15 أكتوبر، 2024 1:25 م
Search
Close this search box.

العراق .. وحرب الباراشوتات .!!

العراق .. وحرب الباراشوتات .!!

على الرغمِ من أنَّ كلمة ” باراشوت ” ليست عربية , وهي انكليزية الأصلِ والجذرِ – PARACHUTE وغدت عالمية الإستخدام , وما يقابلها بالعربيةِ ” بالطبع ” هو ” المظلّة ” , لكنها تتضمّن اكثر من معنىً , لربما نستخدم هنا هذه المفردة او تلك لغرض التوضيح , وللحديثِ علاقةٌ نتعرّضُ لها ” ادناه ” في مجالات السياسة , والأستخبارات والأمن , والإنزال الجوي + نحنُ وامريكا .!!
   لقد إطّلعنا وسمعنا جميعا في نشرات الأخبار ومن مصادرٍ عسكريةٍ وغير عسكرية عراقية موثوقة وعن شهودِ عيان , عن مشاهدة طائراتٍ امريكيةٍ تُلقي من الجو مظلاّت تحملُ صناديق اسلحةٍ وذخائر فوق او على المنطقة التي تتواجد فيها داعش بشكلٍ محدد , وتمّ تصوير تلك المظلات او ” الباراشوتات ” وعرضتها وسائل الإعلام اثناء نزولها من الجو , وقد تكررّت هذه الحاله لبضعة مرّات وشوهدت بالعين المجردة , كما لوحظَ جليّاً أنّ ما تعرّضَتْ له الولايات المتحدّة من حرجٍ جرّاءَ ذلك قد جعل تصريحاتها في نفيِ هذه الدلائل على درجةٍ بائنة من الأقتضاب .! وعلى الرغم من أنّ النفي الأمريكي غير قابلٍ للهضم ولا للأمتصاص والأستيعاب من ايةِ نواحٍ او زواياً كانت سواءً اعلامية او سياسية او عسكرية , بل انه نفيٌ يتعارض مع المنطق اساساً < واذا ما كانت امريكا جادّةً في نفيها المقتضبِ هذا , فعليها أن توضح للرأي العام جنسية المصدر الجوي ” ! ” الذي القى بحمولة الأسلحة عبر المظلات والمناطيد والباراشوتات المختلفة الأحجام , وخصوصا عبر سيطرتها على سماء العراق عبر طائرات التحالف التي تحوم في اجوائه من خلال الأستطلاع والمراقبة الجوية على تحركات داعش , وكذلك عبر عمليات القصف المفترضة التي تقوم بها , بالأضافة الى الأقمار الصناعية المُسلّطة تسليطاً على كلّ شبرٍ وزاوية في العراق < وبالمناسبة هذه فَلَم نعد نسمع منذ فترةٍ غير قصيرة عن الطلعات الجوية التي كانت تقوم بها مقاتلات سعودية واماراتية واردنية لقصف مواقع داعش ,! > , وبجانب ذلك , فأذا ما اردنا ان نتمادى ونوغِل في قبول او تقبّل النفي الأمريكي ” ولو على مضض ” من أنّ طائراتها ومروحياتها تُلقي ذخائراً واسلحةً بالمظلاّت على القوات العراقية وليس على داعش , فلماذا لا تقوم المروحيات الأمريكية من طراز ” شينوك ” او غيرها بالهبوط العمودي المباشر على مؤخّرة او ميمنة او ميسرة اي قوّة او وحدة عسكرية عراقية تواجه تنظيم الدواعش او حتى بالقرب منها !! بدلاً من القائها من من الجو وتغدو مُعرّضةً لحركة الرياح اولاً وللنيران المضادة لأسلحة داعش وضربها وهي في الجو”  ثانياً ” اذا ما كانت هذه الحمولات فعلاً مرسلة للجيش العراقي .!! .
  ” التظاهر ” الأمريكي من موضوع < الدولة الأسلامية في العراق والشام > قد اصبح بالكامل ضمنَ وتحتَ ال POLITICAL STRIPTEASE – التعرية السياسية , والتي غدت مكشوفة وفاضحة ولَمْ يبقَ مَنْ يُصدّقها …
  التسميةُ الرسمية لداعش ب : < الدولة السلامية في العراق والشام > هي اصلاً تحمل في طيّاتها وفي ظاهرها كلّ معاني عسر الهضم الفكري والنفسي والموضوعي , فكيف لتنظيمٍ ان يؤسس له دولة داخل دولتين ” العراق و سوريا ” وهو يعمل ضدّ كل ما هو كسب قاعدة جماهيرية وشعبية , بل انّ هذا التنظيم عبر سلوكه الأجرامي يؤلّب ويحرّض على كلّ ما هو بالضدّ منه , وهكذا تنظيم لا يمكن له التنفّس والعيش والبقاء دونما تمويل ودعم وإدامة لوجستية وتسليحية ومالية خارجية من دولةٍ كبرى او اكثر , وهذه الداعش التي لاتمتلك الدبابات والطائرات والصواريخ , كيف لها ان تُهزم الجيش العراقي المجهّز بأحدث الأسلحة .! ونجدها مصرّة على القتال وشنّ المعارك , وكلمّا كان وضعها العسكري حرجاً اثناء الأشتباكات نرى أنّ ” باراشوتات ” الإنقاذ تهبط عليها من الجو مُحمّلةً بكلّ ما يديم زخم المعركة , ومن الجدير جدا الأشارة هنا بأنّ المظلات التي تمّ انزالها على داعش وشوهدت وتمّ تصويرها لأكثر من مرّة قد كانت في وضح النهار , ولا ندري ما يتمّ انزاله امريكياً على الدواعش في حلكة الليل عبر التكنولوجيا الحربية الأمريكية .!!
  إنَّ ايّة مراجعةٍ لبدايات الموقف الأمريكي المعلن منذ < صنع > او < تصنيع > داعش , فأنها تكشف عن نسجِ   خيوطٍ متشابكة من علائم الإبهام التي كان يرادُ لها لتغدو كرموزٍ غير قابلةٍ للتفكيك ” وِفقَ المنظور الأمريكي السيّئ الإعداد ” , فمنذ اليوم الأول لإحتلال الموصل بسيارات ” البيك أب ” الداعشية ! كان هنالك تباطؤٌ امريكيٌّ ملحوظ في إظهار ردّ الفعل الرسمي تجاه هذا الحدث الجلل ” بغية منح الوقت الكافي للدواعش لتثبيت وضعهم العسكري على الارض ” , ثمّ تبعته تصريحاتٌ سياسية – عسكرية ” غير متوازنه ” تعلن عن النيّة لإرسال طائرات بدون طيار.! وعددها اقل من اصابع  اليد الواحدة لغرض التصوير والأستطلاع فقط ! , ولمْ يوضّح الأمريكان لماذا لم تكن طائرات استطلاعهم من التي يقودها الطيارون وهي اوسع كثيرا في مجال الحركة والتغطية .! , ثمّ  ” طوّروا ” موقفهم بأرسال ذات الطائرات وبتحميلها صاروخين او اربع , من دون ايّ دليلٍ ماديّ اذا ما جرى اطلاق تلكم الصواريخ على داعش , أمّا الفصل الآخر من المسرحية الأمريكية فكان الإعلان عن تشكيل تحالفٍ دوليٍ هش تصطفّ بريطانيا وفرنسا الى جانب الولايات المتحدة في قيادته ” وهما دولتان لا تختلف عن امريكا في مواقفهما الجذرية تجاه العرب ” كما وانّ المقاتلات الفرنسية والبريطانية المشتركة في التحالف لم نعد نسمع لها صوتاً ولا صدى منذ وقت ! أمّا الطائرات العربية فبدا واضحاً انها لأغراض ” التكحيل السياسي ” لا غير ويقرر الأمريكان لهم اهدافا محددة كآبار نفط في سوريا او مجموعة خيم في المنطقة التي تحتلها داعش ” دون معرفة مَن يسكن في هذه الخيم ” ويسمحون لطياريها بقصف اية عجلات تسير على الطرق , ثم الأدعاء بأنها داعشية , وهؤلاء الطيارين العرب لايعرفون شيئا عن المنطقة ولا يجري تزويدهم بآخر الخرائط الحديثة عن تحركات وتنقلات داعش …
  إنّ ورقة التوت الأمريكية الأخيرة المتبقية في ” حرب الباراشوتات ” غدت متهرّئة , رغم صعوبة سقوطها ! وقد امسى الدور الأمريكي في هذه ” اللعبة السياسية ” مفضوحا ومزكما للأنوف , وصار مكشوفاً حتى وسط الضباب ..
  وبالعودةِ مرّةً اخرى عن العلاقة بين – المظلات – والدور الأمريكي , فأذا افترضنا جدلاً أنَّ ما تمّ إنزاله من الجو الى او على داعش كان من طائراتٍ تركية او ايرانية , فلابدّ لأجهزة الرادار الأمريكية المنتشرة في العراق أن تكشفها فور اختراقها ودخولها الى الأجواء العراقية , وأن يُعلن الأمريكان ذلك في الإعلام , وإذ ذلك لمْ يحدث , فعلى الأدارة الأمريكية أن تبيّن من اين أتت تلك ” الباراشوتات ” .!؟
   وقد كنتُ اتمنى ” ولا ازال ” أن تقوم وسائل الإعلام العراقية بحملة اعلامية مستمرّة لمطالبة الأمريكان بتوضيح مداخلات الإنزالات الجوية المظلية على تنظيم داعش , وأن تبدأ هذه الحملة ” المفترضة ” من السفارة الأمريكية في بغداد , ومروراً بالملحق العسكري الأمريكي , وانعطافاً الى الجنرال الأمريكي ” جون آلن ” مُنسّق التحالف الدولي ضد تنظيم داعش , وكذلك الى الدبلوماسي الأمريكي ” بريت ماكغورك ” الذي يشغل منصب المسؤول في وزارة الخارجية عن ملفّي العراق وايران , وليس صعباً على الفضائيات العراقية الرسمية او فضائيات الأحزاب والقنوات الأخرى التي يمتلكوها كبار المسؤولين في الدولة أن تحاور هؤلاء المسؤولين الأمريكيين وغيرهم ايضا في هذا الشأن , واذا ما رفضوا فذلك يعني تهرّباً امريكيا جليّاً من الحقيقة , وقد يُعتبَرُ اعترافاً ضمنياً غير مباشر بمسؤولية الأمريكان بالتواطؤِ مع داعش او ادارة دفّتها سرّاً كما يتّضح يوماً بعد يوم , ولكنّ وضعنا الراهن مع داعش في وادٍ , ومجمل الإعلام العراقي في وادٍ آخرٍ وبعيد …

أحدث المقالات

أحدث المقالات