بداية ان مقالتي هذه ستكون بعيدة عن الجانب القانوني البحت وانما ستكون انسانية اطارها قانوني، وكلمة الدولة لا تشمل كل مفاصلها وانما البعض، ونقول:
على مدى اكثر من سبع سنوات وطيلة عملي في اكبر محكمة مختصة بالإرهاب(المحكمة الجنائية المركزية في ساعة بغداد) كرئيس غرفة المحامين ومسؤول مكتب التنسيق الخاص بالمعتقلين العراقيين مع القوات الامريكية، وفدت الينا عدة شكاوى تخص التعذيب من(محامين ومتهمين وذوي المتهم) وبعضها لمستها ميدانيا، في البداية كانت الشكاوى تأتينا فرادى لكن في السنوات الاخيرة أصبحت تأتينا بالعشرات وعلى مدى تلك السنوات تواترت الشهادات والروايات، يحكونها، تتنوع وتختلف أحيانا، وتتكرر وتتطابق أحيانا أخرى، لكنها تتفق جميعها في بشاعتها وقسوتها، وأخذت أشكال التعذيب تتشكل أمامنا بتفاصيلها ودقائقها، وكانت كثيرا ما تصدمنا وحشيتها(خصوصا ما تعرض له المعتقلين في قضية سياسية معروفة التي اريد الباسها عنوة ثوب القضاء، والتي كنت احد ضحاياها بقدرة من كانوا يعملون بالخفاء وعزم بعض المحامين) وظهرت هناك قدرة وحماسة فائقة للقائمين على التعذيب على تنفيذها، وتكرار تنفيذها، وأحيانا الابتكار والتفنن في أدائها، وصولا إلى هدف التعذيب النهائي، وهو السحق التام للضحية لأسقاط شخصية سياسية او لأسباب طائفية او حزبية، وتحقق أمامنا، بشكل مجسد إضافة لمشاهداتنا الميدانية، ما قرأناه في تقارير سابقة وحالية من منظمات دولية متعددة، عن ممارسة أبشع أشكال التعذيب التي تعيدنا الى الحقبة السابقة، وأن ممارسة التعذيب تم تعميمها على نطاق لم يسبق له مثيل، من حيث اتساعه، ومن حيث عشوائيته، وأنه يطال الغالبية، من افراد عاديين او حزبيين او سياسيين، معارضين، وأنه يمارس ضد الأفراد غالبا، وارتسمت أمامنا أيضا أنماط وأنواع من التعذيب يختص بها كثير من القائمين بالتحقيق، وجديرة بأن تنسب إليهم، وهى أنماط غير مسبوقة أو منقولة، ونسجل في هذا المقالة بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر، كما يرويها ضحاياها، أو بالأحرى أبطالها، والناجين من معاناتها المروعة، وقد عبروا المحنة ولموا شتات النفس والجسد، واستطاعوا الوقوف على أرجلهم ثانية لمتابعة الحياة، وسقط غالبيتهم تحت وطأة التعذيب الوحشي .
ويروي المعتقلين المطلق سراحهم مؤخرا (ارويها كما تحدثوا بها) عن صور للتعذيب الجسدي وهو أكثر الأنواع شيوعا، منها:
الضرب المبرح الضرب باللكمات على الوجه والرأس، وبالسياط وخراطيم المياه على الرأس وباقي أجزاء الجسد، وقلع الاظافر.
الكي بواسطة قطعة معدنية بحجم وطول قلم الرصاص للمناطق الحساسة من الجسم إضافة إلى الحرق ويتم ذلك بواسطة السجائر أو بأدوات معدنية ملتهبة أو بالزيت المغلي، وفي عدد من الحالات تم سكب مواد كيميائية ملتهبة أو بلاستيك مصهور على أجزاء مختلفة من الجسم بهدف التشويه، وتدمير فروة الرأس بتجريح الرأس وحلاقة الشعر، ويمارس بشكل خاص على النساء.
الربط المحكم بالقيد والتعليق والوقوف لساعات قد تمتد ليوم كامل، وهناك السير والوقوف في الشمس طوال النهار دون السماح له بشرب الماء، او إجباره على القفز داخل حفرة ضيقة وعميقة، أو القيام بأداء تمارين رياضية عنيفة لفترات زمنية طويلة، او الإجبار على مشاهدة شخص آخر يتم تعذيبه أو إجبار الشخص بأن يقوم بتعذيب شخص آخر وقد تكون الضحية أحد أفراد أسرة المعتقل، كأن يعذب الاب ابنه او شقيقين احد منهما يعذب الآخر، وهناك طريقة الاختيار المستحيل وهي طريقة شائعة جدا تهدف إلى الضغط على الضحية من اجل الكشف عن معلومات سرية أو بهدف الاستمرار في التعذيب، أو مقايضة المعذب على اختيارات مستحيلة مثل مقايضته انه اذا اعترف على فلان يتم اطلاق سراحه، أو تخييره ما بين إيقاف التعذيب وتأدية أفعال وحركات منافية للعرف الاجتماعي مثل ممارسة الجنس بصورة منافية للأخلاق.
إجبار الشخص على الكفر بمعتقداته الدينية أو إهانة مقدساته او سب رموزه الدينية والسياسية أو الإهانة العلنية، او الصياح مثل بعض الحيوانات وغيرها.
التعذيب الجنسي: وهو على عدة صور منها، إجبار الشخص على التعري على الملأ أو إجباره على الاشتراك في عمليات جنسية، او التحرش الجنسي بالأجزاء الحساسة منه وهتك العرض والتهديد بالاغتصاب، او بإتمام العادة السرية والقذف على المعتقلين، ويحدث هذا التحرش مع الرجال والنساء، او إدخال سلك معدني في القضيب الذكري ويترك هذا السلك يوما أو اكثر حتى يصاب الضحية بنزيف في الجهاز البولي التناسلي، ثم ينزع السلك حتى يتوقف النزيف، ثم تعاد الكرة، ومنها ربط الخصيتين بحبل يلف حول بكرة بآخرها ثقل، أو الضغط عليها بكماشة أو أي شيء اخر.
الخوزقة أو الاغتصاب بأدوات صلبة ويستخدم مع الرجال بشكل أساسي، وفية يتم إدخال عصا غليظة، أو تدفع زجاجة بفتحة الشرج أو تجبر الضحية بالجلوس عليها، وقد لا يمكن إخراج الزجاجة بسبب ضغط الهواء إلا بكسرها وهي داخل الشرج.
صب المياه الباردة أو الساخنة على الأجساد.
القفل داخل حاويات وداخل دورات المياه التي ينعدم فيها التنفس تماماً.
ربط الأعين ربطاً محكماً وعنيفاً والتعليق بواسطة الحبال في أوضاع غير مريحة لمدد تتجاوز الخمس ساعات.
تقييد الضحية عاريا في شجرة في منطقة المستنقعات او في العراء طوال الليل، أو بتقييد الضحية في وضع القرفصاء مع ثني الذراعين كما لو كان موضوعا في صندوق ضيق، وتركه لعدة أيام متصلة.
الصعق الكهربائي ويتم هذا الصعق بتوصيل أسلاك كهربية بالأصابع أو اللسان أو ما وراء الأذن والإجبار على الجلوس على كرسي مكهرب وعادة ما يتم استخدام الكهرباء في الأعضاء التناسلية.
الاغتصاب الفعلي وقد يتم من قبل فرد واحد، أو يتناوب أكثر من فرد على اغتصاب الضحية ويحدث مع الجنسين، وبنسبة أعلى مع النساء، والتهديد بإيذاء الأسرة بالتعذيب أو الاغتصاب أو القتل وكثيرا ما يتضمن ذلك محاولات فعلية لهذا الشكل من أشكال الاعتداء، كما يتضمن التهديد بإفقاد الضحية عقله.
اجبار المتهم على شرب محاليل مركزة من السكر أو الملح مع الوقوف في الشمس الحارقة حتى يزداد العطش والعرق وقد يجبر أن يرفع يديه لأعلى طوال مدة الوقوف.
وهناك الإعدام الوهمي: وفيه تعد الضحية لعملية إعدام كاملة التفاصيل ويطلب من الضحية إن يكتب وصيته ثم تجري خطوات تنفيذ الإعدام مثل تغمية العينين، أو ربط الحبل حول العنق إذا كان الإعدام شنقا أو الربط بشجرة إذا كان الإعدام بالرصاص، وفي اللحظة الأخيرة يؤجل الحكم ويتم التراجع عنه مؤقتا مع إعلان أي سبب للتأجيل، وقد تشمل الإيحاء بأن الشخص على وشك أن يتم قتله وقد يتكرر ذلك عدة مرات، وفي كل مرة تكون الضحية على موعد مع الموت بعد إن وصلت حالته من الإجهاد النفسي تجعل ذلك الموت حلما وأملا للخلاص من كابوس الحياة المستحيلة.
إجبار الضحية المعتقل على استنشاق مواد مدمرة للجهاز التنفسي وللعين ويكون ذلك بإلباس رأس المعتقل كيس قماش ملئ بالفلفل والبهارات يضيق عليه بدون تهويه وتركه يستنشق الأبخرة.
القذف بالألفاظ النابية والتهديد المستمر بإمكانية إحضار الزوجة وفعل المنكر معها أمام المعتقل.
وضع عصا بين الأرجل وثنى الجسم بعنف إلى الخلف والضرب على البطن.
وسنكمل مقالتنا لاحقا مع طريقة شيطانية في التعذيب اسمها السرداب.