26 نوفمبر، 2024 10:43 م
Search
Close this search box.

السمات الأمثل للشخصية لمن يجري الحوارات أو يقدم البرامج التلفزيونية

السمات الأمثل للشخصية لمن يجري الحوارات أو يقدم البرامج التلفزيونية

هناك جملة سمات بنبغي ان تتسم بها الشخصيات التي تتولى مهمة إجراء الحوارات المعمقة في الفضائيات أو مقدمي البرامج التلفزيونية..ومن أبرز السمات المفضلة في هذا الشأن مايلي :
1.    ان يمتلك من يدير الحوارات في الفضائيات او يقدم برامج تلفزيونية لغة راقية يحترم فيها من يحاوره او يتحدث عنه، وينبغي ان يدرك من يقوم بمهمة الحوارات انه ليس فوق الاخرين أو وصيا عليهم، وان كل كلمة بذيئة لايستسيغها الجمهمور قد تحط من قدر صاحب الحوار وحتى الشخصية المعنية بالحوار، إذ يفترض ان يمتلك الطرفان لغة حوار مهذبة مؤدية لاتوجه التهم جزافا للاخرين ولا تستخدم لغة السباب والشتائم وما تنفر منه الاسماع، وينبغي ان يدرك المحاور ومن يتحاور معه ان تجاوز هذه المباديء الاخلاقية يعني السقوط في مستنقع الجهل والتخلف وحتى الانهيار الخلقي ان تعدت لغة الحوار الحدود الادبية والاخلاقية التي يفترض ان تبقى هي الحكم والفيصل في كل حوار بشأن أي موضوع كان سياسيا او اعلاميا او ثقافيا، ويدرك الجمهور والنخب المثقفة ان انحدار البعض ممن يجرون الحوارات والمقابلات الصحفية والتلفزيونية الى لغة الابتذال الرخيص يحط من سمعتهم امام الجمهور، وهو يقيس ثقافة اصحاب الحوارات وحتى المحاور من خلال ما يمتلكه من رصيد لغوي اخلاقي متعقل، وكلما اوغل المحاور في سقطات كلماته الجارحة او غير المهذبة فأن الكثيرين قد يواجهونه بالنفور او يوجهون له الشتائم والسباب من دون ان يدري، وهم يقرأون لغة المحاور وثقافته وفي ضوئها يكون احترام الناس والجمهور عموما لمن يجري الحوارات مع الاخرين، وكذا الحال بالنسبة لثقافة ووعي الطرف الاخر من الحوار، لكن المحاور ينبغي ان يكون هو من يمتلك القدرة على فرض الاحترام وعلى ان يجعل جمهوره ينشد اليه ويتابعه بشغف او يعزف عن سماع الحوار اذا ما وجد ان لغة المحاور ( هابطة ) او دون المستوى المطلوب.

2.    أن تتسم شخصية المحاور بالأناقة البسيطة ويختار حتى نوع البدلة التي تتلائم مع المحاور ونوع الالوان المحببة للجمهور، وان يعرف كيف يدخل الى قلب المحاور والجمهور على حد سواء ، وينبغي المحافظة على لياقة هذه الثلاثية ( المحاور والشخصية او الشخصيات التي يحاورها ومن ثم الجمهور ) فأن احسن المحاور كيفية الدخول الى محاوره، واختار الاسئلة التي يمكن من خلالها الوصول الى مايهدف اليه كان حواره ناجحا، وأدى الغرض المطلوب، أما اذا لم يعرف من اين يبدأ وراح يضرب باسئلته يمينا او شمالا ويوجه الاتهامات والتخوين للاخرين او الحط من قدر البعض فأعرف ان هذا المحاور قد وقع في ( سقطة ) الحوارات الفاشلة او غير الموفقة، وهنا تكمن خطورة من يدير الحوارات وكيف يصوغ اسئلته، وكيف يحاور ويناور لانتزاع ( الاعترافات ) ان صح التعبير من المقابل دون ان يشعره انه يريد استدراجه للكشف عن اشياء مهمة يود الغوص في اعماقها، وبدون ان يتقن ادوات لغته وثقافته المعرفية بالموضوع المثار وتشعباته يكون الحوار ناقصا وقد لايؤدي الغرض المطلوب لا للمحاور ولا للجمهور الذي يتابع الحوار، ويكون كمن ضيع المشستين كما يقال.

3.    ان يكون المحاور ذا شخصية ثقافية شبه موسوعية ويكون لديه الماما بطبيعة الشخصية او الشخصيات التي يحاورها، ويعرف توجهاتها وطموحاتها ونمط ثقافاتها وتفكيرها، حتى ينتقي الاسئلة التي تتلائم وطبيعة تفكير ومستوى هذه الشخصيات ، كل حسب ثقافته او محدودية تلك الثقافة، لكي يعرف كيف يدخل الى المشكلة او الموضوع الذي يريد ان يستوضح معه الموضوع او كشف التفاصيل المطلوبة.

4.    ان تكون الاسئلة المعدة تمتلك بعدا ثقافيا ومعرفيا بشأن الموضوع المطروح للنقاش، وتكون غالبا قصيرة ويفهمها صاحب الحوار والمتلقي الذي يتابع الحوار، بلا تعقيدات او لف او دوران، وكلما كانت الاسئلة قصيرة وواضحة ومفهومة تكون الاجابة هي الاخرى على قدر السؤال وما اريد الاستفهام عنه، اذ ان طول الاجابة هو الاخر يسبب الملل من المتلقي.

5.     ان تقتصر مهمة المحاور على طرح الاسئلة والاستيضاح عما يود الوصول اليه، لا ان يكون من يجري الحوارات هو الذي يتكلم اكثر او يريد فرض نفسه بالقوة على الاخرين الذين يجري الحوارات معهم، اذ نلحظ في بعض الاحيان ان المحاور تراه وكأنه هو الضيف يجيب نيابة عنه، والضيف حائر في تقديم ايضاحاته وما يود طرحه من اراء، واذا بالمحاور هو من يسأل ويجيب في آن واحد، وهذا هو الخطورة في الحوارات ان من يجري الحوار هو من يجيب على اسئلته وليس الضيف الذي لايترك له فرصة ان يجيب بنفسه، فماذا يتبقى للضيف ان قام المحاور بالمهمة نيابة عنه او وجه الاتهامات للاخرين دونما وجه حق او مسوغ، وعلى المحاور ان يعرف حدود مكانته وان لايتجاوزها او يشعر انه فوق من يجري الحوار معه، لكنه في الوقت نفسه لايترك من يحاوره ان يقوده، ويبقى هو جامد لايعرف كيف يتصرف، فالمحاور الذكي هو من لايترك للضيف فرصة ان يحاول التهرب من الاجابة لكي يحصل منه على قدر مهم من المعلومة التي يود الوصول اليها او الطريقة التي يكون بوسعه اكمال الحوار مع ضيفه بطريقة مريحة ومحببة الى القلب لكي تعطيه الامان والشعور بالراحة من ان من يحاوره منحه فرصة ثمينة لكي يوضح موقفه او يعبر عما يريد ايصاله من افكار ورؤى وتوجهات.

6.    كثرة مقاطعة الضيف او تركه على هواه يتكلم كليهما له سلبيات فكثرة المقاطعة تربك الاخر في ايصال فكرته وتركه على هواه يتكلم ربما يخرج اصلا عن الموضوع المثار، وكلما كان الكلام طويلا يفقد اهميته ان لم يكن للاطالة معنى.

هذه ملاحظات مهمة وددنا وضعها امام المعنيين ومن يهتمون بإجراء الحوارات او يقدمون البرامج التلفزيونية ، لكي لايتجاوزوا الخطوط الحمر التي ينبغي معرفة حدودها لكي لا تتحول الصحافة الى اسفاف ونزول عند مستويات لاتليق بمهنة الصحافة ولا صاحبة الجلالة، إذ لاحظنا في الاونة الاخيرة حالات خروج عن المألوف ممن يجرون الحوارات ويقودون البرامج التلفزيونية بما ابعدهم عن المهمة المحددة لهم وتحولوا الى وعاظ سلاطين او قادة رأي ، بل ان البعض منهم ينزل الى مستويات الشارع او المقاهي، وربما ينزل اخرون ممن يجرون الحوارات او حتى بعض الضيوف الى مادون ( لغة الفيترجية ) بكثير، مع احرامنا لهذه المهنة الشريفة لكنهم يعرفون مقصدنا من طرح هذا الموضوع، لأن الصحفي مطلوب منه ان يظهر هو القائد للمجتمع وهو من يهذب سلوكه وطباعه لا ان ينتظر من الشارع ان يهذبه او يشذب طباعه، وما يجري من اشكال حوارات هذه الايام يكاد يشعرنا بالاشمئزاز للغة المنحطة التي وصل البعض اليها وكأنه بهذه السقطات ولغة السباب والشتائم وحتى توجيه الاهانات يكون نجما لامعا واذا به يهوي امام الجمهور بسبب امثال تلك ( السقطات ) غير الموفقة.

أحدث المقالات