{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
أخذ الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، بمجامع قلوب الناس؛ لتواضعه اولا، ولولائه الوطني الخالص، حد فناء ذاتهـ تماهيا مع العراق.
سكرتيره الشخصي.. نعمان ماهرالكنعاني، الذي إختلف معه، في ما بعد، وإلتحق بعدوه جمال عبدالناصر، برأه من أي عمالة أجنبية، خلافا لكل الحكام العرب، على مر التاريخ.
وإذ تحل علينا اليوم.. الأحد، ذكرى إستشهاده، فإننا نجد في إستعراض حياته موعظة كبرى، وقدوة يحتذيها الصالحون، سيرا على هداه، في الإنتماء المخلص… عاش متقشفا ومات مؤمنا بقضية الفقراء.. إنه أمير الفقراء بحق.. له في قلوبه محرب، ينشدون فيه مستقبلا ينقلهم من جوع الى شبع!
نسبه
عبد الكريم قاسم بن محمد بن بكر بن عثمان الفضلي الزبيدي (1914 – 1963) من أهالي منطقة الفضل في بغداد، سكن مع أخواله قضاء “الصويرة” في محافظة واسط جنوب بغداد، بعد وفاة والده.
قيادة الثورة
عمل رئيس للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع وكالة، من 14 تموز 1958 لغاية 8 شباط 1963 بدأ عضواً في تنظيم الضباط الأحرار، ورشح لعام 1957 رئيسا للجنة العليا للتنظيم الذي أسسه العقيد رفعت الحاج سري، العام 1949، على الحدود الاردنية الإسرائيلية!!!
ساهم قاسم مع قادة التنظيم بالتخطيط لثورة 14 تموز 1958، التي نفذها مع زميله عبد السلام محمد عارف، منهيا الحكم الملكي ومعلنة الجمهورية.
إحساس عسكري
عسكري صارم، يحنو بتواضع الفرسان المقتدرين، على الطبقات الفقيرة، فهو شخصية “إشكالية” مثيرة للجدل، إتهم بالتفرد بالحكم، إذ يطلق عليه الشارع لقب “الزعيم الأوحد” حبا بتفرده في محبة الفقراء من دون سواه.
واقعة الطف
قتل على يد البعثيين، وعلى رأسهم علي صالح السعدي، الذي حرمه من شربة ماء طلبها ليفطر بها قبل اعدامه رميا بالرصاص، هو وفاضل عباس المهداوي، حيث كانا صائمين وكان ذلك في الرابع عشر من رمضان في أحد استديوهات الاذاعة والتلفزيون.
حرمان البعثية، لقاسم من الماء، نسجا على ايقاع يزيد، في واقعة “طف كربلاء” ضد الحسين.. عليه السلام، يؤكد ان الطغاة، على مر التاريخ، من دون أخلاق.. جبناء إذا تولوا لا يعفون.
لكن “بشر القاتل بالقتل” فقد إنقلب عبد السلام عارف، مدبر إنقلاب 8 شباط المشؤوم، العام 1963، على شركائه البعثية، بعد تسعة أشهر، منكلا بهم، متفرقين أيدي سبأ، يوم 18 تشرين الثاني من السنة نفسها، ومنهم صدام حسين الذي لم يكن لديه آنذاك اي منصب حكومي، إنما يرأس جهاز الاغتيالات في حزب البعث.
تاريخ شخصي
الزعيم قاسم أحد الضباط المشاركين، في القتال داخل فلسطين.. حكم العراق 4 سنوات و 6 أشهر و 15 يوماً، تم إعدامه من دون تحقيق خلال محكمة صورية عاجلة في دار الإذاعة والتلفزيون، يوم 9 شباط 1963.
نزيه.. حريص على خدمة الشعب، لم يضع لشخصه ولا أهله وأقربائه أي أعتبار أو محسوبية أمام المسؤولية الوطنية.. تسامح مع المتآمرين على الثورة، منتهجا سياسة “عفا الله عما سلف” بإصدار قرارات عفو عن المحكومين بالإعدام.
رحم الله امير الفقراء، الذي ما زالوا يرددون، مستذكرينه: “ما كو زعيم إلا كريم”.