شاءت الصدفة أن أكون متابعا للبرامج الحوارية التي أدارها الإعلامي المبدع الدكتور نبيل جاسم , ابتداءا من برنامجه الأول ولكم القرار وبعد ذلك بين قوسين وأخيرا برنامجه الرائع أكثر من حوار , وشاء القدر أن أكون صديقا للدكتور نبيل جاسم لأتبادل معه هموم الوطن ومعاناة الناس وآلامهم , وكلّما اشتدّ الوجع علينا , أراه يئن لهذا الوجع قبل أن أنطق به , لم ينتابني الشّك لحظة واحدة في حبه وإخلاصه لوطنه وشعبة والمحنة التي يمرّ بها الوطن , صادق في لهجته لدرجة جعلته يدخل أفئدة الناس ويستحوذ على احترامهم , وربّما هذه من أهم صفات الدكتور نبيل جاسم إضافة إلى الكاريزما التي يتمتع بها , فهو إعلامي من الطراز الأول ويعي جيدا دوره الإعلامي وما يجب أن يقوم به الإعلام المهني والنزيه , نجح نجاحا باهرا في مسك العصى من المنتصف ومن دون أن يكون منحازا لهذا الطرف السياسي أو ذاك الطرف .
الإعلامي المبدع الدكتور نبيل جاسم يطلق حملة وطنية شعواء على ظاهرة رحومي التي استفحلت في مؤسسات الدولة العراقية واصبحت كالسرطان الذي ينخر في جسد هذه المؤسسات , وبالرغم من امتداد ظاهرة رحومي إلى ايام النظام الديكتاتوري السابق , إلا أنّ هذه الظاهرة قد نمت وترعرعت في زمن أحزاب الإسلام السياسي بشكل لم تعهده الدولة العراقية من قبل وحتى في زمن الديكاتور المقبور صدّام , والحقيقة أنّ ظاهرة رحومي في مؤسسات الدولة العراقية قد كشفت عورة أحزاب الإسلام السياسي وفضحت زيف ادعاءاتها التي لطالما خدعت بها الفقراء والمحرومين , ختى أصبحت ظاهرة رحومي هي الوجه الحقيقي لأحزاب الإسلام السياسي الفاسدة , وإذا كان الدكتور نبيل جاسم قد ركزّ في حملته على السلك الدبلوماسي وممثليات العراق في الخارج , فإنّ هذه الظاهرة البعيدة كل البعد عن الدين والقيم والأخلاق , موجودة في جميع مؤسسات الدولة العراقية ابتداءا من مؤسسة الرئاسة والبرلمان وانتهاءا بوزارات الدولة العراقية ومؤسساتها , وإذا كانت هذه الظاهرة قد استفحلت في مؤسسات الدولة الرسمية , فهي للاسف الشديد قد انتقلت حتى للمؤسسات الدينية التي من المفترض أن لا تتلوّث بها , فظاهرة رحومي موجودة بأبشع صورها في سلوك أبناء مراجع الدين وحاشيتهم , حتى اصبح يخيّل للمرء إنّ ظاهرة رحومي هي فرع من فروع الدين .
إن دعم حملة الدكتور نبيل جاسم ومؤازرتها للقضاء على ظاهرة رحومي , يجب أن لا تقف عند الحلول الترقيعية التي يراد منها ذر الرماد في العيون , بل يجب أن تتعدّى ذلك لتكون ثورة المجتمع العراقي على الفساد بكل اشكاله , وثورة على الذات والقيم الفاسدة , وهذه مسؤولية كل مؤسسات المجتمع السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية , فقد آن أوان الوقوف بوجه الفساد والفاسدين , وآن أوان اقتلاع رحومي ومن جاء برحومي من اجل بناء غد افضل لشعبنا وأجيالنا القادمة .