احتلت امريكا العراق سنة ٢٠٠٣، ورفعت شعار الديمقراطية في العراق، وذهبت الى ابعد من ذلك في نيتها جعل العراق واحة للديمقراطية ومركز اشعاع ديمقراطي للمنطقة بأسرها تغار منه الدول العربية وتحاول الاقتداء به.
ولكن هل تحقق شيئ فعلا علئ الواقع؟ أم ان الامور تمشي وتسير بالمقلوب؟ هنا استعير العبارة الانكليزية
World is going upside done
نعم تحققت اشياء جيدة كثيرة ، ولكنها ضاعت ، ليش ما الذي حدث ؟
اردناه وتمنيناه عراقا ديمقراطيا حقا، اردناه عراق النظام المثال ، حلمنا بدولة العراق الافلاطونية ، ولكن وجدناه للاسف عراق الرعاع( الرعاعية)،وهنا لا انتقص من بلدي الحبيب العراق ولا من شعبي العظيم ( الشعب العراقي)، ولكن اريد ان أقول كيف ان الأقلية الرعاعية سيطرت وهيمنة على الأغلبية المثالية؟ فعندما اقول شيوخ فلا اعني شيوخ الأصل والفصل، وعند ذكر رجال الدين والسياسة فأقصد القلة المتنفذة (الرعاعية) وليست الكثرة المغيبة (المثالية ) وهكذا
فبدلا من شيوخ الأصل، وبعد ان كنا غير راضين عن شيوخ التسعينات( الخط والفسفورة)، صار عندنا جيوش من ( المستشيخين) من عبدة الدولار ، والتجوال على دوائر الدولة وحضور المآتم والافراح دجلا ونفاقا وبحثا عن مقاولة هنا وعقد هناك.
وبدلا من رجال الدين الذين يقومون بواجباتهم لله ولعباده، صار عندنا جحافل من ( المتدينين) فكثرت اللحى والعمايم والجبب (مع الاحترام المطلق للحى الحقيقية ولعمايم الاقتداء بعمامة المصطفى صلى الله عليه وسلم)، وبدلا من ان يقف الناس على باب رجال الدين، صار رجال الدين يطرقون ابواب المسؤولين ويطوفون على مقرات الساسة والاحزاب،
وهنا لا بد ان اشير الى كثرة العلامة( الطرة السوداء) في الكصة( الجبهة او ناصية الرأس) بل تفنن اصحابها في حجمها وشكلها ولونها، وظننت انها من أثر السجود، وانا اصلي منذ( وعيت الدنيا) ، ومن سنة ٢٠٠٣ بدأت اصلي ٧ أوقات باضافة صلاة الضحى او التوابين/ الأوابين وصلاة الليل، وسجدت في المساجد وعلى الرمل وعلى الكاشي والمرمر وأضغط رأسي على الأرض على أمل ان تصير عندي علامة ( طرة ) في كصتي وما صارت، فهمس لي احد الخبراء وقال ( ابويه احمي حجارة او احرق عطبة خرقة قماش واكوي كصتك اتصير طرة)!!
وفي العسكرية صار عندنا رتب ما موجودة في الجيش الصيني العرمرم ابو ٣ مليون بحيث ( حشاكم) صار المثل السابق حقيقة( ترمي بسطال يقع على …..)
وفي التزوير والفساد حدث ولا حرج، الذين لا يملكون شهادة المتوسطة صاروا يحملون الدكتوراه، والمستشيخين حتى يعالجوا نقصهم وحتى ما ينتقدهم احد بانهم أمية، امتحنوا خارجي متوسطة واعدادية يكتبون لهم المدرسين حلول كاملة في بيوتهم ويسلمونها مع الدفاتر الامتحانية وهكذا اخذوا شهادات ( اما في الادارة او الاجتماع) في كليات اهلية وبنفس المنوال
وبالنسبة للقضاء فاصبح المحكوم بالمؤبد او الاعدام بريء في جلسة واحدة من ١٠ دقائق!!
السؤال وبكل حيادية وبتجرد كامل: هل فعلا ان اغلبية اعضاء البرلمان هم من النخبة من الشعب؟ وهل ان اغلبية الوزراء والوكلاء والمدراء ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات وكبار الضباط هم من النخبة بين أقرانهم؟
والسؤال هل يستطيع السيد الدكتور حيدر العبادي وهو تكنوقراط وكفاءة مهنية ، اقول هل يستطيع فعلا ان يتخلص من المفسدين والمستشيخين والمتدينين الجدد والأميين بمعنى أعم وأدق من ( الرعاع)؟
اذا كان الجواب نعم ، فسنقول الحمد لله صار عراقنا عراق النظام المثال وان الامور تمشي صحيح؟ أما اذا كان الجواب لا يستطيع بسبب التوافق السياسي والتوازن الطائفي والعرقي فللاسف سيبقى عراقنا للرعاع وستمشي الامور بالمقلوب.
وهنا استعير ٣ ابيات للمرحوم ابراهيم العبد الحمادي الفهداوي وهو يخاطب احد اصدقاءه ( إبن فدعوس) ويصف اشلون الرعاع امسيطرين على النخبة المثال:
طالت اليسرة على اليمنة يبن فدعوس ….. وثعالب زمانك عل أسود ادوس
( يعني الثعالب تضع اقدامها على الأسد)
طالت اليسرة ويمناي كصرانة…. وكمنة يبن فدعوس نتذرا بعدانه
( يعني ما ظلت شجاعة وصرنا نستعين بعدونا يحمينا)
طال الكصير وصار طويلنا كصران….. شايف ابو الحصين يغزي ويحوف ابو سرحان
يعني( اختلت الموازين والجبان صار شجاع والثعلب الجبان صار يغزو الذئب ابو سرحان الشجاع)،
مجبر ان اضع معاني المفردات لخاطر احبتي من اجيال( نيدو نسبراي نستلة) لأن والله حقهم ما يعرفونها:
اليسرة ، اليمنة، يمناي ( اليد اليسرى واليمنى)
يبن فدعوس( يا إبن فدعوس)
الأسود( جمع أسد)
الكصير، كصران( القصير القامة)
كمنة( صرنا)، نتذرا( نحتمي)، بعدانة( بعدونا)
أبو الحصين( الثعلب أو إبن آوى)، يغزي(يغزو)، يحوف ( يسرق)
زين هذه القصيدة علئ ما أذكر في الستينات ( يصحح لي ذلك خالي العارفة النساب حسين محمد علي الضايع الفهداوي ابو صدام)
طيب لو الشاعر ابراهيم العبد الحمادي الآن عايش الحالة إشراح إيكول؟؟
نسأل الله ان تتمكن النخبة الخيرة المثالية الافلاطونية ان تأخذ مكانها وتزيح القلة الفاشلة الفاسدة الرعاعية ، لكي ينعم العراق بالحياة الحرة الكريمة الآمنة ويصبح كما نريده منارة الشرق والنجم الساطع الذي يهتدي به الآخرون.