اطلق الرئيس الفرنسي في خطابه اليوم ( 15-1-2015 ) مبادرة عالمية نحو ( وحدة اقتصادية و ثقافية بين شعوب العالم ) ، ربما بالامكان عد اليوم تتويجا للعولمة و انعطافة كبيرة في النهج العالمي .
لا ريب ان العالم في نهاية الامر متجه نحو العولمة و لقد بينا في مناسبة سابقة ان العولمة الثقافية باتت حقيقة ، و ان العالم يتجه نحو عولمة اقتصادية ، و لا ريب ايضا ان التعاون بين ابناء البشرية ضرورة لاجل الارتقاء الانسانية ، و العولمة في جوهرها ليست اثما و لا عدوانا و انما – في حال – اتصفت بالعدل و الخيرية فانها ستكون حلا حقيقيا لمشاكل الانسانية ، لكن ما نراه فعلا ان هناك عدم نضج في التوازن ، و ان العالم يعيش ازمة قيمية و تخبط انساني لا مثيل له ، و ان سرارات الشر ما تندلع في مكان الا وحرقت مجالا واسعا من نفس البشرية و وجودها
العولمة مصير حتمي للانسانية في ظل التطورات الكبيرة في وسائل النقل و الاتصالات و و التلاقح الفكري و الاجتماعي الذي صارت الحدود الثقافية و المجتمعية تغيب فيه ، اذن المسالة ليست سوى مجرد وقت و تتحقق الوحدة العلمية في جوانب الانسانية المهمة ، و اليوم يتأكد هذا النهج بإعلان رسمي سياسي لتبني العولمة كمنهج جديد للسياسة العالمية للدول الكبر ، و رغم ان فرسنا سباقة دوما في التجديد الفكري العالمي الا انا لو افترضنا كما هو وارد ان هولاند قد تشاور و اخذ موافقة مبدئية من حلفائه فان نكون امام حقيقة العولمة السياسية .
ما يجب التأكيد عليه ان الاهم في تفكير الغربين و في خطاب هولاند هم الدول العربية ذوي الثروات ، و لاجل ان العولمة السياسية ستكون واقعا يكون من واجب العرب التقدم خطوة الى الامام و اخذ زمام المبادرة حفاظا على هويتهم و ثرواتهم ، و الا فان عصرا من الخسارات سيتحقق ما لم تكون هناك صحوة في التعامل مع الخطابات العالمية الجديدة .
من الظاهر انه حالة الضعف و التدهور التي يمر بها العرب اليوم سياسيا و اجتماعيا ستكون الارض الخصبة لتمرير املاءات العولمة السياسية ، و يمكننا ان نتصور كيف ستكون اشكال الوحدة الاقتصادية و الثقافية ، طبعا لا نريد ان نتحدث بعنصرية ممجدين العنصر العربي ، و انما نريد ان نقول انه مع غياب مشروع عربي ثقافي فان الهوية العربية آيلة الى الزوال ، و مع غياب تسراتيجية اقتصادية واضحة فان ثروات العرب ستتسرب من ايديهم ، و مع غياب نظرة سياسية و معالجة حكيمة فان عصرا من الاستعباد قادم لا محالة .