بغداد بنت جميلة شاهقة ممشوقة, قبلة الشعراء, مقر الأدباء, باتت اليوم مسبية مغلوب على أمرها, تعيش في دهاليز بلد لعبت عليه الذئاب المسعورة, بلد أصبح بلا نظام, وأهدافه المفقودة لا تعرف التحقيق, ومطالبه تائهة في دروب المجهول.
حكومات تعاقبت على بلدنا, كل همها أن تأخذ من العراق رجولته, حتى تخلو لهم بغداد, ليبيعوها في سوق الجواري, ويتاجروا بعفتها بين أرذال الساسة, والمدعين بعراقتهم وعراقيتهم.
مرت السنون وجرت الأيام مسرعة, وتغير الحال, وها هي الحكومة الجديدة تدعو للإصلاح, ومحاسبة الفاسدين, وتطبيق صوت العدالة إلا وهو صوت المرجعية الرشيدة, للقضاء على الفساد والمفسدين بكل أنواعهم, وإشاعة أجواء الأمن والأمان والأخوة, والتسامح والمواطنة بين جميع الناس, لتتحول مصائبنا الى أفراح, دون الإلتفات الى الإجندات الحزبية الفئوية والطائفية.
أيادٍ خفية حاكت المؤامرات, لتصل لغايتها, بإغتصاب بغداد أمام أعين العالم, وفي وقتهم إتجهت الإرض الى الإنهيار, وشاع قانون الإرهاب وأنتشر فكر التكفير, وأصبح كالمرض الخبيث كاد أن يصيب كل المحافظات, لولا تشخيص المرجعية الرشيدة وعلاجها المناسب, في فتواها (الجهاد الكفائي), مع وجود بعض الأطراف السياسية الشريفة, التي نادت بوجود الخديعة وضرورة التغيير.
مسؤولية كبيرة تقع اليوم على عاتق الحكومة الجديدة, للنهوض بالواقع المرير, وإعادة كرامة العراق, والحفاظ على عفة وشرف محافظاته من دنس المفسدين, وإذا أراد الإنسان الإصلاح, فعليه أن يبدأ من بيته أولا, فأغلب مفاصل الدولة التي أصابها العطب, ونخرها الفساد, ويتحكم بها رجال تابعون لحزب الدعوة, وهو بيتك أيها العبادي, الذي تنتمي اليه, ونحن وضعنا الثقة بك للسير بنا الى بر الأمان.
الغربة في بلدي أشبه بمعاناة شيخ, أوعذاب طفل, أو ظلم إمراءة, فكوني لنا عوناً أيتها الحكومة الجديدة, ولتحافظي على بلدي من الضياع.
أيها الأحرار إزرعوا الحب في أرضكم, وأجعلوا قصدكم وفرضكم خدمة بلدكم, وشرعوا طقوساً لخدمة المواطن, فإنه أحوج اليكم وتذكروا عليا (عليه السلام), ميراث الإنبياء, ومعدن الرسالة, حين قاسمَ بني الرحمة أعباء الرسالة الإسلامية, وتجرع أنواع المآسي, وخدم أمته بكل أمانة, وجمع الشتات وألّف القلوب, وأقام دولة العدل, وفنّد أعراف الجاهلية برمتها.