يصف الامام علي عليه السلام رسول الله الاعظم بأنه ( طبيب دوار بطبه ) و هذا الوصف الدقيق يعكس وظيفة الاسلام بأنه الدواء الناجع و الشافي لامراض الروح و النفس و تربية الانسان لتصحيح سلوكه في الدنيا ليعبر الى الاخرة حاملاً شهادة نجاحه بيمينه و سلامة روحه و نقائها من الامراض المعنوية لهذا جاء الاسلام لاستنقاذ البشرية من ظلالها تحت مظلة الرحمة للعالمين التي كان النبي الاعظم رسول الاسلام هو قالبها و بأخلاقه و رأفته فقط أستطاع أن يقلب مجتمع البداوة المتوحش من التصحر الخلقي الى أن يحملوا الاسلام و السلام رسالة للعالم و لذا مدح الله عز وجل هذا الانسان الكامل بأنه على خلق عظيم , و لأنه طبيب مهمته ان يشفي الناس من امراضهم كانت مسيرته كلها عبارة عن اوصاف للعلاج فكانت غايته شفاء الناس مما ألم بهم و أستنقاذهم لا قتلهم و أبادتهم فلم يكن هدفه او غايته قتال الناس بل هدايتهم الى السراط السوي و لهذا أنتشر الاسلام في المعمورة و دخلت كثير من الدول الاسلام بمجرد دعوات وعرض الاسلام النقي عليهم فدخلوا فيه أفواجاً , حتى ظهر الفكر التكفيري الدخيل على الاسلام و إفرازاته السرطانية التي أصابت جسد الاسلام وبدأت الانتشار فيه بشكل يهدد وجود الاسلام برمته و الذي رافق مسيرة هذا الفكر و هذا التيار هو ابادة و قتل كل من لا يتفق فكره معهم أو لم يقتنع بما يؤمنون به فلا يوجد اسهل عندهم من تكفير شخص و من ثم أستباحة دمه فيتحول قتله الى واجب مقدس يتقرب به الى الله ، فتحول قتل الاخر و أزهاق روحه الى غاية و هدف فأستبدل الهدف الحقيقي للاسلام و هو هداية الناس الى الله الى هدف أزالة الاخر المختلف من الوجود تحت شتى الاعذار و التبريرات و هذا المنطق غريب كالطبيب الذي بدل من ان يشفي المريض من مرضه يقوم بقتله حتى يتخلص من المرض ، و هذا ما يفرق بين الاسلام الحقيقي الذي تبنته مدرسة أهل البيت و غيره من المدارس المتشددة التي شوهت صورة الاسلام و قرنت أسم الاسلام الذي هو مشتق من السلام لتجعل منه قرين الذبح و القتل و الابادة الجماعية و أعدام الاسرى و أكل الاكباد و بيع النساء و تفخيخ الاطفال و المعاقين عقلياً و هذه كلها صور قبيحة لا تمثل صورة الاسلام الذي يدعو الى الرحمة و الرأفة حتى بالطير و بالشجر و يوصي بالأسير و بالجار و القريب و البعيد , و هذا لا يعني أن الفكر التكفيري بعيد عن أختراق مدرسة أل البيت فالتعصب و التطرف موجود في كل المدارس و ان كان يتنوع في شكله و أسمه فاليوم ظهر لنا تيار متطرف يكفر الاخر و يلغيه و يدعوا الى قتله سواء كان الاخر من نفس المذهب أو من مذهب أخر و كذلك يضع له التبريرات المتسلسلة التي تنتهي بأنه كافر و منحرف و مصلحة الاسلام لا تستقيم الا بقتله و تصفيته حتى لو كان عالماً أو مرجعاً أو خطيباً أو حتى تياراً كبيراً ،و لا يتوفر حل الا بدعم الوسطية و التيار المعتدل اعلامياً و تحجيم التيار المتطرف أين ما وجد و غلق قنواتهم الاعلامية لأن السكوت عنهم اليوم سندفع ثمنه غالياً غداً .