نقل موقع وان نيوز وموقع الخليج اونلاين خبرا غريب, ومفاده أن روسيا أعلنت وعبر وكالتها الرسمية للأنباء عن توصلها لاتفاق مع العراق, يقضي بقيامها بتصدير لحوم ومنتجات ألبان وبشكل حصري أليه, تتسع لتشمل حيوانات داجنة مع منتجاتها في صفقة تستمر حتى الأول من شهر يناير لعام 2017 المقبل, والاتفاقية لا تشمل فقط استيراد اللحوم ومنتجات الدواجن والألبان, بل تتعداه إلى وضع اطر تعاون علمي وتكنولوجي بين الطرفين, على أساس اعتراف العراق بالتفوق الروسي في هذا المجال, لمساعدة البلاد على تحسين طبيعة منتجاتها الحيوانية وتطوير قطاع التغذية في السوق المحلية.
منذ عقود والعراق يعاني من فوضى اقتصادية جعلته على أساس هش, فلولا النفط لحصلت مجاعة وفوضى في العراق, بعد أن اختفت كل مصادر الدخل الحكومي للتعكز فقط على إيرادات بيع النفط, فأصبحنا اليوم نستورده حتى البصل.
لكن نستشعر خطورة خطوة استيراد اللحوم الروسية من أربع جوانب أساسية:
أولا: يمكن اعتبار اللحوم الروسية تحمل خطر كبير, حيث كانت اللحوم الروسية تحت الحظر منذ عام 2000 , بسبب انتشار أمراض عديدة مثل الحمى القلاعية, بل حتى توسع الحظر في عام 2005 ليشمل الطيور بعد انتشار فلاونزة الطيور بشكل كبير في روسيا, وفي عام 2008 امتد الحظر ليشمل الماشية المصابة بحمى الخنازير الإفريقية, وحتى لحم المواشي المصابة بالتهاب الجلد العقدي, فهل تكفينا شهادة صادرة من منظمة الصحة بان اللحوم الروسية أصبحت خالية من الأمراض تماما, ولماذا نتجه لروسيا البعيدة والمشكوك في سلامة لحومها, أنها مصيبة ارتباط السياسة بالتجارة فيضيع الحق.
ثانيا: المعروف عالميا أن روسيا الاتحادية تلجا إلى استخدام مفرط للأدوية التي تسبب في تضخم كبير للحيوانات, وتؤثر على بنيتها العضلية, مقابل مخاطر صحية جسيمة على المستهلكين, فالدول التي تجعل سلامة مواطنيها من الأولويات, فإنها تحذر من استخدام اللحوم الروسية, هذا الأمر يبدو انه تم تغييبه عن المتعاقدين مع الروس, لأسباب مجهولة.
ثالثا: روسيا بعيدة جغرافيا عن العراق, أي أن تكاليف النقل ستكون باهظة, مما يعني ارتفاع أسعار البضائع المستوردة من روسيا عن قيمتها الحقيقية, فمن الممكن استيراد ذات المواد من دول إقليمية قريبة وتكون بتكاليف اقل بكثير, مما يجعلنا هنا حائرين من الجدوى الاقتصادية من هكذا صفقة؟ فهل يكون إنعاش السوق الروسي على حساب المصلحة الاقتصادية العراقية؟
رابعا: الحقيقة أن العراق حاليا لا يعاني من أزمة لحوم, ولا من أي نقص في المواد الغذائية, ولا أي معاناة غذائية تقتضي عقد اتفاقية غريبة, وهكذا اتفاقيات تأتي لحل أزمات أو معالجة مشاكل خانقة, مما يجعل القلق يسيطر على المتابعين, وهنا على السادة المسئولين إيجاد تبريرات مقنعة للجمهور, عن الدوافع الحقيقية للدخول بهكذا اتفاقيات.
يا ترى هل يستمر غرق القارب العراقي في بحر الفوضى؟ أم أن بحارا ما سيأتي قريبا ليدير الدفة نحو بر الأمان؟