11 أكتوبر، 2024 5:25 م
Search
Close this search box.

آثار عقدّة التوريث في سلوك عمار الحكيم

آثار عقدّة التوريث في سلوك عمار الحكيم

الجميع يعلم إنّ رئيس المجلس الإعلى الإسلامي الحالي السيد عمار الحكيم قد توّلى رئاسة المجلس بوصية من أبيه المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم , الذي هو الآخر قد توّلى ذات المنصب بالتوريث بعد استشهاد أخيه محمد باقر الحكيم , ومن يتمّعن جيدا بسلوك وأداء عمار الحكيم السياسي والديني والاجتماعي , سيصل حتما إلى نتيجة مفادها أنّ عقدّة التوريث أصبحت هاجسا يتحّكم تماما بكل تصرفاته وسلوكه , ففي الجانب السياسي يريد عمار أن يبرهن للآخرين إنّه قد توّلى منصب رئاسة المجلس الأعلى بحكم قابلياته وإمكاناته وخبراته الكبيرة في العمل السياسي , وقدراته الخلّاقة باتخاذ القرارات الصائبة في المواقف الصعبة , وليس كما يعتقد الجميع بأنه لم يكن ليصل لهذا المكان لولا نظام التوريث الذي أوصله لهذا المنصب , ولهذا تراه حريصا جدا في الظهور أمام وسائل الإعلام والرأي العام بمظهر القائد السياسي المحنّك الذي لا يشّق له غبار , والشخص الحريص على مستقبل البلد وهموم أبناء شعبه , فهو منذ أن أصبح رئيسا للمجلس الأعلى بعد وفاة أبيه المرحوم عبد العزيز الحكيم , ركّز بشكل كبير على مظهره الخارجي وأناقته وبالغ كثيرا في لبس الملابس الفاخرة بعيدا عن منهج أئمة أهل البيت عليهم السلام في الزهد في الحياة الدنيا , وإقامة المؤتمرات والولائم الباذخة بمناسبة أو بدون مناسبة , حتى جعل لنفسه لقاءا تلفزيونيا أسبوعيا ليظهر به مع الحسناوات في كل أربعاء , وليصرّح من خلال هذا اللقاء الأسبوعي بما يريد أن يقوله من جمل ومصطلحات رنانة ليسوقها لوسائل الإعلام , والتي لا يعي معظمها , متوّهما أنّه من خلال هذه المصطلحات الفارغة سيغيّر رأي الشارع العراقي بأنّ المنصب الذي توّلاه هو استحقاق له وليس توريثا .
لا أريد في هذا المقال أن أستعرض مواقف السيد عمار الحكيم من مجمل القضايا الوطنية ودوره في إبقاء نظام المحاصصات الطائفية والقومية البغيض الذي أوصل البلد لهذا الحال الذي نحن فيه , واصطفافه مع أعداء التشّيع من أجل إسقاط نوري المالكي ودوره في جر بعض مراجع الدين لمعمعة الصراع السياسي , ومحاولة ظهوره أمام الرأي العام الشيعي بأنّه المدافع الأمين عن المرجعية الدينية العليا , مع العلم أنّ كل تصرفاته لا تمت للدين بصلة , وآخرها هذا المؤتمر الذي أقامه المجلس الأعلى تحت شعار ( ديننا .. وئامنا ) , وهذا البذخ والإسراف اللا مبرر واللا ضروري حتى بالنسبة لأكثر دول العالم رفاهية , وليس لبلد مثل العراق يعاني من أزمة اقتصادية خانقة بسبب انخفاض اسعار النفط العالمية وإعلان البلد حالة التقشف القصوى , إسراف ليس له أي مبرر سوى أن يظهر أمام وسائل الإعلام بهذه القاعة الفارهة وهو جالس بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , وليلقي خطابا باهتا عن الوضع السياسي ومتطلبات المرحلة الحالية , ولو كان المؤتمر ذا أهمية لما غادره الرؤوساء الثلاثة بعد إلقاء كلماتهم مباشرة وتركهم القاعة حتى من دون أن يستمعوا لكلمات المدعوين لهذا المؤتمر , أمّا بخصوص مطالبته بالإسراع بتشريع قانون الحرس الوطني , فإنّ هذه المطالبة لا تّقل سوءا عن مطالباته السابقة بحكومة شراكة الاقوياء وحكومة المقبولية , وإذا أراد السيد عمار الحكيم أن يبرهن للعراقيين أنّه قائد جماهيري وصادق في تبنّيه لدعوة الجهاد التي أطلقتها المرجعية الدينية ومحاربا حقيقيا للإرهاب الداعشي , فليعمل كما يعمل المجاهدون هادي العامري والشيخ قيس الخزعلي ورفاقهم في فصائل المقاومة العراقية والحشد الشعبي , وليس من خلال الصور الكاذبة بالملابس العسكرية وهذه المؤتمرات التافهة , فالشعب العراقي يا سيد عمار لم يعد قادرا على تحّمل هذه السلوكيات المراهقة والبهلوانيات السمجة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات