في مقال له تحت عنوان “الدول بين الابتكاروالاندثار” كتب الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم حاكم دبي يقول انه بموجب الكتاب الاخير الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية بسويسرا تم تصنيف حكومة الإمارات الأكثر كفاءة عالميا. مكتوم يرى ان ذلك يعود الى الاداء البحكومي الذي يقوم في دبي على أساس مبدأ المنافسة مع القطاع الخاص. فالدولة ” تنافس القطاع الخاص وتعمل بنفس عقليته، وتتبنى أفضل ممارساته، وتقاس أعمالها وخدماتها بنفس معاييره، بل ذهبنا أبعد من ذلك وبدأنا نقيس سعادة متعاملينا ونصنف مراكز خدماتنا وفق أنظمة النجوم الفندقية المتعارف عليها عالميا”. تصوروا دولة تتصرف كما لو كانت من حيث مبدا المنافسة كفندق خمس نجوم وتنجح نجاحا كبيرا. وبما ان الشركات تبدا صغيرة ومن ثم تكبر وتشيخ وتخرج من مبدا المنافسة وهوما حصل خلال النصف القرن الماضي فان الشيخ محمد يطرح سؤال جوهريا هو هل تشيخ الحكومات والدول وتتأخر مع مرور الزمن؟ يجيب بنعم. لكن المفارقة اللافتة التي ينبه اليها الرجل هي ان الشركات حين تهرم تخرج من دائرة المنافسة اما الدول فتخرج من التاريخ. ولكي تبقى الدولة ضمن دائرة التنافس فان الحل الوحيد الذي يراه مكتوم عمليا هو الاعتماد على “قدرات عقولنا البشرية”. هو لم يقل ثرواتنا النفطية او مواردنا المالية . العقل البشري وحده يمكن ان يصنع المعجرات.السر يكمن من وجهة نظره في كلمة واحدة وهي “الأبتكار”. فحتى لانندثر كدولة لابد أن نبتكر حلولا جذرية. مكتوم يذهب الى ماهو ابعد من ذلك حين يقول انه ” إذا لم تبتكر الحكومات في طرائق التعليم مثلا، وتعدّ جيلا جديدا لزمان غير زمانها فحتما ستشيخ تلك الحكومات وحتما ستتأخر شعوبها”.ويضيف ” إذا أردنا أن نكون حكومات مبتكرة فلا بد أن نفكر كشركات مبتكرة. وهنا سؤال لا بد أن نطرحه على أنفسنا أيضا: ما هو الأهم للحكومات؟ أن تستمر في الصرف بشكل مكثف على البنية التحتية من شوارع وطرقات وأنفاق وجسور وغيرها؟ أم أن تهتم بالصرف على البنية التحتية غير المرئية من تغيير في الأنظمة وتطوير في التعليم والمهارات وبناء للتطبيقات وإجراء الأبحاث والدراسات ودعم الابتكارات؟ ومع اسهابه في ايراد العديد من الامثلة والارقام الهامة فانه يرى مثلا ان ” سر تطور دول مثل سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية خلال فترة قصيرة هو تأجيل الصرف على البنية التحتية وتركيزها الكبير على تطوير التعليم وبناء مهارات ومعارف شعوبها، أي البنية غير المرئية.
بل إن دولة مثل بريطانيا تصرف من ميزانيتها سنويا على البنية التحتية غير المرئية كاستحداث الأنظمة والتدريب والأبحاث والتطوير أكثر مما تصرفه على البنية التحتية المرئية من شوارع وأنفاق ومبانٍ وغيرها (124 مليار جنيه مقارنة بـ93 مليار جنيه حسب أرقام 2009). هل تريد ياشيخ محمد ان تسمع انجازاتنا وابتكاراتنا؟ سجل عندك اذن.رفعنا حظر التجوال الليلي عن بغداد المفروض منذ عام 2008. فتحنا شارع الجوازات امام حركة المرور. مررنا قانوني الحرس الوطني وحظر حزب البعث. جعلنا احياء الكرادة والاعظمية والكاظمية والمنصور والسيدية “منزوعة السلاح”. يا ابتكار يا بنية تحتية غير مرئية يا بطيخ. “روح احجيها الخوالك شيخ” او “تخليها سكتة”.