دائماً كنت أسأل الله ان أرى في منامي رؤية عن استشهاد الامام الحسين (ع) بواقعة الطف الخالدة ,معركة الحق والإيمان برسالة السماء ,رغم معرفة من قاتلوه وفعلوا ما فعلوا به وبأهله وأنصاره بمنزلته وقربه ومكانته من رسول الله ,كنت أتوسل بالدعاء لهذا الأمر وتحقق فعلاً لكنني رأيت شيئاً لا يوصف ولا يعقل ,وهو ان هنالك باباً ومنادي يصيح بصوت مليء بالعنفوان والإصرار اسم من وقع عليه الاختيار للنزول لساحة الوغى ومقاتلة جيش الظلام بمعسكر عمر بن سعد ,وقد نودي على الحر الرياحي ,فنزل مبارزاً يذود عن حرم رسول الله مدافعاً عن قضية ومبدأ استنشق هواه من الحسين ,ورأيت كيف ناوشته السيوف والرماح والسكاكين الى ان أردوه شهيداً مقطع الأوصال ,ثم نادى المنادي جاء دورك (يا ثائر) وتهيئة للنزول وتهيئ معي سيفي ورمحي ودرعي ,وقرأت الشهادة ورددتها مع نفسي ,لكنني لم استطع النزول فهول المعركة أطبق على قدمي وشل يدي ,لم اعرف ما السبب ,وبعد صفاء ذهني وأستقرار روحي ,عرفت ان الرجال الذين قاتلوا مع الحسين هم مهيئين معه لخوض المعركة نفسياً مؤمنين بقضيته وبما يحل بهم من قتل مروع ,وليس غيرهم تنازلوا عن كل شيء من ملذات الدنيا ,ان قضية الحسين تحتاج لمبادئ وقيم ثابتة راسخة بعمق الجذور الممتدة في الارض ,تحتاج لمن لا يفكر بالمنصب ومغرياته وخدمه وحشمه ,كيف لي ان أكون مع الحسين فكراً وسلوكاً ,وأنا دائماً أتأمل كيف سيأتي المنصب وأتذوق حلاوته,وأفكر ملياً ان أصبح مسؤلاً رفيع المستوى ورقماً مهماً في صراع السياسة ومخلفاتها من مهادنة ومساومة وتغاضي عن كثير من الأخطاء ,اذا أردت ان أكون معك سيدي فعلي الاستعداد ان أضحي بنفسي وبأولادي وأنا أراهم صرعى وقتلى ,وأترك من بعدي أسرتي تتعرض للسبي فهو ثمن محبتكم وولايتكم بل هو ثمن عدالة قضيتكم ,ان اترك منصبي وأتخلى عنه ,مقابل حياة فيها خلود ,وجنة عرضها السموات والأرض,أو استخدم المنصب لنصرة المظلومين وإسعاف المحتاجين وقضاء حوائجهم ايماناً بمقولتك (اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملُوا النعم فتحور نقما)انه صراع مع النفس التي
تأبى التضحية وترك مغريات الحياة ,وبين نفس تريد الولوج في حب الحسين, سيدي سأختار طريقك ,فالدنيا عندي محطة سفر لعالم آخر,عالم لا ينفع فيه مالاً ولا بنون به, سأقابل جدك المصطفى وأبوك المرتضى وأمك الزهراء ,بوجهً ابيض وبنفس مطمئنة ,وأقول لهم لقد قدمت ما لدي ,فجودوا لي بدعائكم عند الله بالرحمة والغفران لي ولوالدي ولأخوتي ,ولأحبتي بحسن العاقبة ,سيدي ما قيمة المنصب وكرسيه وأنا أراك تجود بنفسك ويقتلك الصبر قبل تقطعك السيوف ,هون عليك صبراً وان تقول لهم :على ماذا تقاتلونني على سنة غيرتها ام على شريعة بدلتها ؟فقالوا له أنما نقاتلك بغضاً منا لأبيك ,علي الذي ترك الدنيا بقطيفة مرقوعة تاركاً وراؤه خلوداً يذكره المبغض والمحب القاصي والداني .