدَ وتضاعَفَ وتعمَّقَ واشتدَّ الصراعُ فيه بين القوتين المتنافستين.

3- والمعروف والواضح عندكم أَنَّ خلافَ وصراعَ المصالحِ لا يمنعُ اَن يجتمعَ الخصمان فتجمعُهما المصالحُ والمنافعُ فيحصلُ الاتفاقُ بينهما على ذلك ، وكذلك ان ظَهَرَ خطرٌ يهدِّدُهما معاً فيمكن اَن يتَّفِقا ويجتمِعا على محاربته معاً.

4- اما لماذا تسمح اَميركا لإيران بقيادة المعركة في العراق فببساطة لاَنَّ اميركا هنا تفكر بذكاء نسبيّ أمّا ايران فتفكيرُها يسودُه الغباءُ عادةً فوقعت في فخ اميركا التي اوقعتها في حرب استنزاف شاملة لا يعلم الا الله تعالى متى وكيف تخرج منها ، ومن هنا فان أي تنسيق بين اميركا وايران فهو تنسيق مرحلي مصلحي لابد ان يتقاطع في اخر المطاف.

5- والذكاء النسبي الأميركي اقصد به ان اميركا تعتقد حاليا انها تحقق استنزاف واِضعاف ايران ، وكذلك اِستنزاف واِضعاف الدولة الإسلامية (داعش) ، واستنزاف وهتك وتحطيم وتدمير الشعب العراقي ، اِضافة للاِستنزاف الاِقتصادي للدول الخليجية الداعمة ماليا ، واضافة لذلك كلّه فان قبضة اميركا وتدخلها في شؤون دول المنطقة قد ازداد وقوي وتضاعف بسبب الارباك الفكري والأمني والمجتمعي الذي أصاب حكومات المنطقة وشعوبها… لكن ليس كل ما تعتقده وتتمناه اميركا سيتحقق ومن هنا قلت انه ذكاء نسبيٌّ .  …}.