خمسة واربعون عاما مرت ….اتذكرايامها الاولى ماثلة امامي عندما ساقني قدري وانا لم اكمل العشرين ربيعا بعد للتعيين موظفا في وزارة الثقافة والاعلام انذاك .. وطوال تلك المدة الطويلة التي مارست فيها المهام والمسووليات في اغلب دوائرها ومؤسساتها المهمة والاساسية من بينها دائرة الاعلام الخارجي والاعلام فيما بعد ومصنع المبدعين وكالة الانباء العراقية او خلال السنوات العشرة التي قضيتها اعلاميا ومستشارا صحفيا ومديرا للدوائر الاعلامية والصحفية ثلاثة مرات في عدد من العواصم العربية او بعد عودتي منها بالعمل في مركز الوزارة كان هاجسي وديدني تسخير قلمي وجهدي لخدمة بلدي الحبيب ورفع شأنه الثقافي والاعلامي متذكرا على الدوام سفره التاريخي عندما اجلس امام سارية رايته ممثلا له في الموتمرات والندوات والملتقيات العربية والاقليمية والدولية .. كنت اتفيأ بظلاله لاجد الدفء والاطمئنان .
تلك السنوات المشرقة المشهودة الطويلة الحافلة بالعطاء التي تشرفت فيها بخلو سجلي الوظيفي من اي عقوبة وخرجت منها نظيف الثياب واليدين لم تلوثني مغريات الدنيا .. قدمت خلالها شبابي وعمري لخدمة العراق والموسسات التي عملت فيها .. وبعد ان دفعتني الى سن التقاعد الوظيفي القانوني اجد لزاما علي الان يفرضة الواجب الانساني والاخلاقي ان اقف احتراما وتقديرا لاساتذتي الكرام الذين اخذت ونهلت منهم الكثير .. الكثير .. حتى اينع واستوى عودي وتصلب .. والاحترام والتقدير لكل زملائي وزميلاتي واصدقائي الذين عملت معهم وعملوا معي وساعدوني لان اضع لبنة على جدار البناء الشامخ .. والتمس من الذي يعتقد منهم اني تسببت في جفوة او غصة له في نجاحي وكبوتي خلال ارهاصات واعباء المسوولية ان يقبل اعتذاري ويصفح الله سبحانه عن خطيئتي ..بعد ان تجلدت بالصبرالجميل والتحفت برداء الحليم المحتسب لادرأ من البعض اساءات ومخارز اخوة يوسف وطعناتهم سامحهم الله على افعالهم بالرغم من المرارة والالم …..
كما ان الواجب الاخلاقي يفرض نفسه لان احتضن بحنان بالغ بيتي الصغير ومحطتي الاخيرة دار ثقافة الاطفال واقبل كل بقعة فيها …منحتني الدفء واحتفت بي بعد ان ترجلت من صهوة جواد المسوولية الوظيفية باحتفالية تكريم قلدني خلالها سيدنا الجليل الاستاذ طاهر الحمود و كيل الوزارة الافدم قلادة الابداع الثقافي تقديرا لخدماتي …. وسابقى بعد تلك السنوات وفيا لبلدي العراق العزيز موطن الانبياء الذي استنشقت فيه ومنه عطر الشهادة والمبدأية وانا اطوف في رحاب ضريح سيد الوصيين في النجف الاشرف وتلمست فيه الثبات على القيم النبيلة الشريفة ورفض الظلم وانا احتضن
والوذ بمرقد سيد الشهداء وعند ابا الفضل واهل بيته الطاهرين واصحابهم الميامين في كربلاء المقدسة وفي اضرحة الائمة الاطهار في الكاظمية وسامراء ومراقد الاولياء الصالحين في بغداد وباقي مدنه المقدسة و تحسسته في حبيبات رحيق ازهارسفوح جبال كردستان ورايته في فنجان القهوة في مضارب اهلنا الكرام في الغربية وشممته عطرا في حقول اهلي وابناء عمومتي في الجنوب وفي العشق بين الماء والطين ونسيم القصب والبردي الندي حيث الطيبة والحمية والنخوة … فرحت لفرح اهلي وانتشيت .. وتلمست اوجاع بلدي في محنته نيرانا تشب بين اظلاعي افرغتها الما ودموعا ساخنة حفرت اخاديدها على وجهي . ولا اقول لكم يااحبتي .. ان صديقكم سيطوي اوراقه على قلمه بعد ترجله الوظيفي بل اقول بتحدي الثائر المتمرد الرافض للاستكاتة والركود ….. الان قد بدأت مسيرتي .. وسابقى اردد واتمتم مع نفسي بصوت خاشع
الحمد لله ..الحمد لله.. .يبقى المجد والشرف ان العراق امامي حيثما اقف
الحمد لله ..الحمد لله ..اني سأبقى الى وجـه العراق اصلي حيـــن اعتكف
الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله .. الذي من علي برحمته ورعايته وفضله بعد ان اديت واجبي وان يتقبل اعمالي بعد ان ارضيته وارضيت ضميري ويسامحني على هفواتي … .. والسلام