ضمن إجراءات رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي في إحداث الاصلاح الاقتصادي الايجابي , جاء إصدار الامر الديواني رقم ١٤ في 26/1/٢٠١٥ , ليشكل مفصلا أساسيا في تأكيد العمل على الخروج من كارثة الاقتصاد الريعي الذي الحق أفدح الأضرار بهذا الوطن ومواطنيه ، ولكن النيات الطيبة غير كافية فلا يمكن اجراء الاصلاح الاقتصادي بالنيات الطيبة او الأمنيات , وإنما بالعمل الصحيح وإسناده بالشخصيات المناسبة لهذه المهمة الجسيمة , وقد عول المخلصون على هذا الامر الديواني لوضع الخطوات الصحيحة في اعادة الاعتبار للصناعة الوطنية , بما يكفل ان تكون الإجراءات المتخذة بموجبه اجراءات حقيقية وليست اجراءات شكلية قد يكون ضررها اكثر من نفعها .
في هذا اليوم سنتناول احدى المؤشرات الخطيرة في تنفيذ هذا الاصلاح ، وهو أيكال مهمة تطوير الصناعة العراقية لغير الصناعيين الذين ربما تدفعهم مصالحهم الفئوية الى تدمير الصناعة بدلا من تطويرها ، ولتوضيح ذلك نقول بان الكثير من الصناعيين العراقيين قد تَرَكُوا الصناعة وتحولوا الى أعمال الاستيراد والصفقات التجارية ، فمنهم من قاموا بتشكيل اتحاد رجال الاعمال وهي منظمة مدنية ( لم نتأكد عن مدى شرعية وقانونية تأسيسها ) , فهذا الاتحاد له دور مهم في الاقتصاد العراقي ولكن اغلب أعماله تجارية وبشكل خاص استيرادية ، ومن وجهة نظر بعض الصناعيين , فان مصلحة المنتمين لهذا الاتحاد في الغالب تتركز باستمرار سياسة الاغراق الاستيرادي , وتوفير احتياجات الوطن من الدول الأجنبية ضاربين عرض الحائط بأمن العراق الانتاجي وتزايد عدد العاطلين في البلد .
ونعرف جميعا بان اتحاد رجال الاعمال مهم , ولكن ليس من المعقول ان يتولى نائب رئيس هذا الاتحاد رئاسة اللجنة المختصة بتنشيط قطاع الصناعة ، فهناك تضاد في المصالح بين رجال الاعمال الذين غالبا ما يكون نظرهم يتجه خارج البلاد ( الاستيراد ) وبين الصناعيين الذين يجاهدون اليوم لتوطين الصناعة والكف عن الاستيراد كونهم يعانون الأمرين جراء سياسات الاستيراد المنفلتة ، ومن الغريب فعلا ان يتم إيكال رئاسة اللجنة الى اتحاد رجال الاعمال ويوجد في العراق اتحاد الصناعات العراقي , وهو الاتحاد الشرعي الممثل للصناعة العراقية والذي يضم اكثر من أربعين الف مشروع صناعي اغلبها متوقفة عن العمل وبلدنا يزخر بالصناعيين من اصحاب الخبرات لتولي رئاسة هكذا فعاليات , وعيونهم ترنو الى هذه اللجنة لتغيير أحوالهم فإذا هم يفاجئوا بإحالة الموضوع الى جهة قد يكون من مصلحتها تعطيل الصناعة .
لقد وضع جدولا زمنيا لتنفيذ امر السيد رئيس مجلس الوزراء ولم تتقدم لجنة تنشيط الصناعة بخطوة واحدة , وما نخشاه ان يتم انقضاء الوقت في السجالات والاختلافات دون تحقيق شيئا يذكر ، وكما نقل الينا فقد حدثت مشادة كلامية بين الصناعيين وبين السيد رئيس اللجنة نائب رئيس اتحاد رجال الاعمال في الاجتماع المنعقد في رئاسة مجلس الوزراء يوم 8/ 2/ ٢٠١٥ , حيث اتهم الصناعيون رئيس اللجنة بالعمل على تمييع قضية تطوير الصناعة وطالبوا بان يتولى رئيس اتحاد الصناعات العراقي الممثل الشرعي الصناعيين رئاسة هذه اللجنة فأهل مكة ادرى بشعابها ، وإذا كان رئيس الجمعيات الفلاحية مسؤول عن لجنة تنشيط القطاع الزراعي فلماذا لا تعامل الصناعة بالطريقة نفسها .
نقول للسيد رئيس الوزراء ان إعادة النظر بتشكيل هذه اللجنة وبأسرع ما يمكن وإيكال الامر الى اتحاد الصناعات سوف يحقق الالتزام بالبرنامج الزمني لأنه بعكس ذلك لن تكون ثمة نتائج حقيقية , والجميع يعلم انك تسعى لاختزال الوقت في احداث التغيير ، وكلمة بالمناسبة للسيد نائب رئيس اتحاد رجال الاعمال المحترم ، وهو الكفء والخبير الاقتصادي المعروف بوطنيته ، نقول له انك على رأس اتحادا ينظر على ان له تضاد مصلحة مع تطوير الصناعة المحلية ، لذا فمن باب الحفاظ على مهنيتك وتاريخك الطويل , فان هناك من يطالبكم ان تكون اول من يدعوا لتسليم رئاسة لجنة تنشيط الصناعة لأصحاب المصلحة الحقيقية والممثل الشرعي للصناعيين ، وبذلك سيسجل لكم موقفا يضاف لمواقفكم المعروفة في احترام المهنية والاختصاص .
