صدرت قبل ايام الوثيقة الخاصة باستراتيجية الامن القومي الاميركي للعام 2015 وهي وثيقة تصدر باسم رئيس الدولة الذي يلتزم بكل ما جاء في مفرداتها ومضامينها بعد ان تشترك في كتابتها كل المؤسسات الاميركية ذات الشأن بالأمن القومي الاميركي وتتناول الوثيقة رؤية ادارة الرئيس الحالي لواقع الامن الاميركي ومجمل التحديات والمخاطر وتتناول كذلك الخطوط العريضة لسياسة اميركا في العالم فضلا عن مجمل التحديات العالمية التي تقف بوجهها.
اميركا تسعى لمواصلة استثمار طبختها في المنطقة واعادة طبخها ان اقتضت الحاجة اذ تؤكد استراتيجية الأمن القومي خاصتها أن الإرهاب هو “تهديد مستمر” وسط ما تقول الإدارة الاميركية إنها “معركة أجيال من أجل السلطة في منطقة الشرق الأوسط”.
وتشير الوثيقة إلى أن الإدارة الأمريكية ترى أن اسلوبها فيما تسميه محاربة الإرهاب القائمة على الغارات بطائرات دون طيار وعلى عمليات للقوات الخاصة وعمليات تجسس وقوات وكيلة تعمل على الأرض في مناطق نشاط أميركا هو نهج “يمكن السيطرة عليه” أكثر من الحروب البرية التي خاضتها في العراق وأفغانستان ولكنها لم تنته وتؤكد الوثيقة ان اميركا تحاول العمل من خلال تحضير نفسها لحرب طويلة ضد أعدائها دون التزام قواتها بذلك بوضع قوات على الأرض بشكل يؤدي إلى معارضة محلية ودولية.
حديث الوثيقة في مفردة “النظام الدولي” عن تعاظم الصراع المذهبي ومساعدتها في حل مشكلة ما اطلقت عليه “المظالم السنية” يشير الى استمرار السياسية الاميركية في العراق وسوريا القائمة على اساس اثارة الفتن والاضطرابات واثارة الحساسيات المذهبية لدوام مسار الحروب عن طريق جيوش الوكالة سواء كانت داعش او غيرها من الجيوش المقنعة الجديدة التي يتم العمل على استكمال بنائها في سوريا بعد قطعت في العراق شوطا مهما في هذا الاتجاه تحت شعار أهمية تعزيز القدرات العراقية لمواجهة تنظيم “داعش” التي تصور الجهود الأمريكية في العراق على أنها جهود مساعدة فيما تصف الوثيقة القوى الوكيلة التي ترغب أميركا ببنائها في سوريا بأنها “لتوازن ما اسمته ” قوة الدولة الإسلامية ووحشية نظام الأسد”، وليس من أجل أن تكون وسيلة لاستعادة الأراضي منهما.
في نفس الوقت الذي تؤكد فيه على أن “الحل الدائم للحرب الأهلية في سوريا يظل سياسيا” ولكنّ الوثيقة لا تتحفظ على ما اسمته “استخدام القوة الحاسمة” غير أنها لا تقدم تفاصيل حول كيفية استخدام القوة.
وتقول الوثيقة: “الولايات المتحدة لا أعداؤها، من سيحدد طبيعة الصراع ونطاقه، وعلينا تحديد ذلك” في تصريح واضح على اهمية المضي في مشروع اعادة رسم الخرائط الجيوسياسية عبر مشاريع الأقلمة والتقسيم التي تسير بوتيرة متسارعة غيرت فيها اميركا قواعد الاشتباك واسقطت الحدود ما فتح الباب واسعا لمحور المقاومة لتغيير هذه القواعد من جانبه ايضا فضلا عن روسيا التي غيرت عقيدتها القتالية لتتغير بذلك قواعد الاشتباك الدولية ويتصاعد احتمال الدخول في حرب لا قدرة لاميركا ومحورها على دخولها في الوقت الراهن ما يدفعها الى التعويل على “الصبر الاستراتيجي” كما عبرت عنه الوثيقة ومحاولة توظيف الاصدقاء وبعض الاعداء لخدمة مصالحها واغراضها الجيوسياسية بدلا من التدخل المباشر واستعجال قطف الثمار.