18 ديسمبر، 2024 12:48 م

سنجار: رقصة الموت الأيزيدي …

سنجار: رقصة الموت الأيزيدي …

يُنقل عن صدام حسين التكريتي, ان وجباته الغذائية يجب ان تكون مغموسة بمشهد اجرامي, يعرض عليه فيلم عن مجزرة ارتكبت في احدى اوكار التعذيب او تفجير انسان او حالة ثرم جسد لضحية اواغتصاب امرأة في حضرة زوجها او ابنها , انها شهوة الترفيه عند الطاغية والتعبير الحقيقي عن طغيان الكراهية .
سنجار الحالمة, تستيقظ على حركة اهلها وهم يستقبلون القليل من الفرح والبهجة في مولود جديد او زفة عريسين او عودة مهاجر وشفاء مريض وابتسامات يتبادلها السنجاريون في الأسواق الشعبية والمقاهي الجماعية او صمت اصغاء جميل في بيت للعبادة, تلك هي دورة الحياة اليومية التي يستحقها الأحياء, تقليد يمارسه الأيزيديون بقليل من المسرة والوداعة والسلم الروحي, لكن صقور الموت لها حسابات اخرى وغيوم الجريمة تعد ادواتها لهجوم قادم وفي مكان ــ ما ــ ليوضع قدر الحالمون في مستقبل افضل على طاولة مخطط الأبادة الجماعية.
في 10/06/2014 كسرت الصقور كلس بيضاتها في اربيل وانطلقت من اوكارها ومعها التوجيهات والتعليمات واصفار لحظات التنفيذ, سقطت الموصل تحت سيطرة دواعش البعث واستقطعت كركوك من قبل دواعش الكرد, وكان لسنجار يومها المنتظر, كانت المدينة قلقة متوترة مما يحدث من خارجها غير متوقعة على انها الحلقة القادمة من الفصل الأكثر مأساوية في مدونات المؤامرة, وانها ستدخل تاريخ ابشع مقايضة بين الدواعش والدواعش, وفي الأفق جريمة اجتثاث وعملية عزل بين الأنسان الأيزيدي وارضه .
بداية سوداء ليوم اكثر سواداً, تبادل لأشقاء ادوار الرذيلة, فتحت البيشمركة الكردية ابواب المدينة وانسحبت منتشية في القادم من تفصيلات الأتفاق الكارثي, دخلت دواعش البعث لأكمال افتراسها نيابة عن دواعش الغرماء, لحظات مرعبة, قتل فيها الألاف وشرد الألاف وسبيت مئآت النساء اغلبهن من الصبايا القصر ـــ لا نريد هنا ان نضغط على وجع الذاكرة الأيزيدية ـــ فقط يمكن القول, لقد اكملت الدسيسة فصلها في اجتثاث (تطهير) المدينة من اهلها, هناك من دفنوا احياء او موتى وهناك من نزحوا الى الجبال او تمكنوا من الهرب خارج العراق وهناك من وفرت لهم الحماية المشروطة في اعادة اكردتهم عبر عملية استنساخ قاسية يفقدون فيها خصوصيتهم وهويتهم القومية .
بعد ان افرغت سنجار من اهلها, طبق الفرقاء اتفاقاتهم بشهادة ورعاية المنسق الأمريكي الأسرائيلي والدولي الأقليمي, فتم الأنسحاب الودي لدواعش البعث بعد ان شفطوا كل عائديات المدينة, انتشرت وبالود ذاته دواعش البيشمرگة الجمهوري بأشراب مسعود وابنه مسرور وسكرتير حزبه فاضل ميراني ودواعش حزبه وعشيرته دون علم وزير البيشمرگة من كتلة التغيير ــ التي قد تكون تبرزنت حتى وان لم تنتمِ ـــ وقبلت صفعة الأهانة شاهد زور على اكمال جريمة الأجتثاث ثم الأستيطان الكردي لسنجار الأيزيدية .
مجزرة حلبجة التي ارتكبها الطاغية صدام حسين, ورغم بشاعتها تعد اقل هولاً من مجزرة سنجار والمدن الأيزيدية الأخرى, الأولى ارتكبها طاغية غبي, اما الثانية فقد تم التعامل معها بحرفية وذكاء, فالعقل العشائري الكردي, ومع انه على استعداد تاريخي نفسي واخلاقي لأرتكاب ابشع الجرائم حتى مع شعبه, لكنه غير مؤهل للأعداد لجريمة بذات الدقة والذكاء الشرير كالتي تعرضت لها سنجار, بالتأكيد هناك عقول وخبرات امتهنت ارتكاب مجازر الأجتثاث والأستيطان ثم التنصل عنها وكأن الأمر حدث طاريء ويجب ان يوضع تحت بساط الأمر الواقع ثم النسيان, تماماً كما تفعله اسرائيل في الأراضي الفلسطينية .
في مجزرة حلبجة قتل بعض الألاف حسب الأحصاء الكردي, انها وفي جميع الحالات مجزرة مدانة, لكن ما يميزها عن مجزرة سنجار, ان الأخيرة رافقها عمليات اجتثاث واستيطان وسبي واغتصاب وكذلك اجتثاث عقائد ومعتقدات وهوية وتدمير بيوت للعبادة ومسخ ذاكرة, كما انها مجزرة رافقتها مجازر على الهوية لا تقل بشاعة, كمجزرة سبايكر وسجن بادوش, انها مؤامرة مشروع مجازر لا زالت ترتكب على اكثر من ثلث الجغرافية العراقية وستتواصل .
نعم ليس من السهل ان ينهض العراق من جديد, انها مرحلة معاناة لا يستهان بها, لكن التاريخ العراقي له منطقه الآخر, ان الحرية لا يمكن الأنتصار عليها, انها الحقيقة التي تنتج العقول والأفكار النيرة, المواجهات الظاهرة والمتخفية تعبر عن حراك وعي ونهضة ارادة افرزتها ارتطامات المجتمع بجدار الدولة (السلطة) ثم الحاجة الملحة الى حركة وطنية مجتمعية تهزم تلك الحالة التي يعيشها الرأي العام العراقي بكل تفصيلاتها, تلك الحالة التي تواطأ معها حثالات الطائفيين شيعة وسنة وتجنب رؤيتها المستثقف المأزوم المصاب بعمى الأنتهازية والأرتزاق .
السؤال الآخير الى السيد مسعود البرزاني : هل ان حضرتكم (لا سامح الله) مصاب بعضال التشفي بألام الضحايا كما هو المجرم صدام حسين وهل تعلم حضرتكم, ان المصالح الأمريكية ليس لها زبائن دائميون, انها تتخلى عن خيول مصالحها عندما تصبح كدائش غير نافعة لترميها كما يرمي البيض الفاسد, نرجو الا تنسى العبرة من مصير شاه ايران وصدام حسين ووالدكم عام 1975 ــ اتفاقية الجزائر ــ ونوريكا وكثيرون غيرهم, هل يصعب على حضرتكم تعلم الدرس ام انكم متورطون بما لا يمكن التراجع عنه.. ؟؟؟ .
في المنطق الكردي, تدعون ان الأيزيديين هم اكراد, بذات المنطق ترتكبون بحقهم وبالتنسيق مع دواعش البعث مثل تلك الجرائم الوحشية, ليس في الأمر غرابة عندما استدعيتم قوات الحرس الجمهوري البعثي الى اربيل واوكلتم اليها تنفيذ المجازر بحق اهالي السليمانية (الأتحاد الوطني الكردستاني) والأبرياء الذين حملوا السلاح الى جانبكم, منتصرين على شعبكم (انفسكم), انكم ياسيادة الجنرال تكتبون امجادكم ومآثركم بدماء وارواح ضحايا مكونات الشعب العراقي بما فيها المكون الكردي المستغفل, انه المستنقع الذي لا يحسد عليه من يتمرغ فيه