15 نوفمبر، 2024 10:14 ص
Search
Close this search box.

أسرار الإنتاج المحلي بين المشاكل والحلول (4 – ٤)

أسرار الإنتاج المحلي بين المشاكل والحلول (4 – ٤)

– (خير) الحلول أوسطها
قد يكون الحل الوسطي ليس بالخير ، ولكنه قد يكون هو الحل الممكن ، فالحكومة بتقديرنا سوف لن تكون قادرة على مواجهة سياسة الاغراق الاستيرادي وفي الوقت لا تستطيع الوقوف مكتوفة الايدي امام تدهور قطاعات الانتاج المحلي وتزايد إعداد العاطلين ونقص الأموال الصعبة ، لذا من الممكن اعتماد حلا وسطيا بين الجهتين بحيث يبقى المستوردون على أعمالهم بعد تقليص حجم العملات الاجنبية المباعة بمزاد البنك وزيادة سعر الصرف عليهم ، ومن جهة استقطاع المخصص الباقي من العملات ودفع جزء منه الى قطاعات الانتاج المحلي بأسعار تفضيلية تسمح لهم باستيراد المواد الأولية بأسعار مخفضة واستخدام الجزء المتبقي في سياسات الدعم للمنتوج المحلي ، وبالتالي سيبقى كل من البناء الاقتصادي السابق والبناء الجديد يعملان وفق ما يسمى بالنظام الموازي ، ولشرح الموضوع ( وان كان مملا) نقول ان المناهج الاقتصادية الاساسية في العالم الحديث تتمحور حول اثنين هما المنهج الرأسمالي وفيه تكون الملكية العامة للشعب وواجب الدولة هو التنظيم ومصدر دخلها الضريبة والرسوم وجميع الدول المتقدمة تعتمد هذا المنهج وان كان بدرجات مختلفة ، اما الثاني فهو المنهج الشمولي الذي تكون الملكية العامة للدولة وملكيتها هي مصدر دخلها الأساسي والضريبة شي ثانوي ويحصل المواطن على رزقه من الدولة مباشرة او من نشاطها الاقتصادي وهناك الكثير من الدول الاشتراكية والدكتاتورية والدينية والملكية الاسرية تعتمد هذا المنهج وان كان بدرجات متفاوتة ايضا .

وعندما تواجه دولة ما مشكلة معقدة فإنها تقوم بتطوير المنهج المعتمد ، ونظم التطوير الأساسية في الفكر الاداري هي ثلاثة أولها نظام التطوير الاصلاحي وغالبا ما يتم استخدامه من قبل الدول لإصلاح الأخطاء البسيطة نوعا ما في بناءها التنظيمي او الاداري او الاقتصادي وهذا النظام غير ناجح في العراق لسعة الخلل وسبق وان تم استخدامه على نطاق شامل عام 1974 وكانت النتائج فاشلة ، والنظام الثاني هو النظام الاستبدالي وفيه يتم تغيير المنهج الاقتصادي او اجراء تغييرات شاملة وغالبا ما يتم استخدام هذا النظام في التغيرات الدراماتيكية في الحكم مثل الثورات والانقلابات ، وقد استخدمته دول الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي للتحول من المنهج الشمولي الى المنهج الرأسمالي وكان العراق يستطيع استخدامه عام 2003 ولكن الفرصة ذهبت ادراج الرياح ، اما النظام الثالث فهو النظام الموازي وهو يعتمد على انشاء بناء تنظيمي مع بقاء البناء الاصلي موجودا على افتراض ان البناء الجديد سيقلص البناء القديم او يحل محله ، ويستخدم هذا النظام عادة من قبل الدول الشمولية التي تريد التطوير الحقيقي من دون اجراء تغيير كبير في منهجها الاقتصادي ، ومن اكثر الدول نجاحا في استخدام هذا النظام الصين التي اعتمدته منذ عام 1992 من خلال المناطق الاقتصادية الجغرافية وكذلك الإمارات العربية وخصوصا إمارة دبي وهناك دول حققت نجاحا جيدا او بسيطا او فشلت في استخدامه مثل موريتانيا والسودان . والشيء الذي لم ينتبه له الكثيرون ان الدستور العراقي جاء مشجعا على استخدام هذا النظام من خلال اصراره على تكوين مجالس محافظات اضافة للحكومة الاتحادية ولكن التوجه المركزي وعدم الفهم منع استخدام هذا النظام .

والآن لدينا فرصة ذهبية من خلال وجود قانون تعديل قانون الاستثمار في مجلس النواب ، ويمكن تعديل هذا القانون بشكل سريع على ان يحتوى على ثلاثة مواد أساسية إضافية على الأقل هي :

– شمول قطاعات الانتاج المحلي للسلع والخدمات المسجلة في العراق بهذا القانون وبشكل ملزم بدلا من النص القديم الفضفاض .

– تخويل مجلس الوزراء صلاحية إقرار نظم تنشيط الاقتصاد العراقي وسياسات الحوافز والمنح والدعم التي يتم منحها لقطاعات الانتاج بما فيها تمليك الاراضي او الايجار القابل للتمليك وعدم العمل بأي نص قانوني مخالف .

– تحويل الهيأة الوطنية للاستثمار الى التمويل الذاتي او تحويلها الى شركة مختلطة وإقرار إجراءات إضافية تضمن قيامها بالواجب المطلوب .

وإذا حسنت النوايا فان هذا التعديل يمكن إقراره خلال شهر واحد ، وفي الوقت نفسه يستطيع مجلس الوزراء تحديد نظم الحوافز التي يتم إصدارها بقرار من المجلس على ان يعتمد على استشارة اصحاب المصلحة الحقيقية مثل اتحاد الصناعات والجمعيات الفلاحية ونقابات العمال والنقابات المهنية والقطاع المختلط وليس على اتحادات التجارة ورجال الاعمال كما هو معمول به حاليا حيث ان أعضاءها تجار لا يخدمهم تطوير الانتاج المحلي , ان توفير الغطاء القانوني والمالي لدعم قطاعات الانتاج المحلي يمكن ان يتم خلال شهرين على الأكثر ، وان نتائجه ستكون واضحة قبل نهاية السنة مع بقاء المستوردين ومزاد العملة على عملهم ، ولكن كما قلنا اذا حسنت النوايا ، اما اذا لم تحسن فلا بد من تدخل المرجعية الدينية العليا سواء بتطبيق الحلول الجذرية او الوسطية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات