18 ديسمبر، 2024 1:05 م

يستعين المؤلف طارق علي ـــ الباكستاني الاصل البريطاني الجنسية ــ بالتاريخ،مادة اساسية،ليكون منطلقاً موضوعيا ــ أداة وغاية ـــ في بناء خطاب روائي،يضع بين سطوره ــ بشكل واضح ــ رسالة ايدولوجية لاتحتاج الى جهد تأملي عميق،لتفكيك مفرداتها وفكِّ شفراتها.

جوهر رسالته الفنية مضمونها قائم على:الاحتفاء بتجربة حُكُم المسلمين لمدينة غرناطة وقرطبة واشبيلة وكل المدن الاوربية التي حكموها،والتي عادة مايطلق عليها بلاد الاندلس حسب منظومة مصطلحات المعارف الاسلامية،ومعلوم أن حكم المسلمين لتلك البلاد دام أكثر من خمسة قرون،ابتدأ في القرن السابع الميلادي وانتهى في القرن الخامس عشر.

رسالة الخطاب

الوضوح،في رسالة خطاب رواية ظلال شجرة الرمان،لن ينتقص من الأسلوب الفني الذي هيكل بنيتها الفنية،والذي لم تتآلف في اسس سياقه العام اساليب متنوعة. ويبدو أن هذا الخلل في التركيب،يعود إلى أن المؤلف لم يكن مشغولا بشكل اساسي باقتراحات فنية جديدة أو مدهشة من الناحية الشكلية وهو يعالج موضوعته كما ينبغي أن يكون عليه موقف اي مبدع وهو يخوض غمار تجربة جديدة في الخلق، بقدر ماكان منساقا الى ترجيح تقانات تقليدية في تأسيس ستراتيجية بنية الخطاب الروائي،لكي يبقي القارىءمشغولا بمحتوى رسالته الفكرية بمعزل عن أية انشغالات تذهب به باتجاه تفكيك طلاسم وشفرات مقترحات تقنية تتعشق وتتأطر في المعالجة الفنية.وسبب هذا الخيار في الرؤية الفنية يعود الى شخصية المؤلف ذاتها،التي يغلب عليها الوجه الراديكالي للناشط السياسي اكثر من شخصية الروائي الفنان المنشغل في تجديد لغة الخطاب الروائي داخل مشغله الفني.ويبدو ذلك واضحا من مسيرة الكاتب ونشاطاته السياسية بين صفوف الطلبة التي كانت قد ابتدأت في باكستان والبنغال منذ مطلع ستينات القرن الماضي وحتى في فترة دراسته في المملكة المتحدة .

ويمكن القول أيضا ــ بهذا السياق ــ أن القارىء يقف أمام مخطوطة سردية،لم ينجرف فيها المؤلف في متاهة التنصيص،التي كثيرا مايتم اللجوء اليها من قبل كُتَّاب الرواية عندما يتعاملون مع التاريخ مادة اساسية في اعمالهم الروائية،وذلك عبر استثمار وحدات اسلوبية متنوعة ومختلفة كالمخطوطات والوثائق والرسائل التي تنتمي للفترة التاريخية المُعَالجَة لتشكل بمجموعها جزءاً جوهريا من السياق العام لوحدة الأسلوب في بنية الخطاب الفني للرواية.بينما نجد المؤلف طارق علي قد أعطى لمخياله الروائي مساحة واسعة حتى يتحرك فيها،ليقيم عليها معماريته السردية وهو يقرأ التاريخ لينشىء من ذاته المبدعة وفق هذه القراءة عالما سرديا،يستوحي ويستقرىء عناصرهُ ــ شخوص واحداث وامكنة ومصائر وصراعات وعلاقات وافكار واخلاقيات ــ مِن التاريخ،دون أنْ يبقى مأسورا بين الغبار المتطاير من سطوره المكتوبة في صفحات الوثائق والمخطوطات .

أختار علي أن تكون تقنية الضمير الغائب أداة تقنية في سرد الأحداث،وهذا الاجراء في اختيار وجهة نظر السارد العالم بكل شيء،احدث ضعفا تقنيا في خيار هذه المعالجة الاجرائية التي تأسست عليها بنية الخطاب الروائي.بينما كان أمام المؤلف خيارات تقنية اخرى يمكن الاستناد اليها لتضطلع بمهمة السارد،فتمنح العمل بالتالي ــ من الناحية الفنية ــ نضجا وتماسكا أعمق مما هو عليه،خاصة تلك الشخصيات التي نجت من المذبحة مثل شخصية زهير الفحل وشقيقته هند،والعم هشام والعم ميكايل.

سلطة التاريخ

يشكل أحفاد عائلة حمزة بني هذيل الشخوص الرئيسية للرواية،وكان حمزة ـــ كما يشير الى ذلك المؤلف في سطور معدودة قبل مفتتح الرواية ـــ قد هاجر مع عائلته من دمشق عام (932 م) ليستقروا قرب غرناطة،وليبنوا في العام التالي على استقرارهم قرية حملت اسم العائلة تبعد نحو عشرين ميلاً عن غرناطة .

احداث الرواية الرئيسة،تنحصر في اطار زمني محدود يمتد لعدة اشهر،إلاّ أن الاطار التاريخي لاحداثها ينفتح فيه الزمن على مساحة زمنية واسعة تمتد لعدة قرون .

تبدأ الأحداث بعد مرور ثمانية اعوام على سقوط مدينة غرناطة،وخروجها من تحت سلطة المسلمين عام 1492 ومانتج عن ذلك ـــ أي خلال المدة التي اعقبت السقوط ـــ من ظلال كثيفة خيّمت على حياة المسلمين في تلك البلاد،لتضع وجودهم أمام مفترق طرق،فإما أن يركعوا خانعين طائعين أذلاء ليحافظوا على حياتهم واملاكهم، بعد أن يكونوا قد تخلوا عن دينهم لينخرطوا في دين السلطة الجديدة،أو يغادروا البلاد تاركين كل شيء خلفهم.وليس أمامهم من خيار ثالث سوى الموت، كما انتهت اليه حياة عائلة بني هذيل وكل سكان القرية في الرواية.

زبيدة:(تخاطب زوجها عمربن عبدالله ).” في أوقات كأوقاتنا ماأهَم الأعتبارات ؟ أنْ ننجو بحياتنا هنا بأفضل مانستطيع،أمْ أنْ نستعيد الخمسمائة عام المنصرمة من وجودنا لنخطط لمستقبلنا وفقا لذلك ؟

عمر : لست واثقا من جواب عن هذا السؤال ” .

ثمانية أعوام على هزيمة سلطة المسلمين وانحسارها،كانت فترة زمنية واقعية بما يكفي للمؤلف طارق علي،أن ينطلق منها لبناء منظومة علاقات انسانية متشابكة تعكس روح عصر بناه المسلمون وهو يمضي في طريقه المحتوم الى الزوال.

بنى المؤلف علاقات انسانية لاتغيب عنها وقائع التاريخ،قاصدا بذلك أن لايبتعد كثيرا بمخياله الروائي عن الحقائق التي تكشف تداعيات هذه الهزيمة،وما تفرضه من اسئلة على شخصيات الرواية حول اسبابها بعد أن كانوا اسياد هذه البلاد لأكثر من خمسة قرون،منذ أن نجحت جيوشهم في دخولها منتصرة في القرن السابع الميلادي،وهي تنطلق من شمال افريقيا في سلسلة طويلة من المعارك الضارية استمرت لعدة اعوام.

ميخيل أو ميكايل:( يخاطب أبن أخيه عمر بن عبدالله ).”أنظر إلينا. .إنَّ لنا في الاندلس حتى الآن سبعة قرون،وليس بوسعنا ترسيخ شيء يكتب له البقاء. .ليست المشكلة هي المسيحيون فحسب،أم تراها كذلك ياعمر ؟ العلة فينا تجري كالدماء في العروق ” .

سلطة المكان

في اطار اسلوبية البناء لخطاب الرواية اختار المؤلف علي أن تكون قرية بني هذيل من الناحية الفنية فضاءً مكانيا،تتكثف فيه ملامح أزمنة الوجود الاسلامي في الاندلس،ليتكشف بهذا الحضور الطاغي لسلطة المكان/القرية،شخصيات واحداث الرواية في حاضرها وكذلك ماضيها الذي يتم استداعه باستمرار طيلة المسار السردي لحكاية العائلة،وذلك باستثمار تقنية حركة الزمن الارتدادية للخلف لذاكرة الشخصيات،فكان ذلك بمثابة استذكارا نوستالجيا،لم يكن له من دافع لدى الشخصيات سوى حاضر مهزوم يشكل بأنكساراته وانهياراته نقيضا لماضي جميل.

عمر بن عبدالله:”لم يعد هناك أمر نستطيع أن نحزم فيه أمرنا دون تردد وتريث،إننا نعيش أصعب حقبة في تاريخنا،لم تنزِل بِنا مثل تلك النوائب الهائلة منذ أنْ فتح طارق بن زياد وموسى بن نصير هذه البلاد “

من هنا،يبدو المكان ــ في بنية السرد ــ المحور الذي تتحدد من خلاله قسمات ومصائر الشخصيات.وحضور المكان بهذا الشكل المُهَيمن جاء عبر دلالتين:فنية وتاريخية.

فالصراع بين الطرف المنتصر والطرف المهزوم،أساسه وجوهره:صراعاً يحمل هوية وجودية،يبدو في ظاهره وكأنه قضية صراع على المكان باعتباره:مكانا جغرافيا/اجتماعيا/دينيا/عقائديا.إلاّ أنّه يعكس في حقيقته صراعا وجوديا/حضاريا على هويته بين زمنين.وفي تجليات هذا الصراع يأخذ المكان مفهوما جدليا:إما الحضور أو الغياب / إما الوجود أو اللاوجود/إ ما الموت أو الحياة.بذلك يعكس الصراع على المكان،احتداماً ــ دمويا ــ بين مفاهيم وقيم روحية خلفتها عقول الاجيال التي عاشت عليه بكل معانيها ودلالاتها السماوية والارضية.

أيضا أخذ الحَمَّامْ حيزاً مكانياً مُهِمَّا في الحياة اليومية لشخصيات الرواية،فحمل أكثر من دلالة،خاصة إذا ماعلمنا ان في غرناطة لوحدها كان هنالك اكثر من 60 حماما اسسها المسلمون،فكان الرجال يستحمون فيها صباحا والنساء مابعد الظهر.” قبل سقوط غرناطة،كان الحمَّام هو مركز النميمة والشائعات الاجتماعية والسياسية، وغالبا ماكان يتطرق الحديث الى المغامرات الجنسية،وأحيانا يقرأ الشعر الماجن ويناقش وخصوصا في جلسات مابعد الظهيرة “. فالحمَّام بهذه الصورة يشير الى كونه مفردة مكانية ــ جديدة ــ كان المسلمون قد اضافوها الى مفردات حياة الاوربيين الذين لم يكونوا يعرفونها،.وهو المكان اليومي الأثير لكل شخصيات الرواية رجالا ونساء،فيه يؤكدون طهارة اجسادهم ونظافتها،واختلافهم عن المحتلين الذين تفوح من اجسادهم رائحة زنخة تشير إلى هويتهم.لكن بعد سقوط غرناطة وقرطبة وبالنسيا تغير كل شي وماعادت الحمامات مكانا للنقاش خوفا من القتل .

ابن داؤود المصري :”قال لي بعض الاصدقاء في مدينة بالنسية إن محاكم التفتيش في البلاد كلها تعد العدة لتسديد ضربة قاضية.قريبا سوف يحرمون علينا لغتنا ،ستكون اللغة العربية جريمة عقوبتها الموت .لن يسمحوا لنا بارتداء ثيابنا الخاصة كما يقال ايضا،سيهدمون كل حمَّام عمومي في البلاد ،سوف يحظرون موسيقانا وحفلات زفافنا وديننا .كل ذلك سوف يسقط فوق رؤوسنا خلال سنوات معدودة “.

المتن الحكائي

احداث الرواية تبدأ بنقطة فاصلة بين زمنين:ألزمن الأول في طريقه إلى الأفول والانطفاء،وكان قد اتسم بحرية وسلطة العقل والمعتقد لكل من عاشه واستظل به. وزمن ثانٍ حلَّ مكان الأول بسلطته العقائدية والاخلاقية والسلوكية،سادتُهُ رجال دين،أمسكوا السلطة الزمنية بأيديهم الغليضة،إضافة الى سلطتهم الدينية،ووصموا كل من خالفهم واختلف معهم ــ سواء في الفكرة أوالرأي أوالمعتقد ــ بالوثنية والهرطقة. فلاسلطة ولامكانة للعقل في هذا الزمن .

يبدأ الزمن الثاني في اللحظة التي يأمر فيها رئيس الاساقفة في غرناطة خيمينث دي سيسنيروس ـــ الذي يمسك بالسلطة الروحية والزمنية في آن واحد ــ بحرق اكثر من مليوني كتاب،بعد أن تم مصادرتها من 195 مكتبة عامة،كان المسلمون قد انشاؤها في المدينة اضافة الى 12 قصرا من القصور المعروفة باحتوائها على اشهر المقتنيات الخاصة من الكتب:” آمَنَ رئيس الاساقفة سيسنيروس أنه ليس بالإمكان القضاء على قوة الوثنيين،إلاّ بمحو ثقافتهم محواً تاماً،وهو مايعني التدمير المنظم لكل كتبهم.وسوف يواصل تراثهم الشفاهي حياته لفترة إلى أن تتكفَّل محاكم التفتيش بقطع الألسِنة الآثمة،إنْ لمْ يقُم بذلك هو بنفسه،فلابد أنَّ شخصا آخر سواه كان سيُنَظِّمِّ هذا الإضْرام الضروري لمحرقة الكُتب،شخصا آخر يفهم أنَّ المستقبل لابد مِن أنْ يتمَّ إنقاذهُ بالصَّرامة والانضباط،وليس بالحبِّ والتثقيفْ “.

تم مصادرة كل ماهو مكتوب باللغة العربية.من بينها الاف النسخ من القرآن،الى جانب تفاسير وتأملات فلسفية لاهوتية،كلها شكَّلت الأساس الذي بني عليه معمار الحياة الثقافية والفكرية لمدينة غرناطة ” كانت المجلدات باذخة التغليف وبديعة

الزخارف شاهدا وبرهانا على مابلغته فنون أبناء شبه الجزيرة من العرب،وقد جاوزت كل معايير الأديرة في العالم المسيحي،أما المؤلفات التي احتوتها هذه المجلدات فكانت مثار حَسَد وحقد جميع العلماء والدارسين في انحاء أوربا.ما أروع وأبدع الكومة المطروحة تحت أنظار سكان المدينة ” .

لم تنجو من هذه المحرقة سوى 300 مخطوط إستطاع الدارسون والطلاب مِن خَدَمَة الكنيسة أنْ يُقنِعوا الأسقف سيسنيروس باستثنائها من الحَرق،معظمها كتابات عربية في الطب والفلك،تمثل التقدم الهائل الذي كان المسلمون قد توصلوا اليه في هذين المجالين. “على مدار النهار بنى الجنود متراساً مِنْ مئات الألوف مِنَ المَخطوطات، وهكذا كانت الحِكمةُ الجمعية لشبه الجزيرة كلها مُلقاة هنا في سوق الحرير القديمة تحت باب الرملة ” .

هذا المشهد الافتتاحي للرواية،جاء مَدخلا مُعبِّرا وذكيَّا مِن قبل المؤلف،رسم من خلاله المناخ العام الذي سيحتدم بداخله صراع الشخوص الرئيسة.”الميدان أخْرَس،هنا أو هناك،كان الدُّخان يتصاعد من بعض النيران الخامدة.يسيرُ الأسقف خيمنيث سيسنيروس وسط الرماد وعلى محياه ابتسامة مُلتوية بينما يُدبِّرُ للخطوات التالية. كان يفكِّرُ بصوت عال:أيَّاً كانَ الانتقام الذي قد يُخططونَ له في أعماق بلواهم وحسرتهم فلن يكون ذانفع . لقد إنتصرنا.. الليلة كان نصرُنا الحقيقي ” .

سلطة الشخصية

في مقابل شخصية الاسقف سيسنيروس يقف عميد أسرة بني هذيل عمر بن عبدالله الذي رفض عرض التخلي عن ديانته مقابل الحفاظ على حياته وحياة افراد عائلته وتجارته واملاكه الشاسعة،ومعه يقف إبنه الاكبر زهير الفحل الذي يقود انتفاضة فاشلة ضد السلطة الجديدة تكون نتيجتها فادحة على سكان القرية إضافة الى افراد عائلته،فيقتلوا جميعاً نساء ورجالا واطفالا،بطرق همجية ذبحا وحرقا،مسلمين ومسيحيين ويهود،كانوا قد اعتادوا العيش معا بسلام وآمان،طيلة عشرات السنين منذ

أنْ أنشأ القرية بنو هذيل.ولم ينجوا من هذا المصير إلا من اختار التحول الى الديانة المسيحية.

اضافة الى الشخوص الاساسية المحركة للأحداث ــ الاسقف سيسنيروس وعمر وابنه زهير ـــ فقد حفلت الرواية بشخصيات عديدة اخرى منحها المؤلف مساحة واسعة،من خلالها رصف تفاصيل العلاقات الانسانية والاحداث المتشابكة في مسار الرواية،مثل شخصية هند إبنة عُمر المتمردة المُلحدة التي ترتبط بعلاقة حميمة جدا مع ابن داؤود كما لو انهما زوجين،وهو الشاب القادم من مصرالى غرناطة بحثا عن المعرفة بعد أن كان يدرس العلوم في الأزهر،فيحل ضيفاً على عائلتها ماأن يتعرف على شقيقها زهير ويصبحا صديقان،كذلك يزيد الأبن الاصغر المدلل لعُمَربن عبدالله الذي يتَّقد ذكاء بما لايتناسب مع عمره الصغيرويعشق لعبة الشطرنج ــ التي ابتكرها المسلمون في الاندلس ـــ أكثر من التسبيح،والذي يجعله المؤلف آخر شخص يقتل من قبل كورتيز قائد الجيش الاسباني نفسه.

“حين رأى يزيد رأس أبيه مُعلقا على طرف الرمح،خرَّ الصبي أرضاً وهو يبكي … قال مخاطبا قائد الجيش الاسباني :

– كنت اتمنى لو أننا قبل قرون كثيرة تعاملنا معكم كما تعاملوننا .

نظر القائد متدبرا نحو مرافقيه قبل أن يرد على يزيد وقبل أن يغرز السيف في قلبه:

-أتريان ؟ ألم أقل في وقت سابق اليوم أن الكراهية التي ستبقى في نفوس الناجين سمُّ يمكن أن يقضي علينا ؟ “.

من الشخصيات الاخرى التي قدمتها الرواية شخصية مِيكايل الذي يتحول الى الديانة المسيحية بعد أن يصاب بالكآبة نتيجة سقوطه في الخطيئة عندما ارتكب الفاحشة وهو فن السادسة عشرة مع والدته أسماء،التي كانت تحمل إسم بياترس أيام كانت شابة مسيحية صغيرة جميلة تعمل برفقة والدتها الطباخة في قرطبة عندما رأها ابن فريد تعمل لدى صديقه دون الفارو عنده في البيت اول مرة فتعلق بها وأصرَّ لحظتها على أن تكون زوجته الثالثة رغم فارق السن بينهما وعلى أنْ لايعود من

قرطبة الى قرية هذيل إلاّ وهي معه،وليتغير إسمها فيما بعد من بياترس الى أسماء بعد أن غيرت دينها من المسيحية الى الاسلام بعد زواجها،فكانت سقطتها مع ابنها ميكايل الذي انجبته من ابن فريد في لحظةٍ نفسية مضطربة كانت فيها تعيش حالة من الحرمان العاطفي والجنسي بعد وفاة زوجهاابن فريد فجأة قبل ستة أعوام وهي لم تزل بعد شابة في مقتبل العمر،ولتخفي حملها عن الجميع بعد أن فرضت على نفسها عزلة داخل غرفتها في القصر،كما اخفت عنهم اسم والد الجنين باستثناء المربية العجوز آمَه،التي تحتفظ بهذا السر طيلة حياتها ولن تبوح به إلا لهند في اخريات ايامها،مع أن جميع من في القصر كان لديهم احساس قوي بأن ميكايل هو الذي قد ارتكب هذه الخطيئة،ولتموت اسماء بعد عملية الاجهاض بفترة قصيرة.كذلك هنالك شخصية الشيخ ابن زيدون الزنديق ابن الخادمة التي تعمل في قصر السيد عمر بن عبدالله الذي تجرأ في شبابه وعشق زهرة وطلبها للزواج وبتحريض من “آمه” التي كانت هي الأخرى تعشق الزنديق،جوبه طلبه بالرفض والطرد من قبل والدها زهرة ابن فريد،كذلك هنالك شخصية زهرة التي دافعت عن عشقها بطريقة غريبة عندما انتقمت من والدها الذي رفض تزويجها من الزنديق وذلك بأن اباحت جسدها لكل من دعاها من الجنود المسيحيين في طرقات غرناطة التي نفت نفسها اليها،ليتم العثور عليها فيما بعد عارية في احدى الطرقات،ولتوضع في مصحة عقلية لمدة 50 عاما تعود بعدها لتموت في قريتها قبل أن تشهد المذبحة التي ابيد فيها افراد عائلتها مع سكان القرية الذين تجمعوا في فناء قصر شقيقها عمر بن عبدالله.”سقط كل المدافعين موتى،النساجون والخطباء،والمؤمنون الصادقون والمنافقون،والنساء والرجال،كلهم قاتلوا وقتلوا على مرأى من بعضهم بعضا.خوان المسيحي النجار،وابن حصد اليهودي،والمارق الزنديق الذي رفض عَرض عمر بالاختباء في صوامع الغلال،كان القائد الاسباني كورتيزناقما لفقده عددا كبيرا من الرجال.فأمر بنهب المنزل ثم إحراقه،ولساعة اخرى إحتفل الرجال بنصرهم ،مخمورين بالدماء،بحفلة جماعية للسلب والنهب.الأطفال الذين كانوا مختبئين في الحمامات،إما أنهم ذبحوا أو أغرقوا،وفقا لأمزجة الجنود المحتفلين،الذين اشعلوا النار في المنزل القديم وعادوا إلى معسكرهم “.

عتبة العنوان

جاءت عتبة العنوان “ظلال شجرة الرمان ” من دلالة شجر الرمان المزروع في قصر بني هذيل ولطالما استظلت به الشخصيات المحورية في ساعات الراحة والتأمل لتبوح تحت ظلالها بما يجول في داخلها.فالطفل يزيد كان يحب أن يجلس تحت شجرة الرمان وقت الغروب حين تتأهب الطيور بضجيج لأن تخلد لأعشاشها حيث تبيت الليل “. والمربية العجوز “آمَه” بعد أن رأها الطفل المدلل يزيد تجلس تحت شجرة الرمان تتحدث مع نفسها،ترد على استفساره :”آه يابني،لقد كنت أتحدث إلى ظلال شجر الرمان.على الأقل ستبقى هذه الظلال في موضعها بعد أن نكون قد رحلنا جميعا ” .

*هذا العمل،هو الجزء الاول من(خماسية الإسلام)للكاتب الباكستاني الأصل البريطاني الجنسية طارق علي، وقد صدرت له ضمن هذه السلسلة الروايات الاتية : سلطان باليرمو عام 2007،صلاح الدين عام 2008،ظلال شجرة الرمان عام 2009،التمثال الحجري عام 2010، بدأ علي بكتابة هذه السلسة اثناء حرب الخليج عام 1991 ،بعد أن وجد الغرب يملك قصورا في رؤيته لدور الإسلام الثقافي .
رواية للكاتب الباكستاني طارق علي
غيابُ الشخصية السَّاردة،حضورُ السَّاردالعَالم بكلِّ شيء .
ترجمة : محمد عبد النبي ،مراجعة: طلعت الشايب
الطبعة الاولى 2011 / الكتب خان للنشر والتوزي