في حديث الصراحة الذي أدلى به الاستاذ أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية لفضائية المدى ، يكتشف المتتبع لهذا الحوار القيم ان النجيفي حرص على اظهار قوة المكون السني العربي بالرغم من حالات الضعف الظاهرة التي شكلت احد العلامات غير السارة في هذا المكون الذي تتقاذفه امواج السياسة وقادتها ، كل يريد ان يتجه به صوب الطريق الذي يخدم اغراضه، في حين حرص النجيفي على اظهار ان المكونات الاخرى ليست اقل ضعفا من المكون العربي السني وان الاختلافات وعوامل التفرقة موجودة في كل الكيانات السياسية ، التي تشكو هي الاخرى من اشكالات كهذه.
وقد سعى النجيفي في الحوار الشيق مع قناة المدى الفضائية على اظهار حالة التجانس والوئام بين اطراف متحدون واتحاد القوى العراقية، وان علاقة قوية تربطه مع رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وبقية قادة التشكيلات السياسية التي يتشكل منها المكون العربي السني، وتربطه علاقات وطيدة مع اغلب هذه القيادات، ساعيا بكل جهده الى اظهار ان من تعرض للملاحقة والاعتقال من قادة المكون العربي ومنهم النائب احمد العلواني ورافع العيساوي انها في طريقها الى الحل، بعد حل اشكالاتهم مع رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وشخصيات مهمة من داخل التحالف الوطني، مؤكدا ان قضيتهم في طريقها الى الحل.
كان الموضوع الاول الذي لفت اهتمام فضائية المدى هو : كيف يتم تحرير الموصل؟ وكان جواب نائب رئيس الجمهورية حاضرا وبهدوء الواثق من نفسه من ان هناك استعدادات تجري لتقريب هذا الامل الذي يتوق له اهالي نينوى في أقرب وقت، وقد هيأنا مستلزمات المواجهة ولم يتبق غير التوقيت الامثل الذي يبقى يوم اعلانه من الاسرار العسكرية.
وحمل النجيفي القيادات العسكرية السابقة التي كانت تتولى مهمة حماية نينوى مسؤولية ماحدث من انتكاسات، وهي تنتظر التحقيقات التي تجريها لجان متخصصة لهذا الغرض، مشيرا الى انه ليس من مصلحة نتائج التحقيقات ان يزداد عدد اعضاء هذه اللجنة، وقد اظهر حرصه على حل أغلب الاشكالات مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وهو وان كان يختلف معه الا انه كان يلتقي ويتحاور معه في امور كثيرة، حتى وان كانوا الان ضمن طاقم الرئاسة حاليا، الا ان النجيفي أشار الى انه ليست هناك مواقف شخصية مع المالكي، بل مواقف كنا قد ابلغناه بها ولم نجد التعاون فيما نطرحه من وجهات نظر في حينها ، وهو ما أدى الى حالات انفراد بسياسة البلد اوصلته الى حالة ما تعرض له من انتكاسات، واحتلت داعش اربع محافظات كانت احدى نتائج هذه السياسة.
وقد أشاد النجيفي بعمليات قامت بها الكتائب التي تم اعدادها لمواجهة داعش في نينوى واستهدفت شخصيات مهمة من هذه العصابات، استخدمت فيها أساليب القتال والمواجهة المباشرة لاستهدافها، وقدمت شهداء في المواجهات معها وقتلت اعدادا كبيرة من داعش في عمليات اغتيال وباستخدام عبوات وقنابل ، مشيرا الى ان اغلب قيادات داعش هربت الى سوريا بعد ان ادركت ان اجلها بات يقترب، ولم يتبق الا عناصر منها ، مازالت تتمترس داخل المحافظة، لكن ابناء نينوى مصرين على طردهم والخلاص منهم.
لقد حرص النجيفي من خلال الحوار الشيق مع فضائية المدى على اظهار تعاون ائتلاف متحدون واتحاد القوى العراقية مع رئيس الوزراء حيدر العبادي ، في أي تصريح أو حوار يدلي به النجيفي عن تقييمه للعلاقة مع حكومة العبادي الحالية ، مشيدا دوما بالفترة الايجابية في عهده والعلاقات الوطيدة التي ارسى دعائمها العبادي مع قادة المكون العربي لكنه اعترف بان هناك عقبات تحول دون تحقيق مطالب المكون العربي لم يكن العبادي احد اسبابها بل اطراف اخرى تحول دون تنفيذ تلك المطالب.
طبيعة الحوار كانت هادئة، وبالرغم من ان الاسئلة كانت كثيرة ومتشعبة وتناولت اكثر من موضوع، الا ان النجيفي أظهر حالة هدوئه المعهودة، ما ساعد ذلك في انجاح مهمة الحوار، الذي حرص معد هذا الحوار على ان تكون اسئلته قصيرة وتستفهم عن قضايا جوهرية مهمة محل اهتمام الشارع العراقي وقادة سياسيين ، وقد أجاد المحاور هو الاخر في مهمته، في حين يبدو محاورين من فضائيات ووسائل اعلامية اخرى غير مبالين بتوجيه اسئلة من هذا النوع ، وأقل ما يقال عن أسئلة فضائيات أخرى انها ( استفزازية ) لكن ( المدى ) التي تتوجه الى النخبة في أغلب توجهاتها حرصت على اظهار حالة حوار أكثر قدرة في الوصول الى المعلومة، وبالطريقة التي تشبع نهم الجمهور دون ان يضطر معد الحوار الى الدخول في “أسئلة ملغومة ” يسعى البعض لركوب موجتها هذه الايام
