لقد إعتاد الشارع العراقي على البيانات الحكومية التي تـُشير بشكل مباشر أو غير مباشر عن كشف قوائم وهمية لموظفين ومنتسبين في وزاراتها لا سيما الأمنية منها ، تلك القوائم التي عـُرفت بقوائم ” الفضائيين ” الذين تـُصرف لهم معاشات وأرزاق ومخصصات للخطورة في ظل وضع إقتصادي إستثنائي يمر به العراق .
كما وإن الضرر الذي يـُلحقه هؤلاء ” الفضائيين ” بالدولة العراقية قد تجاوز سقفه الإقتصادي المؤثر ليساهم هو الأخر بجملة من الإرتباكات الميدانية التي إنعكست بالسلب على سلطة و سطوة الدولة على كثير من المدن والمناطق لا سيما في المحافظات الغربية والشمالية ؛ بالنظر إلى كون أغلب هؤلاء ” الفضائيين ” هم من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية والذين يمثلون رمزية الدولة في تلك المناطق والمدن التي قد سقطت فعلاً بأيدي قوى الإرهاب والتطرف الذي كـُبح تمدده وإنقشعت أحلامه ببلوغ العاصمة بفضل فتوى المرجعية الرشيدة التي صنعت معادلة جديدة في العراق تـُحاكي للمعادلة الأمنية في لبنان والتي تقوم على مقومات ثلاث ( الجيش والشعب والمقاومة ) .
وليس سراً حال أبناء فصائل المقاومة والحشد الشعبي الذين لم يتسلموا أي مستحقات مالية من الدولة خصوصاً بعد تضمينهم رسمياً في الحكومة العراقية تحت عنوان ” هيئة الحشد الشعبي ” ، ولعل سائلٌ يستغرب هذا التأخير في صرف تلك المستحقات لأبناء الحشد والفصائل في ظل الدور القيادي الذي يلعبوه في تحقيق الإنتصارات والسيطرة في مناطق ومواقع كان بلوغها حلماً يراود قادة الجيش العراقي بعد ” نكبة ” حزيران في نينوى .
إن الفوضى الأمنية التي عاشها العراق في تلك الأيام فتح الباب واسعاً أمام تلبّس العشرات بل المئات بلباس المقاومة والجهاد ، ودفعهم صوب التعامل مع “التطوع والجهاد” كباب للرزق ووسيلة لتكوين عصابات الخطف والسلب وترهيب المواطنين .
وهذا ما أوجد حقيقة ” المجاهدين الفضائيين ” الذين صرح بوجودهم نائب رئيس الوزراء العراقي ” بهاء الأعرجي ” ، والذين يقفون وراء عدم صرف تلك المستحقات المالية لأبناء الحشد وتقف حاجزاً أمام نيل المُجاهدين الحقيقيين حقوقهم الواجبة على الدولة ، وهذا ما يجعلنا أمام (جريمة) تُرتكب بحق العراق ومستقبله الأمني وبحق طائفة الشباب الذين إمتثلوا لأمر المرجعية الرشيدة وطلقوا أرزاقهم وأعمالهم صوب النصر أو الشهادة .
فهؤلاء ” الفضائيين ” لم يعتاشوا على حساب الدولة وحسب كما هو الحال مع ” فضائيي ” وزارتي الداخلية والدفاع ، بل إعتاشوا على دماء وجراحات أبناء المقاومة والحشد الشعبي ، وساهموا بتأزيم حياة المتطوعين المجاهدين الذين لا يمتلك الكثير منهم أجرة الإلتحاق إلى ميادين القتال والبعض منهم يتعذر عليه توفير العلاج لإصابته في داخل أو خارج العراق ، وأخرين غصبهم جور الدنيا وعوز العيال لترك الميادين دون رغبة .
إننا ندعوا الحكومة العراقية وقادة فصائل المقاومة والجهاد لا سيما تلك التي لها السبق والريادة في الميادين للكشف عن المتسببين بزج ” الفضائيين ” في هذا المشروع المُبارك ، والعمل الجاد على محاسبتهم والتحذير منهم وفق حدود القانون ، والعمل على توفير إحتياجات ومتطلبات أبناء قوى الحشد الشعبي بأسرع وقت ممكن . فتطهير صفوف المُجاهدين وقوى الحشد الشعبي من المتلبسين ” الفضائيين” هو تكليف شرعي ووطني لا بد من آدائه ، لما فيه من إنعكاسات مادية ومعنوية إيجابية على الحالة العراقية بشكلها العام .