يقال ان الذكرى الجميلة تطيب لها النفوس, ولعل ذكراي هذه التي اود ان اذكر القارئ الكريم بها مؤلمة, وقد تعكر مزاجها فأطلب الصفح منهم مقدما وليلتمسوا لي العذر, بما سأقول, فما سأقوله, ذكرى غير محببة, وانا مضطر, ولا على من اضطر من حرج!
قبل أكثر من عام وعندما كان صراع أنا اولاً, على أشده, بين فريقين, الأول فريق رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, الذي كان راغباً بشدة, ان يحكم العراق لدورة ثالثة, تسمى ولاية! والفريق الثاني, كان مؤمنا, بالتداول السلمي للسلطة, ومؤمنٌ بتحديد الرئاسات الثلاث بدورتين, ورافضٌ للتعدي! حينها وكان لقاءا نقلته أحدى القنوات التلفزيونية, الضيف كان الأستاذ عباس البياتي, وهو في وقتها من الموالين للمالكي, والمدافعين عن منهجه, أتذكر جيدا انه طرح فكرة استنساخ المالكي, بعض المتابعين اعابوا على البياتي هذا الوصف, باعتبار ان المالكي بشرٌ وليس نعجة, مستذكرين النعجة دولي التي تم استنساخها, والبعض الاخر أيضا اعابو على البياتي قوله, فالبلد نوفل!
الاعلام لم يدع الحادثة تمر مرور الكرام, بعضهم رد على البياتي بنفس منطقة, باستهزاء: لوكان المالكي مبعوثاً في زمن الرسول الكريم لما أحتاج ان يوصي بخلفية من بعده!
حادثة البياتي – الاستنساخ – وهو صاحب براءة اختراع فيها, فتحت الباب على مصراعيه, للتفكير جدياً بالاستنساخ.
رب مفكر يستحضر هذه الفكر ويطرح تساؤلاً: لماذا لا نستنسخ بعض التجارب, سيما وان ما عانيناه سابقا, هو ضعف الإدارة, وخلو الكابينات الحكومية من مفكرين, بلحاظ استنساخ التجارب الناجحة, لا الفاشلة.
كثيراً ما كنا نشاهد, ولا نستغرب, وزيراً ينتقد الحكومة التي هو عضواً فيها, ويحضر جلساتها, ويصوت على قرارتها! هذه المرة لم تعد كالمرة السابقة, فالوزير الذي يعترض, صار من حقه الاعتراض, بعد إقرار نظام داخلي لمجلس الوزراء, وهذه تجربة جيدة علينا استنساخها.
أول من كسر قاعدة, ان الوزير الذي يعارض قضية ما, يعترض عليها في داخل جلسة مجلس الوزراء, لا يعترض في وسائل الاعلام, هو وزير النفط عادل عبد المهدي, الذي سجل اعتراضه على طعن الحكومة بقانون رقم 21 الخاص بصلاحيات المحافظات, بيد ان اعتراضه كان ايجابياً, وحسم الامر لصالحه, بعد نقاش واستفاضة, وإقناع, وطرح وجهة النظر.
أول وزيرٌ يعقد لقاءات دورية مع الوزراء السابقين, والوكلاء السابقين, والمسؤولين السابقين, في وزارته, دون ان يستحضر نزعة إزاحة السابقين, هذا منهج جديد للاستفادة من الخبرات السابقة, وجميعها يصب في مصب تطوير أداء الوزارة, علينا استنساخه.
تجارب عادل عبد المهدي, في فترة ال150 يوماً, مدة عمله وزيراً للنفط, أفرزت منهجا وسلوكاً عصرياً, يجب استنساخه.
اخيراً عبد المهدي الوزير منهجا, هو ما يجب علينا استنساخه, لا عبد المهدي الانسان..