الجميع يعلم إنّ رئيس المجلس الإعلى الإسلامي الحالي السيد عمار الحكيم قد توّلى رئاسة المجلس بوصية من أبيه المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم , الذي هو الآخر قد توّلى ذات المنصب بالتوريث بعد استشهاد أخيه محمد باقر الحكيم , ومن يتمّعن جيدا بسلوك وأداء عمار الحكيم السياسي والديني والاجتماعي , سيصل حتما إلى نتيجة مفادها أنّ عقدّة التوريث أصبحت هاجسا يتحّكم تماما بكل تصرفاته وسلوكه , ففي الجانب السياسي يريد عمار أن يبرهن للآخرين إنّه قد توّلى منصب رئاسة المجلس الأعلى بحكم قابلياته وإمكاناته وخبراته الكبيرة في العمل السياسي , وقدراته الخلّاقة باتخاذ القرارات الصائبة في المواقف الصعبة , وليس كما يعتقد الجميع بأنه لم يكن ليصل لهذا المكان لولا نظام التوريث الذي أوصله لهذا المنصب , ولهذا تراه حريصا جدا في الظهور أمام وسائل الإعلام والرأي العام بمظهر القائد السياسي المحنّك الذي لا يشّق له غبار , والشخص الحريص على مستقبل البلد وهموم أبناء شعبه , فهو منذ أن أصبح رئيسا للمجلس الأعلى بعد وفاة أبيه المرحوم عبد العزيز الحكيم , ركّز بشكل كبير على مظهره الخارجي وأناقته وبالغ كثيرا في لبس الملابس الفاخرة بعيدا عن منهج أئمة أهل البيت عليهم السلام في الزهد في الحياة الدنيا , وإقامة المؤتمرات والولائم الباذخة بمناسبة أو بدون مناسبة , حتى جعل لنفسه لقاءا تلفزيونيا أسبوعيا ليظهر به مع الحسناوات في كل أربعاء , وليصرّح من خلال هذا اللقاء الأسبوعي بما يريد أن يقوله من جمل ومصطلحات رنانة ليسوقها لوسائل الإعلام , والتي لا يعي معظمها , متوّهما أنّه من خلال هذه المصطلحات الفارغة سيغيّر رأي الشارع العراقي بأنّ المنصب الذي توّلاه هو استحقاق له وليس توريثا .
لا أريد في هذا المقال أن أستعرض مواقف السيد عمار الحكيم من مجمل القضايا الوطنية ودوره في إبقاء نظام المحاصصات الطائفية والقومية البغيض الذي أوصل البلد لهذا الحال الذي نحن فيه , واصطفافه مع أعداء التشّيع من أجل إسقاط نوري المالكي ودوره في جر بعض مراجع الدين لمعمعة الصراع السياسي , ومحاولة ظهوره أمام الرأي العام الشيعي بأنّه المدافع الأمين عن المرجعية الدينية العليا , مع العلم أنّ كل تصرفاته لا تمت للدين بصلة , وآخرها هذا المؤتمر الذي أقامه المجلس الأعلى تحت شعار ( ديننا .. وئامنا ) , وهذا البذخ والإسراف اللا مبرر واللا ضروري حتى بالنسبة لأكثر دول العالم رفاهية , وليس لبلد مثل العراق يعاني من أزمة اقتصادية خانقة بسبب انخفاض اسعار النفط العالمية وإعلان البلد حالة التقشف القصوى , إسراف ليس له أي مبرر سوى أن يظهر أمام وسائل الإعلام بهذه القاعة الفارهة وهو جالس بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , وليلقي خطابا باهتا عن الوضع السياسي ومتطلبات المرحلة الحالية , ولو كان المؤتمر ذا أهمية لما غادره الرؤوساء الثلاثة بعد إلقاء كلماتهم مباشرة وتركهم القاعة حتى من دون أن يستمعوا لكلمات المدعوين لهذا المؤتمر , أمّا بخصوص مطالبته بالإسراع بتشريع قانون الحرس الوطني , فإنّ هذه المطالبة لا تّقل سوءا عن مطالباته السابقة بحكومة شراكة الاقوياء وحكومة المقبولية , وإذا أراد السيد عمار الحكيم أن يبرهن للعراقيين أنّه قائد جماهيري وصادق في تبنّيه لدعوة الجهاد التي أطلقتها المرجعية الدينية ومحاربا حقيقيا للإرهاب الداعشي , فليعمل كما يعمل المجاهدون هادي العامري والشيخ قيس الخزعلي ورفاقهم في فصائل المقاومة العراقية والحشد الشعبي , وليس من خلال الصور الكاذبة بالملابس العسكرية وهذه المؤتمرات التافهة , فالشعب العراقي يا سيد عمار لم يعد قادرا على تحّمل هذه السلوكيات المراهقة والبهلوانيات السمجة .