قال أجعلني على خزائن ألآرض أني حفيظ عليم ” – 55- يوسف – من شاهد وقائع جلسة تمرير الميزانية لعام 2015 يخرج بنتيجة أن العراق لايزال يعاني من كساح سياسي أنتخابي يقف وراء رداءة العمل في الحكومة مجتمعة التي يسافر بعض وزرائها أسبوعيا الى بيروت أو دبي مما يجعل الوزير مشبوها وكتلته متهمة وحكومته ضعيفة , وقيام بعض الوزراء بأصطحاب حواشي وحمايات مصابة بذعر وهستيريا تواجه بها المواطنين في شوارع بغداد وشوارع المحافظات , وتتركز مظاهر الغطرسة عند مداخل الوزارات ودواوينها التي أصبحت حكرا على ميليشيات ألآحزاب صانعة البيروقراطية ومظاهر الدكتاتورية التي يستمرئها مسؤول الحزب وأعوانه كما يفعل وزير الخارجية بأستقبال ضيوفه في مكتبه الخاص وليس في وزارة الخارجية التي تجمع فيها بريده الخاص دون قراءة , ومثلما ظل سفراء العراق القادمين للقاء الوزير الغائب بحجة السفر , ومثلما ظل ألآرشيف اليهودي المهرب من العراق تتناول أخباره وسائل ألآعلام ألآجنبية وتسكت عنه وزارة الخارجية ويتجاهله أعلام شبكة ألآعلام العراقية التي تذكرنا برامجها المحشورة بلقاءات ووجوه أن تسمع بالمعيدي خيرا من أن تراه ” تذكرنا بجلسات مجلس النواب التي تكشف عجزا في اللغة والبيان الى حد العي والفهاهة , وتكشف عجزا في ألآختصاص والخبرة لايتناسب مع مايمتلك العراق من كفاءات وخبرات عرفت دول العالم المتقدم أستثمارها حيث عجزت حكومات ألآنظمة المتعاقبة عن أحتضانها , بل كانت شرا وبالا عليها , ومطاردات جلاوزة أمن ألآنظمة المرعوبة من شعبها يعرفها كل من ذاق مرارة المطاردة في الخارج والمحاصرة وألآقصاء في الداخل .
أن جلسة تمرير الموازنة وليست مناقشتها كشفت خواءا وعجزا على كل المستويات : التنظيمية , حيث ألآختلاف على التصويت ألآلكتروني الذي بلغت كلفة أجهزته مليونا من الدولارات , وألآختلاف على التصويت برفع ألآيدي وهو ألآسلوب الذي يخفي الخوف من حرية أختيار بعض النواب الذين لايؤمنون ولايثقون بهيمنة رؤساء الكتل البرلمانية الذين تحولوا الى أقطاعيات تحتكر المناصب والقرارات بحيث لم تعد لرئاسة البرلمان حرية ألآدارة رغم كون هيئة رئاسة المجلس منقوصة الخبرة والكفاءة لبعض أعضائها ومتهمة بالطائفية للبعض ألآخر .
أن تصريحات بعض النواب الذي أعلنوا أنهم لم يتح لهم قراءة مشروع الموازنة المطبوع في خمس وأربعين صفحة , يعكس خلالا تنظيميا يعاني منه مجلس النواب مثلما تعاني منه كل أجهزة الدولة , ثم كانت مداخلات بعض النواب وأعتراضات بعضهم تكشف عن محدودية في المتابعة وعن نقص في الخبرة لاتؤهل صاحبها أن يكون في مكان ليس كفأ له .
ومما يثير الدهشة وألآستغراب أن أعضاء اللجنة المالية كانوا يتلكؤن في قراءة بنود الموازنة مما يعني أنهم لم يقرأوها من قبل , أو أن بعضهم ليس متمكنا من مفردات اللغة وقواعدها , ولآهمية اللغة والبيان كان أنبياء الله هم ألآفصح , وكان ألآمام علي “ع” يقول عن أهل البيت “ع” نحن أفصح وأنصح وأصبح ” وفي كلا الحالتين يظل المشهد ليس لصالح أعضاء اللجنة المالية من وجهة نظر خبراء أشارات الجسد , أما المديح وألآطراء الذي حصلوا عليه من البعض فلا يعدو كونه لونا من ألوان المجاملات التي أعتاد عليها البعض , وهذه العادة هي مرض أجتماعي .
وتظل علامات ألآستفهام وألآستنكار تلاحق ما أعتمدته الموازنة من سعر بيع برميل النفط ” 55″ دولارا بينما سعره في أوبك 45 ” دولارا , وأعتبار ألآنتاج في سقف ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف برميل يوميا معتبرين أنتاج ألآقليم من ضمنه والذي لم يحسم أمره نهائيا , ويبقى ألآنتاج الفعلي ” 2800000 برميل يوميا , ولاندري كيف سمحت الحكومة والبرلمان لنفسيهما أن يتبنيا مثل هذه ألآرقام وهي مجازفة لايقدم عليها من يعرف بوصلة السوق النفطية في العالم ومن هم المسيطرون عليها ؟
ثم متى كانت ألآحتمالات التي تقوم على ترجيح بدون مرجح يمكن ألآخذ بها والركون اليها وهي مفارقة ومخالفة عقلية منطقية مرفوضة في جدل ألآحتمالات التي لايوافقها العلم ألآجمالي وقواعده .
ثم نقول للذين يحبون ألآنفتاح الذهني وحوارات الفكر , أن يوسف النبي “ع” أختار أن يكون محاسبا أقتصاديا ماليا عند فرعون مصر , لآهمية المال وألآقتصاد والزراعة في حياة الناس , ولذلك قال ألآمام الصادق “ع” : لولا الخبز لما صمنا ولا صلينا ولا أدينا الواجبات ” وأذا كانت لدينا كل هذه الكنوز الفكرية والشخصيات العلمية , لماذا لانستفيد من أرثها ونطبق منهجها في التنظيم والتخطيط المجتمعي , ولماذا نصر على أقصاء الكفاءات ونقرب من هم لايملكون خبرة ولاكفاءة ومن لايحرصون على قيم ألآخلاق والسلوك وهم الذين أوصلونا الى الطرق المسدودة وما نحن فيه من مأزق يشيب لها الولدان , ويعجز عن وصفها اللسان.