15 نوفمبر، 2024 9:33 ص
Search
Close this search box.

امام العبادي : الغاء هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام

امام العبادي : الغاء هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام

رغم حملة الاصلاحات التي بدأت بها حكومة العبادي بجدية خلال الشهور الثلاث الاولى من حكمه الا ان  العراق حل ضمن الدول العشر الأكثر فسادا في العالم لعام 2014 ، وفقا لمؤشر منظمة الشفافية الدولية ، اعتمادا على معايير اقتصادية معترف به دوليا .

من هنا ينتظر الرئيس العبادي قرارات جذرية صعبة وربما مصيرية لمتابعة حملته ضد الفساد الاداري والمالي الذي يضرب في طول الوزارات والمؤسسات الحكومية وعرضها غير مسبوقة منذ تأسست وزارة المالية العراقية عام 1921 على يد الوزير اليهودي حسقيل ساسون !ومنذ ذلك التاريخ لم يكن يراقب الحركة المالية او يحرسها سوى مؤسسة مهنية بحتة يطلق على تسميتها ” الرقابة المالية ” ودون ضجيج اعلامي او لوحات اعلانية تملأ الشوارع بتجنب الرشوة والفساد !

فلوعدنا الى جذور مشكلة الفساد المالي في بلاد الرافدين وناقشنا الأمر بشكل منطقي وعقلاني نجد بأن هناك مفصل اساسي رسخت فيه اركان الفساد ومحطة محورية تبلورت فيها قيم الفساد واطرت بها دستوريا ضمن اطار قانوني لحماية الفاسدين وترسيخ مفاهيمه وتوسيع قاعدته ، مستفيدة من وجود قاعدة فساد وفاسدين وتجار وسماسرة ومهربين يتقنون كل فنون اللعبة في الفساد والافساد من طفيليات بقايا فساد النظام البعثي السابق استفادت من البيئة التي جاءت مواتية امام شهوة عدد من السياسيين الفاسدين الذين لا يهمهم الوطن والمواطن والعلم العراقي ابدا !

تأسيس هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام من قبل الاحتلال الامريكي ومن قبل حاكمه الأوحد برايمر لم يأت من فراغ وانما نتيجة دراسات وبحوث ستراتيجية  في الدوائر الامريكية والغربية ولحق يراد به باطل  والعبرة دائما ليس بالنوايا المعلنة وانما بالنتائج  على الآرض وهذا ما حصل فعلا اننا اليوم ساقطون في الدرك الاسفل من دول الفساد ومنذ تأسيس هذه المؤسسة المشؤومة لم تقم لنا قائمة رغم وجود عناصر مخلصة غير قليلة في كل مفاصل الدولة الا أن الفساد يعم والاخلاص يتقلص دوره والامانة العامة تحاصر في زوايا حادة لا حول لها ولا قوة للمخلصين.

وجود هيئة النزاهة حق يراد به باطل  (ومع عدم انكارنا لوجود صفحات ايجابية وكشف حقائق في جانب من عملها ) وذلك للاسباب التالية :

–         ميزانيتها العالية جدا جدا اعلى من كل الوزارات والتي تشكل عبئا كبيرا على الموازنة السنوية للدولة العراقية .

–         نثرية دائرة المفتش العام في كل وزارة لا تقل عن اربع مليارات دينار سنويا .

–         رواتب منتسبي النزاهة والمفتش العام يتمتعون بكل امتيازات الموظفين مع زيادة 80% من الراتب .

–         راتب المفتش العام يبلغ راتب وكيل وزارة وهذا يشكل عبئا على الميزانية العامة .

–         قانون النزاهة نتج خرقا كبيرا للميزانية العامة لا مثيل لها في كل دول العالم وخلف جيشا من المفتشين العامين المتقاعدين الذين يستحقون راتبا تقاعديا يوازي ما كانوا يتقاضونه بالتمام والكمال بعد اربع سنوات من الخدمة حسب القانون ورسم الخدمة.

–         تحول هيئة النزاهة الى ما يشبه مديرية الأمن العامة السيئة الصيت في النظام البعثي السابق تنتهك فيها الحرمات وتهان فيه الكرامات ويدان فيها الشرفاء ويلعب فيها السفهاء ! مع احترامنا  لكل العناصر الخيرة الموجودة .

–         تحول هيئة النزاهة الى ملجأ آمن لضباط أمن النظام البعثي السابق الذين احتلوا مواقع محورية مهمة في التحقيقات  وغيرها ،الذين باتوا يكافحون نهوض العراق وتعطيل مشاريعه من خلال اصطياد المخلصين وحماية الفاسدين .

–         تسييس هيئة النزاهة صار معروفا لدى الجميع من قبل الفعاليات الحزبية القابضة على مجريات الحكومة والانتقام من الخصوم كما كان رئيس الحكومة السابق المالكي يمارسها للتخلص من خصومه بالصاق التهم الباطلة او المبالغة في القضايا .

–         تحول اروقة النزاهة الى بيئة مساعدة للرشوة والصفقات الكبيرة وتصنيف رقمي لتسعيرة كلفة غلق كل قضية .

–         تحول هيئة النزاهة لغطاء قانوني للتستر على جرائم الفساد الكبرى في العراق مثل :

1- جريمة شراء اجهزة الكشف عن المتفجرات التي نتجت عن خسارة مبالغ كبيرة جدا وتسببت في قتل الاف العراقيين من جراء استخدامها ومن العار ان تعاقب بريطانيا الشركة المصدرة وتصمت النزاهة العراقية عن اهدار حياة الآلآف من العراقيين .

2- صرف مليارات الدولارات على مشاريع الكهرباء دون نتيجة .

3- مشروع ماء الرصافة .

4- شراء الاسلحة الفاسدة

5- شراء الطائرات الكندية

6-  فساد وزارة التجارة للمواد التموينية

7- اختفاء المليارات من فائض الميزانيات السنوية السابقة 

8- سرقة تخصيصات النازحين ومخيماتهم

9- وملفات كبيرة وكبيرة جدا لا مجال لحصرها تزكم الانوف مما جعل الكثير من الموظفين الشرفاء الى طلب النقل الى خارج الهيئة هربا من الضغوط واملاءات المدراء!

 

نعتقد بأن المطلوب والمنتظر من السلطة التشريعية والتنفيذية وبالآخص امام الدكتور العبادي جملة من القرارات الصعبة ولكنها ممكنة منها الغاء هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام واعادة ربطهما بهيئة الرقابة المالية كما كان معمول به سابقا .

ونضم صوتنا الى البرلمانيين والمختصين الذين سبق وان وجهوا وفي مناسبات عديدة انتقادات واسعة لعمل هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام معتبرين بان عملهما لايرتقي الى مستوى الغرض الذي وجدا من اجلهما , اضافة الى اخضاع المؤسستين الى الرضوخ الى ضغوطات الاحزاب والشخصيات المتنفذة. وكان النائب السابق وائل عبد اللطيف قد اعتبر ” هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام من المؤسسات التي تحمي الفساد والفاسدين , وذلك لهيمنة بعض القوى المتنفذه على قرارتها والتدخل في عملها وفي انتقاء فتح ملفات الفساد واجبارها على السكوت او تعطيل فتح ملفات فساد كبيرة وخطيرة”.

والأهم  من كل ما تم ذكره في خطورة  وجود هيئة النزاهة هو تعطيل النمو في العراق وفي كل المرافق الادارية والاقتصادية والخدمية ، والقضاء بشكل مباشر او غير مباشر على كل نواة الخير والبناء في نفوس الخيرين والمخلصين من العراقيين الذين باتو يشعرون بالرعب والخوف من الاقدام على اي عمل خوفا من ابتزاز عناصر النزاهة الذين باتو يصطادون بالماء العكر بهدف الايقاع بالموظف المهني الكفوء المخلص الشريف الذي لايملك غير راتبه ، كونه لا يدفع المقسوم ! لانه لايملك ما يدفعه زميله الفاسد او المرتشي !

تعطل التقدم و اعيق التطور واصيبت التنمية الوطنية بالعقم والجفاف بسبب هذه الهيئة التي اسسها برايمر لتكون فتنة بدل ان تكون خطوة متقدمة وزرعها نقمة بدلا من النعمة ! فهل يجرؤ العبادي لاحداث ثورة ادارية في عمق الفساد ليحرر المخلصين من كابوس هيئة النزاهة ومن لف لفها بألغاء هيئة النزاهة ودائرة المفتش العام وتعزيز الثقة بالرقابة المالية او دمجهما لتكون الجهة الرقابية واحدة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات