ونكمل مقالتنا في جزئها الأخير ونقول:
أربعة عشر/ الملفت للنظر ان المقابلة التي ظهر بها الغراوي على قناة البغدادية تشير بالدليل القاطع انه غير موقوف ويسكن في مكان مرفه وفخم وهذه نكبة كبرى، اهناك جرم أكبر من جريمة الخيانة العظمى حتى لا يتم توقيفه والتحقيق معه؟ (مع العلم كاتب المقالة ذهبت الى بيته خمس سيارات مخيفة تابعة للجهاز التنفيذي لهيئة النزاهة لألقاء القبض عليه بتهمة الجمع بين الوظيفة العامة والمحاماة وهي مخالفة، يا لسخرية القدر…) لماذا سمحت قيادات الدفاع والداخلية للغراوي ان يتكلم عن سقوط الموصل ولثلاث حلقات، وفي ليلة 27- 12- 2014 وعلى قناة ” الشرقية ” مُنع اللواء الركن خالد الحمداني(قائد الشرطة المحلية) من الحديث ؟ والان يسمح له بالتحدث مع قناة البغدادية، ان في الامر غموض يحتاج الى توضيح؛؛؛ وإذا كان الكلام عن سقوط الموصل ممنوع على قادتها الأمنيين، فهذا المنع يجب ان يشمل الجميع، هذا يعني ان وزارة الدفاع والداخلية تعرف جيداً ما سيقوله الغراوي على شاشة البغدادية وكان على الوزارتين ان تمنع المشتبه بهم جميعا، والخاضعين الى التحقيق من قبل اللجنة النيابية، بالظهور على الفضائيات، أو الادلاء بتصريحات، قد تشوش الوضع العام، وتربك سير التحقيقات الجارية.
وتنويها لقد مر على تسليم الموصل اكثر من ستة اشهر وكان المفروض ان تكون هناك ردود افعال من قبل القضاء العسكري للتحقيق في هذ المأساة، لأننا سمعنا فقط انه تم إحالة بعض الضباط الى المحكمة العسكرية بتهمة الخيانة العظمى، ولا اعرف المتهم بهذه الجريمة كيف لا يكون معتقل، ولا زال المسؤولون عن هذه الاحداث المخزية يسرحون ويمرحون ويعقدون الندوات والمؤتمرات الصحفية ولا زال خطر هروب هؤلاء القادة الى الخارج قائما، والانتخابات أظهرت لدينا قادة سياسيين لا يهتموا إلاّ بجمع أكثر عدد من الأصوات للحصول على أكبر عدد من المقاعد، والمنافسة بين هذه الكيانات أهملت الاهتمام باستعدادات الجيش وكفاءته القتالية وتنقيته من العناصر المشبوهة بل سعت فقط الى كيفية إسترضاء قادته لحصد أصوات الجنود، وغضّوا النظر عمّا يخفيه القادة والامريين الميدانيين من جنود فضائيين، ومن تابع جلسة استضافة القائدين السابقين الفريقين عبود قنبر وعلي غيدان في احدى قاعات مجلس النواب والأحاديث التي دارت معهما من قبل اللجنة التحقيقية لا بد وخيل اليه ان الاثنين وهما بكامل اناقتهما وهناك استرخاء في جلوسهم، وكانهم في زيارة لصديق، وليس في جلسة استجواب كما زعم اعضاء لجنة الامن والدفاع البرلمانية، بعد ان اظهرت اللقطات التلفزيونية التي عرضت عن الجلسة بانها حميمية بين اصدقاء وأحباب، ونؤكد أنّ اللجنة التحقيقية البرلمانية (وغيرها من اللجان) المكلّفة بأجراء التحقيقات مع القادة الكبار وضباط الوحدات العسكرية المتواجدة في محافظة نينوى أثناء المعركة، ستكون عاجزةً بالمطلق عن الوصول الى اية نتيجةٍ موضوعية وحاسمة في تحديد مسؤولية التقصير والهزيمة في معركة الموصل، لعدة أسباب:
1- الأول شكلي كونها لا تفقهُ شيئاً في الفقه العسكري، بالإضافة الى شجونٍ سياسيةٍ كبرى يتعلّقُ بعضها بالقيادات السياسية ودورها قبلَ وأثناءَ وبعدَ اندلاع المعركة.
2- السبب الثاني يتعلّقُ بالقائد العام للقوات المسلحة والذي لا يزال دوره مبهماً ازاءَ تبليغاتٍ وتحذيراتٍ مسبقه له منْ قِبَلِ السيد مسعود البرزاني حول تحشّدات داعش بنيّةِ احتلال الموصل.
3-قانوني: ان المادة (61) من الدستور العراقي النافذ قد حددت المسؤولين والأشخاص الذين يحق لمجلس النواب مسائلتهم واستجوابهم، بالرغم من ان النظام الداخلي لمجلس النواب الذي استحدث نصا في المادة(32) منه لا ينسجم ونص المادة (61) من الدستور حيث منح لمجلس النواب حق مسائلة، أعضاء مجلس الرئاسة(سابقا الان نواب رئيس الجمهورية) ومسائلة واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، واي مسؤول آخر في السلطة التنفيذية، ويحق للمجلس التحقيق مع المسؤولين المذكورين في نص المادة 61 من الدستور النافذ بشرط ان تكون هناك واقعة لها علاقة بالمصلحة العامة او حقوق المواطنين، ويحق للمجلس في ضوء ذلك طلب حضور أي فرد امامه للأدلاء بشهادة او توضيح امر ما يريده المجلس، واعطت المادة 77 من النظام الداخلي لمجلس النواب حق للجانه الدائمة وبموافقة اغلبية اعضائها دعوة وكلاء الوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة وبقية الموظفين من العسكريين والمدنيين حق طلب حضورهم للاستيضاح واخذ المعلومات منهم على ان يسبق ذلك، اعلام رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء.
لذا نجد ان اللجان البرلمانية ليس لها الحق فيما يتعلق بالأشخاص الذين لم يطالهم نص المادة 61 من الدستور ان تخضعهم للمسائلة فقط ترسل بطلبهم للاستيضاح او تستمع لشهاداتهم، مع العلم ان الذين تستمع لشهاداتهم اللجان البرلمانية تكون شهاداتهم غير ملزمة لمن ادلى بها امام اللجان؛ لانها تمت وفق إجراءات لم ينص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية المرقم 23 لسنة 1971 وتعديلاته النافذ، وليس من صلاحيات اللجان الإحالة الى القضاء؛ بعد انتهاء الاستيضاح او سماع الشهادة، بل وحتى المذكورين في نص المادة 61 لا يحق للجان البرلمانية احالتهم للقضاء حتى لو تراءى لها هناك جريمة، لان المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات الجزائية، قد نصت على ((
ا – تحرك الدعوى الجزائية بشكوى شفوية او تحريرية تقدم الى قاضي التحقيق او المحقق او اي مسؤول في مركز الشرطة او اي من اعضاء الضبط القضائي من المتضرر من الجريمة او من يقوم مقامه قانونا او اي شخص علم بوقوعها او باخبار يقدم الى اي منهم من الادعاء العام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ويجوز تقديم الشكوى في حالة الجرم المشهود الى من يكون حاضرا من ضباط الشرطة ومفوضيها.))
وبحدود ما سبق وصفه، نجد ان اللجان البرلمانية التي تشكل للتحقيق في امر ما، لا تمتلك أي صفة قضائية لأنها محددة بنصوص الدستور والقوانين ذات العلاقة، وبذلك فان كافة اجراءاتها ليس لها قيمة قانونية بقدر ما تكون ظاهرة إعلامية لامتصاص غضب الشارع والراي العام.
ونقول أخيرا اذا وسد الامر الى غير اهله وساد القوم اراذلهم فانتظروا الساعة.
لقد أصبح كثير من الضباط العراقيين عالة على الدولة همّه العنجهية والفخفخة وجمع الاموال والرتب التي امتازت بمنحها الحكومة السابقة وبطريقة تذكرنا بالنظام السابق.
وعلى الادعاء العام العسكري أن يقدم كل من كان في المسؤولية الى القضاء للمحاسبة وليس هناك مجال للتواطئ والمحاصصة أو أي اعتبار حزبي أو طائفي؛ لان الجيش يجب أن يعاد تشكيله على اسس وطنية وحرفية والحكم عليهم.
ولا أنسى ان أحيي قناة البغدادية لأنها بالفعل لوحدها مفوضية نزاهة وادعاء عام شعبي واعلامي بشقيه المدني والعسكري، بوركتم لكن هناك قضايا مهمة لم تفتح ملفاتها لحد الان وهي اهم وأخطر.
قال تعالى وقوله الحق { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}