22 نوفمبر، 2024 8:40 م
Search
Close this search box.

كــركــوك الذبــــــــــــــيحة !!

كــركــوك الذبــــــــــــــيحة !!

كل من يتفكر ويقلب صفحات الماضي ، ويربط الأشياء بما يجري الآن ، يكتشف بسهولة وبساطة ولن يحتاج لذكاء سياسي أو تنظيري في الوصول بسرعة إلى نتيجة واحدة ، وهي إن ما يجري في كركوك ، هو مصغر لما يجري على أرض العراق ، كما كانت كركوك عراقاً مصغراُ أُريد لها أن تكون بالخير والتنمية والتعايش السلمي ، سعى أعداء العراق والإنسانية كما يثبت تأريخهم الأسود لقلب هذه الأمنية ، كما تشتهي إراداتهم المشبوهة عبر التأريخ .

راجعت ذاكرة قراءاتي التاريخية ، واستوقفتني حادثة مجزرة كركوك صبيحة يوم 14 تموز سنة 1959 التي قادها ملا مصطفى البرزاني آنذاك بمساعدة ومساندة من الحركة الشيوعية المتحالفة معه في حينها ، وإن ما جاء بشهادة المحامي جرجيس فتح الله القيادي المعروف في الحزب الشيوعي العراقي والحليف لحزب الملا مصطفى البرزاني ، والذي أقر بشهادته بان مجزرة كركوك كانت عملاً مدبراً ومقصوداً وإن التركمان والعرب من أهالي كركوك الإصلاء كانوا الضحية الأساسية والوحيدة لتلك المجزرة الوحشية ، حتى بعدما أضطر أهالي كركوك درء خطر الموت عن أنفسهم بارتدائهم للزى الكردي التقليدي ، مما رفع في وقتها أسعار الزى التقليدي بالأسواق لعشرة أضعاف سعره ، وحاول البعض استخدام اللغة الكردية بحواراتهم مستفيدين من معرفتهم باللغة الكردية بحكم الاختلاط الاجتماعي حتى أن القتلة ( البارتيون ) من أتباع مصطفى البرزاني حينما فطنوا لتلك المتغيرات عمدوا إلى اختبارات لغوية للمشتبه بهم مستخدمين كلمة ( بلاو / أي الثمن ) وهي الكلمة الكردية التي يمكن من خلالها تمييز الكردي عن غيره بسبب صعوبة إتقان التلفظ لغير الأكراد ، وإن جنود اللواء الرابع اللذين كان أغلبهم من الأكراد ، واللذين جرى تسميم عقولهم بأفكار مصطفى البرزاني العنصرية ، انتهزوا فرصة الأحداث ووجهوا أسلحتهم لصدور العرب والتركمان العزل من الرجال والنساء والأطفال ، وممارسة أعمال القتل والسحل وحرق البيوت بشكل وحشي لم يسبق له مثيل ، ولم تتوقف تلك الممارسات البشعة إلا بعدما تم تجريد أسلحة هؤلاء الوحوش من حوزتهم ، وتنبع أهمية شهادة جرجيس فتح الله كونه لا يحمل أفكاراً حيادية تجاه التركمان خاصة وبعض العرب بالمدينة لأنه أحد أعضاء الحزب الشيوعي المشارك فعلياً وبقوة مع جماعة البرزاني بعمليات القتل والتنكيل التي حصلت للضحايا الأبرياء العزل ، ولم يكن المحامي جرجيس فتح الله هو الشاهد الوحيد على تلك الجرائم بل كانت هناك ألاف الشهادات والوثائق التي توثق تلك المرحلة الدامية من مراحل التأريخ العراقي ، والتي لطخت فيها عصابات البرزاني الحياة السياسية العراقية بلون الدم والموت بدعم واضح من الصهيونية العالمية وقيادات عصابات الهاجانة الإسرائيلية التي كانت تعمل بصفة مستشارين لمصطفى البرزاني ، وداعمين أساسيين له ولمن معه استشاريا وعسكرياً من خلال إرسال الأسلحة والذخائر .

تلك المجازر كان ضحيتها الأساسي من العرب والتركمان ، وبعض الأكراد من المواطنين الأبرياء اللذين رفضوا وعارضو تلك الممارسات الهمجية .

وما شهادة الدكتور ناظم توفيق – من مركز الدراسات الدولية بجامعة بغداد والتي يؤكد فيها كيف أفتعل أحد أتباع البرزاني في مدينة كركوك بتمام الساعة السابعة وخمسة وعشرون دقيقة

من مساء يوم 14 تموز 1959 في منطقة السوق العصري ، بشارع أطلس مشاجرة ، حينما أطلق من فوهة مسدسه رصاصة واحدة خطط لها بكل إتقان ودقة ، مستهدفة أحد أشراف ووجهاء التركمان في كركوك أثناء حضور حفل ما يسمى ( الذكرى الأولى لثورة 14 تموز 1958 ) حيث عاش العرب والتركمان بمدينة كركوك ثلاثة أيام بلياليها بحالة من الرعب والموت والقتل على الهوية ، قام خلالها أكراد البرزاني يساندهم ثلة من الشيوعيين بأعمال القتل والسحل والحرق والتهجير ، والتمثيل بجثث الأبرياء على مرأى من العالم والحكومة ، لم تكن الحادثة طارئة كما يدعي المنفذون لها ، ولكن الأمر كان مرتباً سلفاً بعدما تم استخدام رفع شعارات مؤيدة لحركة الشواف التي حصلت بالموصل والتي رفعها مواطنين عرب وتركمان ضد حكم الجلاوزة المحيطين بحكم عبد الكريم قاسم والاعتراض على تلك الممارسات الإجرامية التي حصلت بحق العشرات من المواطنين الإبراء بتهم سياسية مختلفة ، حيث قام أولئك الشٌذاذ والمنافقين بتوريط عبد الكريم قاسم بالميل إلى جهة دون أخرى ، وحزب دون آخر ، بالرغم من خروج التركمان والعرب بمظاهرات حاشدة لتأييد تلك الثورة ما لبثت أن أخفقت المظاهرات مع حلول ظهر يوم قيامها في 8 مارس 1959 لتستباح مدينة الموصل أياماً عديدة وتُقتل نسائها وأطفالها وشيوخها وشبابها ، حيث أستغل هؤلاء الظروف الحرجة أبشع استغلال ليمدوا أذرعهم كالإخطبوط حينما أسسوا محاكمات البروليتاريا سيئة الذكر حيث أتيح للفوضويين السيطرة الكاملة على مدينة كركوك وخصوصاً بعد القبض على قائد الفرقة الثانية الزعيم الركن ناظم كامل الطبقجلي والمقدم الركن عزيز محمود شهاب ضابط ركن الفرقة واستبداله بالزعيم الركن سلمان الجنابي الذي فتح الباب أمام الفوضويين على مصراعيه ليتمتعوا بعمليات الاعتقال العشوائية ، حيث تم طرد العشرات من وظائفهم ومنهم من أحيل على التقاعد الفوري أو نفيهم بمدن وقرى جنوب العراق أو نقلهم إداريا لأبعادهم عن مدينتهم أو عوائلهم والقيام بإفراغ الوحدات العسكرية من الضباط ونواب الضباط من العرب والتركمان ، من الوحدات المحيطة بكركوك ، ومصادرة جميع الأسلحة حتى الشخصية منها ، وحتى أسلحة أو بنادق الصيد العادية ، فيما تم استبدال أغلب مدراء الدوائر مثل دوائر التربية والبلدية ، والمستشفيات ، وكانت عصابات مصطفى البرزاني بمساندة الشيوعيين تتجول ليلاً بالأحياء وهم مدججين بالأسلحة ، ويصرخون بأعلى أصواتهم بهتاف كان مشهوراً ويرددون ( ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة ) !

فيما صدرت صحف جديدة تمثل هذه الآراء العنصرية المتطرفة تضع عناوينها الرئيسية تحت عنوان المشانق والسلاح والرصاص والإشارة للثورات الحمراء في العالم المعاصر .

طيلة أربعة أشهر من الألم تم إفراغ كركوك من وجهائها وأشرافها وشجعانها .

لا أريد التوسع أكثر والغور في تلك الجرائم التي يندى لها الجبين وأكتفي بهذا الإيجاز البسيط ، كي أقارنه بما جرى طيلة الفترة القريبة الماضية ولغاية الآن، وما نتجت عنه من وقائع على ألأرض المراد من ورائها فرض الأمر الواقع .

منذ أكثر من سنتين كانت تجري عمليات تخريب متعمدة لأنبوب الخط الاستراتيجي الذي ينقل النفط الخام من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي ، ولم يكن في ذلك الوقت وجود لداعش أو من يشبهها بمناطق مسار الأنبوب المهم الذي كانت تحميه شرطة المنشئات ، وتم قتل

عشرات الشرطة من حماية الأنبوب على يد عصابات البيشمركة التي تأخذ أوامرها من مسعود البرزاني مباشرة ، وكان يجري بنفس تلك الفترة تأسيس ومد أنبوب خاص موازي تحت أشراف البرزاني كانت تشرف عليه شركة نرويجيه وتنفذه شركات صينية وهندية ، وحينما أكتمل الأنبوب مع محطات الضخ الوسطية ، ظهرت عصابات داعش لتحتل الموصل ، وينشغل الرأي العام الإقليمي والدولي بالتركيز على احتلال الموصل ، فقامت من جهتها عصابات البيشمركة باحتلال كركوك في وقت قياسي لم يتجاوز يوماً واحداً ومباشرة ومن دون أي ضجيج أعلامي بدأ العمل بربط حقول كركوك بالأنبوب الجديد ، لكي يصبح التصدير من حقول كركوك تحت سيطرة الأكراد فعلياً وعبر الأنبوب الكردي الجديد !!!

تغيرت حكومة المالكي ، وجاءت حكومة ألعبادي ، ومن دون مقدمات يتوجه عادل عبد المهدي ليبرم أتفاق مشبوه وبالظلام لأجل تشريع اعتبار كركوك جزء مما يسمى ألإقليم الكردي !! وهذا الأجراء الكردي سيتناسب تماماً مع المخطط القديم للتنظيم الذي ينتمي له عادل عبد المهدي حينما طرح ودافع وسعى بقوة عبد العزيز الحكيم في حينها لإنشاء إقليم الوسط والجنوب والذي كان هو وتنظيمه السباقين بترسيخ زج فكرة الأقاليم بنص ما يسمى الدستور .

ما يعيشه العراقيون اليوم وهم يراقبون ويسمعون ويلمسون بعض التصرفات من مسئولين يفترض أنهم يمثلون الدولة العراقية ، ولا يمثلون أحزابهم أو طوائفهم ، يجعل الأمور أكثر وضوحاً في إبراز حجم المؤامرة ، وما قام به محافظ كركوك بإصدار أوامره المشددة بمنع دخول النازحين العرب من المحافظات التي تخضع لتهديد مجرمي داعش مما تسبب بموت الأطفال والعجائز بحدود محافظة كركوك من شدة البرد والثلوج ، هذا الأجراء يؤشر لحجم وقوة روح الأجرام والعنصرية والإصرار على تدمير النسيج العراقي وزرع عوامل الفتنة والفرقة ، فكركوك تذبح يومياً من أجل هدف واحد مشترك لجميع الخونة والمجرمين هو سرقتها ومصادرتها ، على أعين الأشهاد ، ومن دون أن نسمع بيان شجب من مسئولين حكوميين أو مراجع دينية تدعي حرصها على وحدة العراق ، أو على أقل تقدير إصدار بيان رسمي من برلمانيين أنتخبهم الشعب وسلمهم أمانة تمثيله كما هو مطلوب 0

العديد من السياسيين والمتاجرين بعواطف الشعب عرباً أو أكراداً أو من أي طائفة أو ملة قد وفدت مع المحتل ومن أجل المتاجرة بعواطف الأكراد ومعاناتهم (إن كانت هناك معانات) لمصالحهم الحزبية والفئوية تغافلوا متعمدين تجربة الحكم الذاتي بمحافظات شمال العراق ، تلك التجربة الواعدة التي أسست بوضوح لتوفير أدوات وعوامل احترام الشعب الكردي والاعتراف بوضعهم القومي واحترام خصوصياتهم ، تلك التجربة التي أزعجت بقوة دول الجوار التي يتواجد فيها من القومية الكردية ، النظام السابق الذي يشيرون له السياسيون الحاليين بأسوأ التهم ، ولا يذكرون أية ايجابيات حصلت وأصبحت تأريخ مدون ، ونحن لسنا بصدد الدفاع عن النظام السابق ، لكن لابد من قول كلمة حق ، حيث الامتيازات الاقتصادية التي منحت للأكراد في السابق ، وكذلك قرار إعفاء المواطنين الأكراد من الخدمة العسكرية الإلزامية مما جعل جميع المواطنين الآخرين يشعرون بالغيرة والتميز عن أقرانهم .

كان أتباع البرزاني وآخرين من المستغفلين كانوا يواجهون تلك الانجازات بتخريب المنشئات وقتل الجنود والشرطة بدم بارد ، وإن إجراء نقل الأكراد من ( العصاة ) إلى محافظات الجنوب

كان نتيجة طبيعية وحتمية للأفعال التي لا تعطي أي انطباع بأن هؤلاء هم مواطنين صالحين ينتمون لهذا العراق ، فهل ما فعله هؤلاء السياسيين الأكراد حالياً له علاقة بالشعب الكردي البسيط ؟ أم هي متاجرة حقيقية بمشاعر وحياة هؤلاء المواطنين لمصلحة سلطة قبلية بعينها وأشخاص وأحزاب لم ولن تكون يوماً حريصة على أي كردي ، ومن هنا يجب أن تحصل حركة ثورية كردية ضد هؤلاء العملاء والجواسيس ممن أساءوا لشعبنا الكردي قبل غيره ، ومن اللذين زرعوا بعقول الأكراد بالتعمد في تربية أجيالاً متعاقبة بأن عراقيتهم مشكوك فيها ، وأن كرديتهم هي الأولى . وقد تجسد ذلك بكركوك الذبيحة على مدى جميع التجارب والأيام

أحدث المقالات